الجمعة 19 أبريل 2024 04:55 صـ 10 شوال 1445هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

    آراء وكتاب

    أنور وجدي .. كوكبة فنية مزدهرة في رجل واحد!

    ناصر عراق

     

    تصرخ المرأة الجميلةمن شدة آلام الوضع، يحملها زوجها من شبرا البلد ويهرع بها إلى مستشفى فؤاد للولادة بوسط القاهرة. في لحظات يدخلون الحامل الموجوعة غرفة العمليات. يجفف الزوج عرقه الغزير بمنديل "محلاوي" رغم أن الساعة لم تتجاوز السابعة صباحًا، لكن القيظ شديد في ذلك النهار. تمرق ممرضة مسرعة نحو غرفة العمليات، فتضطرب أحشاء الزوج. يخرج من جيب قميصه سيجارة "ونجز" ويشعلها بعصبية. هّم أن يطرق باب غرفة العمليات ليطمئن قلبه، لكنه تراجع، فالرجل يعرف الأصول ويحترم القواعد. جلس في غرفة الانتظار على كنبة فخمة ذات طراز كلاسيكي.تأمل صورة لجمال عبد الناصر - الرئيس الجديد لمصر - ببدلته العسكرية ونظرته الجادة. همس باطنه: "يبدو أن خيرًا كثيرًا ينتظر هذا البلد على يديه بعد كابوس الملك فاروق". جال ببصره في الغرفة، ثم رشق نظراته على النتيجة المعلقة على الحائط.. تمتم بأسى إنه 15 مايو 1955، ولم يبق معي من راتب الشهر سوى خمسة جنيهات فقط!

    فجأة.. انطلق صراخ المولود، فانشرح قلبه، لقد سمع هذا الصراخ نفسه ثلاث مرات من قبل، هرع نحو غرفة العمليات، لكنه توقف في منتصف الطريق حين رأى ممرضة خمرية اللون تخرج من باب الغرفةوتقبل عليه تسبقها ابتسامة وضاءة مشوبة بمسحة قلق. قالت له مداعبة دون أن تقف: "اخبرني يا أستاذ.. ماذا ستسميه.. إنه ولد.. ألف مبروك".

    ابتهج صدر الزوج وسألها بلهفة وهو يسير بجوارها: "سأسميه فؤاد.. لكن من فضلك أخبريني.. كيف حال والدته؟". توقفت الممرضة.. ارتبكت قليلا، ثم همست: "الحمد لله.. لكنها عليلة نسبيًا.. وكذلك المولود.. فالولادة كانت متعثرة جدًا". اضطرب الرجل، وقبل أن يسأل تركته الممرضة وانصرفت. دار في مكانه مشدود الأعصاب.. أخذ أنفاسًا متوترة من السيجارة ثم أطفأها دون أن يجهز على نصفها. فجأة.. سمع خطوات أنثوية سريعة مقبلة من الممر الآخر مصحوبة بنشيج وبكاء، التفت نحوها، فشاهد ممرضة تصرخ وتبكي وتقتحم غرفة الولادة. كاد يجن، لكن في لحظة انطلق من الغرفة عويل وصراخ تبعهما خروج الأطباء والممرضات مهرولين نحو السلم المؤدي إلى الدور الأرضي تاركين الأم ووليدها بمفردهما. لم يتمالك الزوج أعصابه، فركض خلفهم وأوقف إحدى الممرضات سائلا بقلب يخفق بشدة.. "ماذا حدث؟" بصوت محشو بأحزان العالم كله قالت الممرضة: "أنور وجدي مات"!

    بعد أربع ساعات مات الوليد من الإهمال!

     

    البداية العنيدة

    هكذا إذن كان أنور وجدي أول نجم سينمائي مصري يبكيه الجمهور بحرقة، فتعتري الناس لوعة الفقد المفاجئ وينسون أعمالهم وواجباتهم، لدرجة جعلت الأطباء والممرضات ينشغلون عن مراعاة صحة الوليد الجديد حتى جاد بأنفاسه قبل أن يرى النور!

    تعالوا أقص عليكم طرفا من سيرة هذا النجم الفذ الذي مرق كالشهاب في سماء حياتنا السينمائية فأضاءها بنور موهبته وحضوره وإصراره، وما زالت ملامحه السمحة تتألق حتى الآن على الرغم من أنه توفي قبل 62 عامًا كاملأ.

