الجمعة 26 أبريل 2024 08:10 مـ 17 شوال 1445هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

    تقارير وقضايا

    مؤتمر «قمة الأديان» بالفاتيكان.. شيخ الأزهر يطرح مبادرة عالمية لحماية الطفل «تقرير»

    الإمام الأكبر يدعو إلي عقد مؤتمر لاحترام الحضارات خلال كلمته بقمة قادة الأديان

     

    يجب الربط بين التقدم العلمي والدين ومراعاة اتفاقيات الطفل لثوابت الثقافات الأخرى وخاصة «الشرقية»

     

    البابا فرنسيس: وثيقة الأخوة الإنسانية كانت حلما بعيدا ولكن بمشيئة الرب أصبحت حقيقة

     

    استقبال حافل لشيخ الأزهر خلال زيارته أمس للفاتيكان في إطار مشاركته بمؤتمر قِمَّــة الأديـان، والذي عقد تحت عنــوان، «تعزيز كرامة الطفل»، حيث كان في استقبال فضيلته البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، والذي عبر عن ترحيبه وتقديره الشديدين للإمام، في إطار مناقشة خطط التعاون المشترك بين الأزهر والفاتيكان لتحقيق الإخاء الإنساني الصادق، ونشر مبادئ الأخوة وثقافة التعايش المشترك.

     

    البابا فرنسيس، قال،:"إن المؤسسات الدينية الكبرى تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في نشر مبادئ الخير وقيم المحبة والسلام، مضيفا أن وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية حملت بين طياتها دليلا يقود البشرية نحو السلام العالمي والعيش المشترك، ومرجعية عالمية لكل المؤمنين بالإنسانية، ونداء لأصحاب الضمائر الحية لنبذ العنف والتطرف"، مؤكدا أن وثيقة الأخوة الإنسانية كانت حلمًا بعيدًا ولكن أصبحت حقيقة وواقعًا. 

    دعوة لنبذ البغض والكراهية

     

    ومن جهته أبدى فضيلة الإمام الأكبر سعادته بلقاء البابا فرنسيس مجددًا، مؤكدا أن هذا اللقاء يعد ترجمة فعلية ودعوة حقيقية لأتباع الديانات حول العالم بضرورة التمسك بالإخاء الإنساني، ونبذ مشاعر البغض والكراهية، وطَرق كل الأبواب التي من شأنها تهيئة الرأي العام العالمي لنشر قيم الأخوة والتعايش المشترك، مشيرا إلى أن وثيقة الأخوة الإنسانية أصبحت محل اهتمام المنطقة العربية والإسلامية.

     

    وأكد فضيلة الإمام الأكبر وقداسة بابا الفاتيكان تقديرهما للاهتمام العالمي بوثيقة الأخوة الإنسانية، مطالبين بترجمة هذا الاهتمام إلى برامج وتشريعات ومبادرات تسهم بحق في نشر المحبة والأخوة بين الناس، معربين عن تقديرهما لدعم الرئيس عبد الفتاح السيسي، لجهود الأزهر الشريف في العمل على تحقيق الأخوة الإنسانية والتسامح وترسيخهما واقعًا بين الناس، كما أعربًا أيضًا عن تقديرها لرعاية ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، للوثيقة وللجنة الدولية المنوطة بتحقيق أهدافها، وتذليل كافة الصعاب من أجل تحقيق أهدافها المنشودة.

     

    وقدم فضيلة الإمام الأكبر، الشكر لقداسة البابا فرنسيس؛ لتكريمه القاضي محمد عبد السلام، المستشار السابق لفضيلته، بأرفع تكريم يمنح من قداسة البابا "قائد مع نجمة"، معتبرًا ذلك تكريم لشباب مصر وتقدير كبير لأبناء الأزهر الشريف ولمنهج الأزهر في تعزيز التسامح والحوار.

     

    كلمة الإمام الأكبر

     

    وفي افتتاح فعاليات مؤتمر قِمَّــة الأديان، والذي عقد تحت عنوان، «تعزيز كرامة الطفل»، أعرب فضيلة شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، عن سعادته للحضور إلى الفاتيكان للعام الثاني على التوالي؛ للتباحث حول قضيةٍ من أخطر القضايا التي تُقلِق بالَ كل بيت وكلّ أُسرة في الشَّرقِ والغربِ على السَّواءِ، ألَا وهي قضيةُ «أطفـالِنا» ومستقبلهم الغامضِ المضطـربِ في مـرآةِ التكنولوجيا الحديثةِ، والعالَم الرَّقميِّ الجديدِ.

