الطمع

“لن ترضي أبدا طالما تقول لماذا حديقة جاري أكثر اخضراراً" مثل إنجليزى يجسد ببساطة واحد من أكبر داءات البشر وزلاتهم على الإطلاق وعبر التاريخ الدافع الأول للقتل المادى والاغتيال المعنوى للآخر .

مفرق الإصدقاء ومدمر الأشقاء ومحول حياة الجميع إلى نقمةٌ وشقاء بل الدافع الأول ليقطع بعضهم بعض أرباً، يهوى بالإنسان إلى الحضيض على كل المستويات إذا تمكن منه وغالبا مايفعل !

يجعل صاحب الأموال قلق البال مشتت الحال لأنه واقع في براثن أحد كلماته السحرية: هل من مزيد ؟

يجعل صاحب الأطيان الشاسعة ينظر لصغار الملاك على أنهم فرائس يسعى لاقتناص مالديهم من قراريط أو حتى أمتارا صغيرة ليضيفها إلى آلاف الأمتار لديه ! يجعل الرجال مرضى بالنظاريه وادعاء الفحوله الكاذبة ليلفت نظر نساء لرجال وأناس آخرين لا يحلًوا له بل ويزهد فيما عنده من نساء فيسير في الشارع كالكلب يلهث وراء هذه ويتحرش بتلك وربما من عنده ملكه جمال كزوجه..

ما هذا يا سادة قاتل البشر الأول منغص حياتهم الشامل : إنه الطمع،

وهو مرض شامل عضال لا محدود القدرة ينتشر في عقل الإنسان وجسمه كالسرطان فيوجه روحه ونفسه وأعضاءه نحو ما لدي الآخرين ويحضه علي امتلاكه  مال – أرض – سعادة – امرأة – رجل – أبناء – شهرة – وسامة ... وهكذا

كل شيء يملكه إنسان هو هدف محتمل لطمع الأخرين في محيطه الاجتماعي .

والذي تتراوح نتائجه من كراهية وحقد وحسد تجاه الأخر إلي قتل وحرق وتقطيع وإذابة في الأحماض .. وهكذا

إنه يجعل الغني يعاني مشاعر الفقر لأنه دائماً ينظر لمن هم أكثر منه غني بل ويحسد بعض الفقراء علي راحة بالهم وصحتهم ويجعل صاحب البيت المترامي الأطراف يشعر بشكل يقيني أنه من المغضوب عليهم في الدنيا والأخرة لأن شخص آخر لديه قصر عالي جميل المنظر فخم المدخل وهكذا يراه هو ويبالغ في وصفه ليعمق أزمته ويبرر جشعه وطمعه .

إنه يجعل الأخ الذي ورث عشرة أفدنة يطمع في ميراث أخته ويراه أجود وأفضل وأكثر إنتاجاً فيضع يده عليه ويمنعها من ميراثها – انظر حولك – في كل مكان في عالمنا يحدث هذا كل يوم.

ما هي أسباب الطمع ؟

لقد أعيى الباحثين فهمه لأنهم انفسهم مرضي به فمن اكتشف اكتشاف جديد غاضب لأن زميله العالم الآخر وفق واكتشف شيئاً أفضل أو قام ببحثاً أشهر أو راسل مجلة علمية أرقي  وهكذا .

فمن نسأل إذاً ؟!

هناك من تحدث عن خطأ في جينات البشر حرّف الطموح والرغبة في الامتلاك عند الإنسان إلي هذا الشعور المرير بالتحسر علي ما لدى الآخرين ويجعلنا مدمنين علي جرعات الطمع فيما يسمي من وجهة نظري " الجشطمع " إنها كلمة تتكون من شعورين الجشع والطمع يمثل مخدر جديد يتعاطاه الغالبية العظمي من البشر إلا من رحم ربي .

فهذا رجل سرق أو اختلس مائة مليون جنيه فما الذي يدفعه لمزيد من الامتلاك والسرقة إنه أدمان "الجشطمع" الذى  يفكك براغي العقل ويفسد الإدراك ويقضي علي القيم حتي توقع به في غياهب السجون ولو اكتفي لأصبح كائنا غير بشري وأصابنا بالحيرة  فما السبيل لشفاء أرواحنا من تسمم "الطمع" ؟!