    من أجواء حياة معتمة وأيام قاسية انطلق أنورجدي مطاردًا المجد والشهرة بعزيمة من حديد، ففي عام 1923 التحق بفرقة رمسيس التي أسسها يوسف وهبي. لم يكن أنور قد بلغ العشرين عامًا بعد (هو من مواليد 1904)، وكان قد اختلف مع والده، فهجر بيت أسرته واستقل بحياته، وراح يتسكع في شارع عماد الدين – مأوى المسارح والصالات في الربع الأول من القرن الماضي - ولأنه عشق المسرح وفنون التمثيل فقبلبوظيفة عامل إكسسوار عند يوسف وهبي. وقد تلقى في إحدى الليالي صفعة مدوية من بطل الفرقة وصاحبها لأنه تأخر قليلا في نقل قطعة ديكور من مكانها كما تقتضي ضرورات العرض المسرحي!

    أسرّها أنور في نفسه، ولم ييأس الشاب المترع بالحماسة، وواصل كفاحه بدأب، ومع إصراره وعناده قفز خطوة إلى الأمام في مسرح رمسيس فنال دور كومبارس صامت في المسرحيات التي تقدمها الفرقة، ثم اقتنص فرصة أكبر حين أصبح بإمكانه أن يتفوه بجملة أو جملتين في العرض، ولما أقبل عام 1930 عرف الشاب طريقه إلى السينما في دور صغير جدًا في فيلم "جناية نصف الليل" للمخرج الدكتور محمد صبري كما ذكر صديقنا محمود قاسم في موسوعته المهمة (دليل الأفلام في القرن العشرين).

     

     

    المكافح الدؤوب

    أدرك أنور وجدي بذكائه الحاد أن المستقبل للسينما، فبدأ يشاهد الأفلام الأجنبية والمصرية باهتمام بالغ، كما أدرك أنه لا يمتلك الموهبة المهولة التي يتمتع بها زكي رستم أو حسين رياض أو حتى يوسف وهبي الذين يرجون خشبة المسرح رجًا، فلم يحزن أو يكتئب، وانتبه إلى كونه يحظى بوجه وسيم.. محدد القسمات.. شعر أسود ناعم كالحرير وابتسامة مشرقة، بالإضافة إلى طلة محببة على الشاشة، فاستثمر مؤهلاته هذه ليزاحم نجوم الصف الأول.

    أكثر من ثلاثين فيلمًا قدمها أنور وجدي قبل أن يصطاد دور البطولة الأولى في الفيلم، وقد خنقه المخرجون والمنتجون في دور ابن الذاوت المتلاف – حسب تعبير ناقدنا الكبير الأستاذ كمال رمزي –فكان يجتهد ليلفت أنظار الجمهور وصناع السينما عسى أن يخرج من أدوار الظل ويحظى بمساحة أكبر في أفلام تالية. دعني أذكرك ببعض هذه الأفلام التي كان يجسد فيها دورًا صغيرًا أو متوسطا مثل (الدفاع 1935)، (حياة الظلام 1940)، (العزيمة/ أجنحة الصحراء/ بائعة التفاح 1939)،(ليلى بنت الريف/ انتصار الشباب 1941)، (على مسرح الحياة 1942)، (تحيا الستات 1943)، (ليلى في الظلام/ من الجاني/ غرام وانتقام/ شهداء الغرام 1944)، وغيرها كثير.

     

    النجم الذكي

    في كتابه "نجوم السينما العربية.. الجوهر والأقنعة" يقول الأستاذ كمال رمزي: "في عام 1945 وحده شارك أنور وجدي بالتمثيل في 14 فيلمًا، ومن الواضح أن سنوات البطالة والفاقة علمته عدم التوقف عن العمل من ناحية والادخار من ناحية أخرى، وفي هذا العام وجد نفسه وقد أصبح شهيرًا، ويقف على أرض اقتصادية صلبة، لذلك قرر أن ينشئ شركته المستقلة وقادته فطنته إلى اختيار ليلى مراد – الأوزة التي تبيض ذهبًا – لتصبح شريكة حياته".