     

    سرقة براءة الأطفال

     

    وقال الإمام،:"باتَ واضحًا لممثِّلي الأديانِ ولكلِّ ذي قلبٍ وضميرٍ أنَّ هذا التطورَ «الرَّقميَّ» قد سَرق من هذه الكياناتِ البشريَّةِ الضعيفةِ، براءتَها وأحلامَها وحقوقَها في طفولةٍ تتمتَّعُ بالحبِّ الطبيعيِّ، والدِّفءِ الإنسانيِّ، وحنانِ الأُمِّ والأبِ، وفي ظِلِّ قوانينَ أخلاقيَّةٍ دوليَّةٍ صارمةٍ تحفظُ هذا الحقَّ وتُعاقبُ على الخروجِ عليه أشدَّ العقابِ، وأحسبُ أنَّ هذا المؤتمرَ وأمثالَه من المؤتمراتِ التي تَتَّخذُ من قضيَّةِ مستقبلِ الطفولةِ المحفوفِ بالمخاطرِ هَمًّا مُتواصِلًا، هذه المؤتمراتُ لم تَعُدْ -اليومَ- تَرَفًا، ولا مجرَّد واجبٍ تُغنِي فيه كلماتٌ تُلقَى في اجتماعٍ هنا أو هناك ثم ينتهي الأمرُ، بل أصبَحَ أمرًا يُلقِي على كَواهِلِ المؤمـنينَ باللهِ، وكَواهِلِ سـائرِ العُقلاءِ من المفكِّـرينَ والسِّياسيين، وأصحابِ القراراتِ السِّياسيَّةِ الدوليَّةِ، يُلقِي عليهم جميعًا واجبَ الإسراعِ بالتَّصَدِّي والمواجهةِ، وأمانةَ البحثِ الجادّ عن مخرجٍ من هذه الأخطارِ المحدِقةِ بأطفالِ اليوم وشبابِ المستقبلِ وفرسانِه، وحتى لا نُضِيفُ إلى مَآسِينا الحضاريَّةِ مأساةً جديدةً تُصِيبُ الإنسانيَّةَ في مَقْتَلٍ، ونستنسخُ بها صورةً مُتطوِّرةً من صورِ تجارةِ الرَّقيقِ، نستعيدُها في هذه البَراعِمِ البَريئةِ التي أوْشَكَت أنْ تتَحوَّلَ إلى «أرقاء» في أيدي الذين لا يُؤمنون إلَّا بالأرضِ وبالمادَّةِ وحدَها، وبما ينشأُ في ظلالِها من علاقاتِ الإنتاجِ، وفلسفاتِ السُّوقِ وقوانين العَرضِ والطَّلَبِ، وأخلاق الغرائزِ الهابطةِ والمنفَلِتةِ من كُلِّ قيودِ الفِطَرةِ المسْتَقيمة".

     

    ولفت الطيب، إلى أن حقوقَ الطفلِ في شريعةِ الإسلامِ متنوِّعةٌ ومحميَّةٌ بعُقوباتٍ شرعيَّةٍ رادعة، وهذه الحقوقُ تُمثِّلُ مَقصِدًا مُقدَّسًا من مقاصدِ الإسلام وجميعِ الأديانِ، ومُبرِّرًا من مُبرِّرات الشرائع الإلهيَّة، وحقوقُ الطفلِ في الإسلامِ تبدأُ منذُ تخلُّقِه جَنِينًا في بطنِ أُمِّه، وتصاحبُه حتى نهاية مرحلةِ الطفولةِ، وقد تعدَّدَتْ هذه الحقوقُ في الإسلام حتى صار من بينِها حقُّ الطفلِ على أبيه في أن يختارَ له اسمًا حَسَنًا لا يُعرِّضُه لسُخريةِ الأطفالِ واستهزائِهم به، وحتى لا يضطرُّه الاسمُ النشازُ إلى الانطواءِ والتوحُّدِ والعدوانيَّةِ، وكان نبيُّ الإسلامِ يتدخَّلُ بنفسِه لتغييرِ أسماءِ الأطفالِ المسكونةِ بإيحاءاتٍ تُؤذي مشاعرَ الأطفالِ، ويستبدلُ بها أسماءً أخرى مشرقةً وجميلةً.

