نقص الخدمات جعلت المعبد غير مدرجًا بالزيارات.. وغرفة "التماسيح" حولته لقبلة العاقرين
"نيرون".. حضارة 2000 سنة ممنوعة من زيارة السائحين بالمنيا
المنيا - زينب توفيقتحولت إحدى المناطق الأثرية الفريدة من نوعها بمحافظة المنيا، إلى منطقة أشبه بالمهجورة، لا يعرف طريقها إلا العاقرين والطامعين في تحقيق أمانيهم، تاركين تاريخًا عمره أكثر من 2000 سنة على أقل تقدير، وأصبح يبحث عن زائرين يقدرون قيمته.
ففي الجبل الشرقي من محافظة المنيا، يقع معبد "نيرون" ذلك المعبد الذي يقف شامخا فوق إحدى الهضاب بقرية طهنا الجبل، ويصنف من المعابد النادرة بمصر نظرًا لبنائه من 3 طوابق تعلو بعضها البعض، ومنحوتًا داخل صخرة كبيرة، ومازال يحتفظ بتكوينه وهيكله المميز، وبعض النقوش التي تزين عمدانه التي تحطم بعضها، ومازال البعض الآخر يقاوم الزمان.
ويعتبر معبد نيرون من المعابد الهامة في المنيا ومصر عمومًا، حيث أنه منحوت في قلب الجبل الصخري، ويرجح تاريخ انشاءه الى ما يقرب من 2000 سنة بعصر الدولة الوسطى، حيث نجد في الطابق الأول صالة كبيرة تبلغ مساحتها نحو 20 متر تقريبًا، وبها 8 أعمدة يحيطها صوامع الغلال المحفورة في الأرض، ثم صالة بها باب يؤدي إلى ما يسمى بـ "قدس الأقداس"، وكذا مقصورة للآلة "حتحور"، وبعض الآبار للدفن، ويضم المعبد به 4 مقابر من اليمين، غير أن بناءه جاء بشكل مميز، يجعله يختلف عن الكثير من المعابد المصرية لتكوينه من ثلاث طوابق .
والجدير بالذكر أنه رغم أهمية المنطقة التاريخية الكبيرة وما يميزها من عوامل تجعلها ذات طابع خاص، مثل الأطلال الكثيرة والممتدة التي تحيط بالمعبد وتكسبه رونقًا تراثيًا جيدًا، إلا أنها غير مدرجة لزيارة السائحين وذلك بسبب إفتقادها للتجهيزات اللازمة لاستقبال الوفود السياحية، كتمهيد الطرق وغيرها من الأسباب الفنية التي تعاني منها الكثير من المناطق الأخرى.
وتواجه المنطقة أزمة كبرى، تتمثل في تشقق بعض درجات السلالم الأثرية المؤدية إلى المعبد، سببها استخدام المتفجرات المختلفة في منطقة المحاجر بجبال المنيا القريبة من ذلك المعبد بعدة كيلو مترات، الأمر الذي يهدد الأثر العريق.
وقال أحد الأثريين أن أهمية المنطقة لا تتمثل فقط في المعبد بل أن أعمال الحفائر التي أجريت من بعض البعثات كشفت عن وجود بقايا لمدينة قديمة مدفونة، لمرور المنطقة بعدة حقب تاريخية بدءًا من الفرعونية ووصولًا للإسلامية.
في نفس السياق نجد أبرز ما يميز المنطقة ويجعلها مقصدا في كثير من الأحيان للبسطاء والمرضى، غرفة الآله "سوبك" والتي تضم مجموعة من التماسيح المحنطة، والتي كانت تتم عبادتها في تلك العصور، إلا أن البعض يأتي اليها حاليا للتبرك والدعاء من أجل الشفاء والانجاب.
وأضاف جمال عبدالله أحد أهالي القرية، أن قريتهم تعد من أغنى قرى شرق النيل بالمنيا، ورغم ذلك فهي تعاني تهميشا كبيرًا، ولا تجد أي اهتمام من قبل المسئولين سواء في المحليات أو وزارة الآثار للاعتناء بها، وهذا ما ظهر في تهميش معبد نيرون وما يحيط به من أطلال أثرية هامة، مشيرا إلى أن تبرك الأهالي بغرفة التماسيح – الآله سوبك – يعد ضربا من الخيال والجهل، ولكن يلجأ الكثيرين لذلك عندما يفشل العلاج في شفاءهم، حيث يتوافدون على تلك الغرفة فوق سفح الجبل في صباح يوم الجمعة، معتقدين أن الغرفة مباركة، رغم أنها مغلقة منذ سنوات طويلة.
وشدد عبد الله على ضرورة إدراج تلك المنطقة الأُثرية في خطة وزارة الآثار لتطوير المناطق الأثرية، مع ترميم الأجزاء التي تآكلت وتشققت خاصة السلالم المؤدية للمعبد، وكذلك منع الزحف العمراني من قبل الأهالي الذي طال الحرم الأثري ما يعد مخالفا للقانون ، خاصة في ظل هوس الكثيرين بالتنقيب عن الآثار واستخرجها.