الحب لا يموت
آمال البنداري
بكيتُ وبكيتُ وبكتْ مصر كلها على رحيل الهيثم الصغير ابن نسر السينما المصرية الراحل العظيم أحمد زكي، ذا الملامح الممزوجة بطمي النيل وحرقة شمس الأصيل.
بكت مصر وبكى كل محبي الفن فى الوطن العربى، وكأننا نودع أحمد زكي للمرة الثانية، وكأنه مات مرة أخرى، وكأننا كنا ننعي البقية الباقية من الفن، والإبداع والموهبة الاستثنائية، وكأننا كنا صابرين على فراق أحمد زكي لوجود ابنه بيننا؛ لذا كانت الصدمة كبيرة للجميع
شعرنا جميعا بالذنب؛ لأننا تركنا الهيثم الصغير أسيرًا لوحدته، ويتمه، وطيبته وأخلاقه الراقية؛ تركناه وما كنا ندرك أن الهيثم الصغير يعاني مرارة اليتم، والحيرة والفقدان، واكتشفنا يوم جنازته أنه وحيدًا لا يجد من يأخذ تصريح بدفن جثمانه.
أيها الهيثم رحمك الله وغفر لك وأطاب مثواك؛ فموتك أثبت لنا أن الحب لا يموت. لقد حزنا عليك بالأمس مرة كما حزنا على والدك يوم وفاته ألف مرة، فلم تكن تملك أنت ووالدك المال أو السلطة، ولكنكما امتلكتما الحب، فاللمال سطوة، وللسلطة سطوة، وللقوة سطوة، وللجمال سطوة، وللنفوذ سطوة، ولكن سطوة الحب تغلبهم جميعًا، ونحن أحببناك وكان دعاؤنا لك بالرحمة، والمغفرة، والعتق من النار يملىء الأرض ويصل عنان السماء، لقد جاءت أحاسيس المصريين لك ولوالدك لتثبت أن الجسد يموت، ولكن الحب لا يموت.