تعرف على قصة الحريق التاريخى الذى حول " ميت غمر" بالدقهلية إلى جنة


فى اطار اهتمام بوابة الميدان بالتراث القديم وحكاويه نرصد تفاصيل الحريق التاريخى والذى حول ميت غمر بمحافظة الدقهلية الى جنة والتى كانت في اوائل القرن التاسع عشر اشبه بقرية كبيرة ولم تكن مدينة بعد والحريق الذي حدث بميت غمر عام 1902 م اعاد بنائها من جديد وحولها الي مدينة ذائعة الشهرة في جمالها ومبانيها الحديثة وكورنيشها الذي كان عرضه 18 متر ويضاهي كورنيش الاسكندرية في جماله وافخم من كورنيش النيل بالقاهرة الذي كان لا يتعدي 4 امتار
في أوائل صيف سنة 1902م،احترقت بلدة (ميت غمر) بمحافظة الدقهلية ، فبلغ عدد المنكوبين بالحريق أكثر من خمسة آلاف، لا فرق بين كبيرهم وصغيرهم، ولا بين فقيرهم ولا غنيهم، في الحاجة إلى المأوى والطعام؛ فسارع الإمام محمد عبده إلى نشر بيان على الناس يصف فيه الحادث بقوله: (ليس الحادث بذي الخطب اليسير؛ فالمصابون خمسة آلاف وبضع مئات ، منهم الأطفال الذين فقدوا عائليهم، والتجار والصناع الذين هلكت آلاتهم ورؤوس أموالهم، ويتعذر عليهم أن يبتدئوا الحياة مرة أخرى إلا بمعونة من إخوانهم، وإلا أصبحوا متشردين متلصصين أو سائلين
و نشرت مجلة المصور عام 1949 تقريرا عن مركز ميت غمر محافظة الدقهلية قالت فيه (افترس حريق كبير مدينة ميت غمر عام 1902 فمحا ميت غمر القديمة العتيقة المتداعية، وقامت مكانها ميت غمر جديدة )
وذكرت مجلة المصور الى انه تعود أحداث الحريق فى منتصف يوم حار شديد الجفاف فوجئت ميت غمر بريح كأنها شواظ من جحيم، ويحكى إسماعيل أفندى السايس أكبر معمر فيها أن النيران شبت في أحد المنازل، وانتقلت بين أكياس الحطب، وماهى إلا ساعات حتى أصبحت البلد شعلة من نار، وظل الدخان بها أكثر من 12 يوما.
وأضافت المجلة يصف العم شافعى وعمره مائة عام، كيف كان الأهالي يهرعون إلى النيل، والنيران تسرى في أجسادهم، حتى راح ضحية الحرق 35 نفسا و350 بيتا
وتابع التقريرميزانية 48 ألف جنيه أنفقتها البلدية أعيد بناء ميت غمر، ومن أشهر الأماكن فيها المسجد الغمري الكبير، وهو صورة مصغرة من الجامع الأزهر الشريف، ويتسع لأكثر من 5000 مصلى، وقد أقيمت مساجد مشابهة له حتى وصل عدد مساجد ميت غمر عام 1949 أربعة عشر مسجدا
وقد بذل الإمام محمد عبده من معونة الجمعية الخيرية الإسلامية ـ التي كان يرأسها يومئذ ـ كل ما تحتمله مواردها، وألف لتعمير البلدة وإغاثة أهلها جماعة كبيرة تمدها بالمال، وتحث الناس على إمدادها به في عواصم البلاد وقراها، وطاف بنفسه على بيوت الأمراء والوجهاء وأصحاب الثرة، يسألهم النجدة في حينها قبل فوات أوانها، واستخدم كل وسيلة على النّظْم في موضوع هذه النكبة،
وقد تأثر امير الشعراء احمد شوقي بالحادث فأنشد يقول الله يحكـم فـي المدائـن والـقـرىيا (ميت غمر) خدي القضاء كما جرى
و كتب شاعر النيل حافظ ابراهيم متاثرا بما حدث وقال
سائلوا الليل عنهم والنهارا ... كيف باتت نساؤهم والعذارى
كيف أمسى رضيعهم فقد الأم ... وكيف اصطلى مع القوم نارا
كيف طاح العجوز تحت جدار ... يتداعى وأسقف تتجارى
رب إن القضاء أنحى عليهم ... فاكشف الكرب واحجب الأقدارا
ومر الناس أن تكف أذاها ... ومر الغيث أن يسيل انهمارا