    في هذا العام أيضا – 1945 – انتهت الحرب العالمية الثانية وما صاحبها من قلق وتوتر ورعب، وأضحى الناس في حاجة ماسة إلى التخفف من آثار الحرب وعذابها وكآبتها، وبدأوا يبحثون عن وسائل للترفيه والمرح، فالتقط أنور وجدي بذكائه العجيب التحول الذي طرأ في المزاج العام للجماهير، وراح ينتج ويقدم أفلامًا طريفة يغلب عليها طابع الفكاهة النظيفة، فأقبل عليها الجمهور بحفاوة، خاصة وأن أنور المنتج الذكي لم يبخل على صناعة أفلامه وأنفق ببذخ حتى يستطيع أن يقدم للجمهور وجبة سينمائية مدهشة وخفيفة ومثيرة. تذكر من فضلك أفلام (ليلى بنت الفقراء 1945/ ليلى بنت الأغنياء 1946/ قلبي دليلي 1947/ طلاق سعاد هانم/ عنبر 1948/ غزل البنات 1949/ حبيب الروح 1951)، كل هذه الأفلام كانت من إنتاجه وإخراجه وبطولته وتأليفه، الأمر الذي جعل المنتجين الآخرين يهرعون إليه لأنه صار الفتى الأول في السينما المصرية، وكان هذا اللقب يطلق للمرة الأولى على ممثل مصري، حيث كتب (ممثل مصر الأول) في مقدمة فيلم (ريا وسكينة 1953 لصلاح أبو سيف)، وكان قد كتب عنه (نجم مصر الأول) في مقدمة فيلم "النمر 1952" للمخرج حسين فوزي!

    على أية حال ملأ أنور وجدي دنيا الناس وشغلهم بأفلامهالجميلة واكتشف فيروز الطفلة المذهلة، وقدم معها فيلمي (ياسمين 1950، ودهب 1953)، كما كان بطلا لأفلام (أمير الانتقام 1950/ قطر الندى 1951/ الوحش/ أربع بنات وضابط/خطف مراتي 1954)، وطلق ليلى مراد للمرة الثالثة، وتزوج ليلى فوزي في يوليو 1954، وجمع مالا كثيرًا، وبنى عمارة في باب اللوق، لكن المرض اللعين الذي صاحبه منذ طفولته بدأ يتفاقم، وتضخم الكليتين كان أمرًا صعبًا على أطباء مصر في ذلك الزمن، فغادر إلى فرنسا وإيطاليا في محاولة للبحث عن علاج جذري دون جدوى، ثم عاد وسافر مرة أخرى إلى السويد بصحبة زوجته ليلى فوزي، ليقضي نحبه في حجرته بالمستشفى في 14 مايو 1955، ويأتي الخبر الحزين إلى مصر في صباح اليوم التالي فتبكيه الملايين، وتضطرب أحوالهم، فينسى الأطباء مرضاهم، ويموت وليد جديد في مستشفى فؤاد (الجلاء حاليًا)!!

    بقى أن أخبرك أن هذا الوليد كان أخي الأكبر، ومع ذلك ظل والدي – رحمه الله - يشاهد أفلام أنور وجدي حين تعرض في التلفزيون ويستمتع بها، ويحكي لنا بأسى لم يطهره الزمن ماحدث لهولأمي ووليدهصباح وصول خبر وفاة أنور وجدي إلى القاهرة!

     

    ناصر عراق انور وجدي اول فتى شاشة في السينما المصرية زكي رحيل انور وجدي ال62

    استطلاع الرأي

    أسعار العملات

    العملة شراء بيع
    دولار أمريكى 49.3414 49.4414
    يورو 53.7723 53.8961
    جنيه إسترلينى 62.9153 63.0675
    فرنك سويسرى 56.0507 56.1898
    100 ين يابانى 33.3726 33.4470
    ريال سعودى 13.1553 13.1826
    دينار كويتى 160.5278 160.9055
    درهم اماراتى 13.4325 13.4633
    اليوان الصينى 6.8549 6.8693

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 3,629 شراء 3,686
    عيار 22 بيع 3,326 شراء 3,379
    عيار 21 بيع 3,175 شراء 3,225
    عيار 18 بيع 2,721 شراء 2,764
    الاونصة بيع 112,849 شراء 114,626
    الجنيه الذهب بيع 25,400 شراء 25,800
    الكيلو بيع 3,628,571 شراء 3,685,714
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى
    مصر 24 أول خبر المطور بوابة المواطن المصري حوادث اليوم التعمير مصري بوست

    مواقيت الصلاة

    الجمعة 04:55 صـ
    10 شوال 1445 هـ 19 أبريل 2024 م
    مصر
    الفجر 03:52
    الشروق 05:24
    الظهر 11:54
    العصر 15:30
    المغرب 18:25
    العشاء 19:46