الأم .. فاطمة
آمال البنداري
سيكتب التاريخ بحروف من نور واسطر من ذهب عطاءات الأمهات المصريات ليس لاولادهن فقط بل لبلدهن أيضا وساذكر هنا سيدتان تحملان نفس الاسم إحداهن أميرة ارستقراطية من عائلة محمد على والثانية فلاحة مصرية فقيرة ولكنها عرفت العطاء بغير حدود لنرى كيف لا يعرف العطاء ثراء او فقرا فهو صفة انسانية نبيلة داخل خلايا كل أم .
الأميرة فاطمة اسماعيل ابنة الخديوي اسماعيل التى لولاها لتوقف مشروع انشاء جامعة القاهرة فلقد تعثر مشروع انشاء الجامعة ماديا رغم تبرع الكثير من الأعيان والوجهاء والافندية الا ان كل هذه التبرعات كادت أن تذهب هباء أمام مصروفات الجامعة الباهظة الى ان تدخلت هذه الأميرة السامية وتبرعت فى هذا الوقت العصيب الذى مرت به الجامعة أثناء إنشائها فلقد علمت الأميرة عن طريق طبيبها الدكتور محمد على باشا ان مشروع الجامعة قد تعثر تعثرا شديدا يكاد ان يوقفه فقررت الاميرة ان تساهم لانقاذ المشروع.
وقد نشرت جريدة الأهرام فى عددها الصادر بتاريخ ٤يوليو ١٩١٣ خبرا بعنوان البرنسيسة فاطمة هانم اسماعيل تبنى الجامعة المصرية بمالها وتوقف ٦٦١ فدان للريع و٦ افدنة فى الجيزة للبناء و١٨ الف جنيه لإقامة البناء وتعيين أربعة من مجلس إدارة الجامعة لاختيار ناظر الوقف ...وبعد وضع حجر اساس الجامعة أعلنت الأميرة تبرعها ب ٢٦ الف جنيه وعرض مجوهراتها وحليها للبيع ووضعتها تحت تصرف إدارة الجامعة لبيعها ولقد رأت الأخيرة ان يتم بيع المجوهرات خارج البلاد للحصول على اعلى سعر ولقد تم بيع المجوهرات بحوالى سبعون ألف جنيها تسلمتها إدارة الجامعة بل تكرمت الأميرة.
وتبرعت أيضا بتكاليف حفل وضع حجر الأساس الذى كان سيكلف الجامعة مبلغا كبيرا ولقد أقيم الحفل بدون حضور الأميرة فاطمة نظرا لتقاليد هذا العصر التى كانت تمنع المراءة ايا كان مركزها او وضعها الاجتماعى من حضور الاحتفالات العامة وجلست منتظرة فى قصرها خلف الجدران تنتظر من ياتى لها باخبار الحفل ولقد وضع حجر الاساس وعليه عبارة (الجامعة المصرية _ الأميرة فاطمة اسماعيل سنة ١٣٣٢ هجرية ) ولم تكتفى الأميرة بالتبرع بالمال او المجوهرات بل تبرعت أيضا يوم الافتتاح بدواة ومسطرين وقلم و شاكوش من الذهب الخالص وقطعة من الفضة قدرت وقتها ب ثمانمائة جنيه ولقد كتب اسم الأميرة فاطمة اسماعيل بماء الذهب على واجهه جامعة القاهرة تقديرا لجهودها وعطائها الغير محدود .
ولا يقتصر العطاء فقط على الفاطمات الاميرات بل نجد فاطمة أخرى فلاحة ليست بغنية من ارياف مصر المحروسة معروفة بكرمها وعطائها الغير محدود ايضا فكلما أتى اليها سائلا للمساعدة لا ترد يديه خاوية ابدا حتى انها كانت تعطيهم اثاث منزلها اذا لم تجد عندها المال أو الطعام لمساعدة السائلين انها الفلاحة المصرية فاطمة شلبى التى ارى ان عطائها لايقل عن عطاء الأميرة فكل منهن تبرعت بما تملك .
وهكذا يظل عطاء الأمهات المصريات يتدفق ولا يتوقف ولطالما عاشت على تراب هذا الوطن امهات مصريات لم يمارسن فى حياتهن سوى العطاء ليس لأبنائهن فقط ولكن للانسانية جميعا.