     

    الأم المسيحية في الإسلام

     

    وأفاد شيخ الأزهر، بأن الدين الإسلام يقدمُ الأُمَّ المسيحيَّةَ أو اليهوديَّةَ في حضانةِ طفلِها على الأبِ المسلمِ في حالةِ الانفِصَالِ أو الطَّلاقِ؛ مراعاةً لمصلحة الطفل، ولأنَّ هذا النبيَّ ﷺ كان يقولُ: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا، فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وليست عباراتي المقتضبةُ عن حقوقِ الطفلِ في الإسلام هي ما حملتني -أيها السيداتُ والسادةُ!- إلى الوُقوفِ مُتَحدِّثًا أمامَكم، ولكن ما حمَلَني وجشَّمَنِي عناءَ السَّفرِ للتحدُّثِ إليكم والإنصاتِ إلى كلماتِكم مخاوفُ مُرْعِبَةٌ، أَشْعُر بها، ويَشعُر بها معي كلُّ مهمومٍ بهذه القضيَّةِ الإنسانيَّةِ، حين نُلاحِظُ أطفالَنا اليومَ، وقد صاروا عبيـدًا فاقـِدِي الحرِّيَّةِ والأهليَّةِ أمامَ جهازٍ صغيرٍ لا يُفارق أناملَ أيدِيهم البريئةِ، يَنامون به، ويستيقظون على أضوائِه الزرقاءِ، ويَخلُدون إلى عالمِه الزائفِ المقطـوعِ الصلةِ بواقِعِهم الذي يعيشـون فيه: يأكلون ويشربون ويتنفَّسون، ثم سرعانَ ما يهربون منه إلى عالمِهم الآخَر، وقد لاحظتُ بنفسي بوادرَ اضطرابٍ شديدٍ في تفكيرِ الأطفالِ مَنْ حولي مِمَّن لم يَبلُغوا سِنَّ الثامنة عشرة، تُنذِرُ بحالةٍ أشبَهُ بهُوَّةٍ عميقةٍ بين الأطفالِ من ناحيةٍ وآبائِهم وأُمَّهاتِهم وذويهم من ناحيةٍ أخرى، سواءٌ في التفكيرِ أو التصور، بل حتى في الأُسسِ المنطقيَّةِ الحاكمةِ لعمليَّةِ التفكيرِ، والتي كانت إلى عهدٍ قريبٍ محلَّ إجماعِ الأُسرةِ والصِّغارِ والكبارِ، كما لاحَظتُ ميلَ الأطفالِ إلى «العُزْلَةِ» و«التَّوحُّدِ» و«اللامبالاة»، والكسل والخمول، وبوادر العُنفِ والعداءِ المكتومِ، وغير ذلك مِمَّا يُنْذِرُ بأمراضٍ نفسيَّةٍ واجتماعيَّةٍ تَتربَّصُ بهذه الورودِ التي لم تَتَفتَّحُ أكمامُها بعدُ".

     

    وأردف الإمام الأكبر،:"ولقد شَغَلَتْ هذه المخاطرُ حَيِّزًا كبيرًا من تفكيري، وتفكيرِ أخي وصديقي قداسةِ البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، حين كُنَّا نعملُ سويًّا على إعدادِ وثيقةِ الأخوَّةِ الإنسانيَّةِ، وهو ما دفَعَنا إلى طرحِ هذه المشكلةِ ضمنَ المبادئِ الأساسيَّةِ الواردةِ بهذه الوثيقةِ التاريخيَّةِ، والتي تنصُّ على: "أنَّ حُقوقَ الأطفالِ الأساسيَّةَ في التنشئةِ الأسريَّةِ، والتغذيةِ والتعليمِ والرعايةِ، واجبٌ على الأسرةِ والمجتمعِ، وينبغي أن تُوفَّرَ وأن يُدافَعَ عنها، وألَّا يُحرَمَ منها أيُّ طفلٍ في أيِّ مكانٍ، وأن تُدانَ أيَّةُ مُمارسةٍ تَنالُ من كَرامتِهم أو تُخِلُّ بحُقُوقِهم، وكذلك ضرورةُ الانتباهِ إلى ما يَتعرَّضُون له من مَخاطِرَ - خاصَّةً في البيئةِ الرقميَّة - وتجريمِ المُتاجرةِ بطفولتهم البريئةِ، أو انتهاكها بأيِّ صُورةٍ من الصُّوَرِ."

     

    وقال الإمام،:"لا يُخامرني أدنَى شك في أنَّ هذه الثورةَ التقنيةَ الرقميةَ لن تتوقَّف عن تطور يختلطُ فيه النافع بالضَّار، والمصلحةُ بالمفسدة، ما دامت هذه الثورةُ تتطوَّر في غيبةٍ من حراسةِ الأديانِ والأخلاق الإلهيَّة، ومن هنا فإنَّ البحثَ عن حلٍّ لهذا الإشكال لا يكونُ بمجابهةِ هذه الثورةِ، وإنَّما يكونُ بالبحثِ الجادِّ عن إمكان العودةِ إلى كيفيَّةِ الربطِ بين التقدُّمِ العلميِّ وبين الدِّين بحُسبانِه حارسًا أمينًا على الأخلاقِ الإنسانيَّةِ. شريطةَ أن نَأخُذَ الدِّينَ من الكُتُبِ المقدَّسةِ ومن تعاليمِ الأنبياءِ وسُلوكهم وتصرُّفاتهم".

     

    أطفال «بوكو حرام» و«داعش»

     

    ومضى شيخ الأزهر قائلًا،:"هذا وإنَّ الانفصامَ الذي حدث بين مسارِ العلمِ ومسارِ الدِّينِ لهو -في رأيي- مأساةُ الإنسانِ المعاصرِ الذي يَتقدَّمُ في مجالِ علومه وتقنيَّاته بقدرِ ما يتقهقرُ ويتراجعُ في بابِ الأخلاقِ والآدابِ والفضائلِ، بل إنَّ هذا السِّباقَ المطردَ بين التقدُّمِ العلميِّ والتقهقر الخُلُقي هو السبب الأوحد وراءَ كوارثِ الإنسانِ الحديثِ وعلله المستعصية على العلاج.. فمن السهلِ جِدًّا أن تجد الآنَ ربطًا منطقيًّا بين التطورِ العلميِّ المذهلِ في مجالِ الأسلحةِ الفتَّاكة مثلًا، وبين الحـروبِ المأسـاويةِ اللاإنسانيةِ في بلادِنا ومنطقتِنا العربيَّةِ والإسلاميَّة، بل من السهلِ أن تجدَ علاقةً بين وفرةِ اقتصادِ السِّلاحِ وبينَ الإرهابِ، وتنظيماته وجماعاته التي استقطبت الأطفالَ إلى مُعسكراتِها وجنَّدتهم في التدريبِ والانخراطِ في صُفوفِ القتال، وها هي تقاريرُ الأُمَمِ المتحدة تُشيرُ إلى أنَّ ما يقرب من 8000 (ثمانية آلاف طفل) انضمُّوا لجماعة بوكو حرام الإرهابية، وأنَّ ثلاث مائةَ طفلٍ انضمُّوا إلى تنظيمِ داعش، وأنَّ كثيرًا منهم دُرِّبوا على الهجومِ على عائلاتهم وذويهم، إظهارًا لولائِهم الأعمى والمُطْلَقِ لقادةِ تلك التنظيمات، ولا يزالُ استقطابُ هؤلاء الضحايا الأبرياء يَجري على قَـدَمٍ وساقٍ من خلالِ شبكاتِ التَّواصُل الاجتماعي، والألعاب الرقميَّة ومواقِع إليكترونيَّة تعملُ على غَسْلِ أدمغتهم وحشوها بصورِ العُنفِ والإجرامِ والتفكيرِ العدوانيِّ، وقد استطاعَ تنظيمُ داعش أن يجنِّـدَ أعدادًا هائلةً من الأطفالِ والشَّباب والفتيات عبر هذه الوسائل، ويحوِّلهم إلى جنودٍ يقتلون فريقًا من النَّاسِ ويذبحون فريقًا آخَر.

     

    وقال الطيب، إن كارثةٌ أخرى من كوارث البيئة الإليكترونيَّة تُكشِّرُ عن أنيابِها اليوم، وهي تمكينُ وحوشِ الجرائم الجنسيَّة من سُهولةِ الاتصالِ بضحاياهم من الأطفالِ وتشجيعهم على الالتحاقِ بهم، وقُدرتهم على إخفاءِ هُويَّاتهم، وإنشاء هويَّاتٍ مُزيفةٍ تجعل من مُلاحقتهم قضائيًّا ضربًا من المستحيلِ، مِمَّا يضعُ خصوصيَّةَ الأُسَرِ وكرامة أطفالها في مَهَبِّ الريحِ، ومِمَّا حَمَل مُنظَّمة اليونيسيف في تقريرِها عن «الأطفال في العالم الإليكتروني عام 2017م» أن تُصرِّحَ بأنَّه «لا يوجد طفلٌ بمأمنٍ من المخاطرِ على شبكة الإنترنت، وأنَّ الأطفالَ الأكثرَ عُرضةً هم الأطفالُ الأكثَرُ استِخدامًا لهذه الشبكة»، ولا يَخفى عليكم أنَّ الكثير من جرائم ابتزاز الأطفالِ جِنسيًّا تحدث في دول أوروبيَّة، ودول مُتقدِّمة تكنولوجيًّا، يُسيء أطفالُها استخدامَ التقنيات الرقمية بسببِ غيابِ المراقبة.

     

    ما أظنُّني في حاجةٍ إلى التأكيدِ على الجانبِ الإيجابيِّ للتكنولوجيا الرَّقميَّة، ذلكم الجانبُ الذي قدَّمَ للإنسانيَّةِ خدماتٍ كبرى ومصالحَ هائلةً، وكثيرٌ منها يتمُّ إنجازُه في جزءٍ صغير من الزمن يُشبه لمحَ البصر، وبعضها تتلاشى فيه آمادُ الزمان وتَنطَوِي فيه أبعادُ المكان، بما يُشْبِهُ المعجزةَ، وبعضُها يختصر العالَم اختصارًا في مساحةٍ لا تتجاوزُ بضعةَ سنتيمترات، وأهمُّها في نظري هي ما تُقدِّمه التكنولوجيا الرقميةُ من توفيرِ فُرَصِ التعلُّم للأطفالِ المحرومين من هذه النعمةِ بسببِ ما ابتُلِيت به بلادُهم من صراعاتٍ وحروبٍ وفقرٍ ومجاعاتٍ وهجراتٍ قسريةٍ، ومن جانبي لا أملُّ من توجيهِ الشُّكر للمنظماتِ والمبادراتِ الحكوميَّةِ والأهليَّةِ التي وظَّفَت الوسائطَ الإليكترونيةَ في إنقاذِ هؤلاء الأطفالِ من براثنِ الجهلِ والأميَّةِ في القرنِ الواحدِ والعشرين.

     

    عودة المارد للقمقم خيال

     

    ولفت فضيلته، إلى أنه لا يدعي أنَّه يحمِلُ في جُعْبَته علاجًا لهذه العِلَّةِ الحضاريَّةِ، قائلًا،:"َوقْفُ آلة التقدُّم العلمي مستحيلٌ، والعودةُ بالماردِ إلى القمقمِ مَرَّةً أُخرى خيالٌ بائسٌ، وما يتبقَّى لنا نحن المتضرِّرين من سلبياتِ هذا التطورِ المحتومِ، سواء كُنَّا مؤمنين بالله أو غير مُؤمنين مِمَّن لا يزالُ للأخلاقِ الإنسانيَّةِ مكانٌ في قلوبهم وضمائرهم. ما يتبقَّى لنا هو:

     

    أَوَّلًا: عودةُ مسؤوليَّة الأُسرة عن الطفل، ومراقبتها للأطفالِ، وحَقّها في التوجيـهِ والتأديبِ والتهذيبِ، وألَّا يُعد شيء من ذلك ضربًا من ضروب العُنف تمارسه الأُسْرَة ضِدَّ الطفل، فحمايةُ الطفل من الأوبئة والأمراض الخُلُقيَّة أوجَبُ وألزَمُ بكثيرٍ من دعاوى حق الطفل في حُرِّيَّاتٍ لا محدودة تُقدِّمُه لقمةً سائغةً لأمراض أعنف وأشد فتكًا.

     

    وثانيًا: التذكيرُ الدائم الذي لا يمل ولا ينقطع بالآثار التدميريَّة لثورة التكنولوجيا الرقمية، ومواصلةُ طرح هذه القضايا على طاولات النقاش في المؤسسات الدِّينية أوَّلًا، ثم في مؤسَّسات التعليم. وفي البرامجِ والمقرَّراتِ التعليميَّة وبخاصةٍ في مراحلِه الأولى، وكذلك في المنظَّماتِ الحكوميَّة والأهليَّة وفي مُقدِّمتِها: منظمةُ الأمم المتحدة واليونيسكو، وغيرُها.. وأن تكون لكرامةِ الطفل أولويَّةٌ وأهميَّةٌ قُصوى في الاتفاقياتِ الدوليَّةِ الخاصَّةِ بالطفلِ، وذلك أَمَلًا في تكوينِ وعيٍّ إنسانيٍّ دوليٍّ يُمثِّلُ «مانعةَ صواعق» تحمي الأطفالَ من الاحتراقِ بلهيبِها.

     

    واختتم شيخ الأزهر، كلمته بقوله،:"عقدةٍ أخيرةٍ تَتمثَّلُ في الأثرِ السلبيِّ لعولمةِ اتفاقيات الطفل، وإلغاء الفروق، وكلِّ صورِ التمييز بين الرَّجُلِ والمرأة، فمثلًا بعضُ بنود هذه الاتفاقيات المتعلِّقة بحقوقِ الطفل صِيغَت في جَوٍّ حضاريٍّ مختلفٍ كثيرًا أو قليلًا عن جوٍّ حضاريٍّ آخَر، ومن «هنا وجَب -فيما أرى- أن تُراعى في صياغةِ حقوقِ الطفل ثوابتُ الثقافات الأخرى وبخاصةٍ: الثقافات الشرقيَّة، التي تحفلُ بالأديانِ، وتنزلها منزلةً عُليا من الاحترامِ والتقديس منذ آلافِ السنين»؛ ولذلك أدعو إلى «مؤتمر» يناقشُ هذه القضيَّة، ويأخذ في الاعتبار مبدأَ احترام الحضارات، وهو المبدأُ الوحيد الذي يُحقِّق ما نصبوا إليه جميعًا من تبادل حضاري متكافئ ومنسجم بين الشرق والغرب، أشكُر حضراتكُم جميعًا لِحُسْنِ استِماعكُم، وأتوجَّه بجزيلِ الشكرِ لكلِّ مَن أسهَمَ في تنظيم هذا المؤتمر الهام، الذي يمثل همًّا رئيسًا يجب أن يشتغل به كل الباحثين عن مستقبل أفضل لعالمنا".

     

    مؤتمر قمة الأديان تعزيز كرامة الطفل شيخ الأزهر في الفاتيكان البابا فرانسيس بابا الفاتيكان مؤتمر احترام الحضارات

    استطلاع الرأي

    أسعار العملات

    العملة شراء بيع
    دولار أمريكى 49.3414 49.4414
    يورو 53.7723 53.8961
    جنيه إسترلينى 62.9153 63.0675
    فرنك سويسرى 56.0507 56.1898
    100 ين يابانى 33.3726 33.4470
    ريال سعودى 13.1553 13.1826
    دينار كويتى 160.5278 160.9055
    درهم اماراتى 13.4325 13.4633
    اليوان الصينى 6.8549 6.8693

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 3,629 شراء 3,686
    عيار 22 بيع 3,326 شراء 3,379
    عيار 21 بيع 3,175 شراء 3,225
    عيار 18 بيع 2,721 شراء 2,764
    الاونصة بيع 112,849 شراء 114,626
    الجنيه الذهب بيع 25,400 شراء 25,800
    الكيلو بيع 3,628,571 شراء 3,685,714
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى
    مصر 24 أول خبر المطور بوابة المواطن المصري حوادث اليوم التعمير مصري بوست

    مواقيت الصلاة

    الجمعة 08:10 مـ
    17 شوال 1445 هـ 26 أبريل 2024 م
    مصر
    الفجر 03:43
    الشروق 05:17
    الظهر 11:53
    العصر 15:29
    المغرب 18:29
    العشاء 19:52