القاتل هو والمنتحر سواء فكل منهم قتل نفس بغير نفس من أعطى لهم الحق في سلب الحياة التي يهبها الله وحرم قتلها فلا فرق بين أن تقتل نفسك بالانتحار أو تقتل غيرك وإن اختلفت الدوافع فالنتيجة واحدة كل منهما يسلم عقله لشيطانه فيستحوذ عليه ويدفعه نحو هذه الكبيرة فالقتل كبيرة من الكبائر وكذلك اليأس من روح الله قال تعالى «إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون» فهناك دوافع للقتل مسلم بها إن كانت من أجل الشرف أو منعًا للسرقة أو الانتقام أو ماشابه ذلك أما دوافع الانتحار دائما متشابهه عامل نفسي قهري يسيطر على كيمياء المخ إلى أن يفقد الفرد شعوره بالحياة الضاغضة عليه فيعزم على مفارقتها حيث نفسه تصور له جسر الخلاص من المعاناة هو التخلص من حياتك.
بالتأكيد صراعات نفسية عنيفة داخلية تأخذ الفرد في عالم آخر لا يرجع منه إلا وهو عازم النية على الانتحار كيف تهون عليه نفسه أين عقله ساعة الاستعداد والإقدام على هذا والأغرب اختيار وسائل الخلاص الأبدي تتحجر مشاعره بالكامل فلا رابط بأهل أو صديق أو رغبة أو هدف ويمضي شنقًا أو تحت قطار أو قفذًا من مكان شاهق وما يستوقفني إنه ثمة ارتباط وثيق بين وسيلة الانتحار والمنتحر أو شئ كمن داخله منذ صغره ليحدد وسيلته بهذا الشكل فهناك من يتناول بعض العقاقير بكثرة ويذهب بسلام دون رجعة للحياة هذا لا يلفت نظري ولا يستوقفني مثل الذي يلقي بنفسة تحت قطار فهو يعلم أنه لا نجاة ولا حتى بنسبة واحد في المئة، وكذلك من اختار أعلى منطقة في القاهرة ليضمن أن لن يقدر على انقاذه أحد.
أي عزم هذا أي دافع هناك الكثيرون ينتحرون في العالم على اختلاف ظروفهم المعيشة ومراكزهم وثقافتهم وهذا إن دل على شيء إنما يدل أنه لا يوجد سبب هو دافع للانتحار فالغني والفقير والمثقف والجاهل والمهمش والمشهور والصغير والكبير والمريض والصحيح إذن هو ليس له معلم واضح؛ لنقل مثلا من أجل ذلك هو حالة نفسية تسيطر على الإنسان إن غاب عنه الإيمان أو حدثت له هزة فذل بعد ثبوت فيأس من روح الله، ولم يجاهد هذا الخلل الذي جعل شيطانه يصحبه معه معتقدًا ان الراحة بهذا الشكل وزين له الأمر حتى أنه لم يتذكر أن هذا كفر وعقابه بمجرد نزوله لقبره سامحهم الله ولو أننا تناولنا هذا بشيء أكثر دقة إنه موعده لا يستقدمون عنه ساعة ولا يستاخرون قال تعالى «أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة» فلحظته حانت وورقة عمره في نفس التو ولو لم يتدخل هو بوسيلة أعدها له شيطانه لكان قابل وجه ربه وهو في نفس مكانه، وإجابة لمن تختلط عليهم الأمور ويقولون كيف تدخل الله هو من كتب هذه النهاية نقول لهم ببساطة الله كتب نهاية وبداية كل شيء منذ الأزل وأعمالنا ومصائرنا التي سنعملها نحن بإرادتنا لأن الله أعطانا العقل وخيرنا وقبلنا وتركنا نتعامل مع الحياة ولأنه هو الله الأعلم بكل شيء سجل لنا ما سنفعله بإرادتنا بكل دقة ونتائجه لأنه هو الله ففي علم الله المسبق إن فلان سوف يفعل يوم كذا هذا الفعل ولأنه الله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ولأنه هو الذي ليس كمثله شئ فلا تستغرب لأنه علم ماذا ستفعل بعد عدد من سنينك أو الآن أو كيف تكون نهايتك المسألة منك أنت أفعالك أنت محدثها وتتحمل نتيجتها أما ما عند الله هو تدوين من الأعلم بما ستفعل إلى أن تموت.
مثال بسيط كالمدرس الذي يقيم تلاميذه قبل الامتحان فيعطي لكل واحد فيهم درجة ويتحداهم وبعد التصحيح يعلن ما توقعة ولا يخطئ فما بالك بمن صنعك، القياس مع الفارق ولكن لتقريب الهدف خلاصة القول الانتحار هو نهاية يختارها الفرد بعد معاناته من مرض نفسي ربما له أعراض عضوية ولكنه داخل صدره وعقله وأذنه وعينه أشياء تعتمل بالداخل ولا ندركها، أيتها الأسر المفككة التحمي أيها الإعلام الغائب أين برامج العلم والايمان، وفي نور الله وعالم البحار، وعالم الحيوان وبرامج الشعر والموسيقى أين تربية النفس وتغذية الروح أيها الأحياء تمسكوا بمن بذكره تطمئن القلوب افتحوا أروقة المساجد رحمة بشبابنا وأكثروا من مراكز للشباب هدافه تقف على أحلامهم وتسمع شكواهم وتشغل فراغهم لأن هناك إشارة خطر عندما يصل الشخص لكلية هندسة، ويتفوق لدراسة هندسة طبية ثم يفكر في الانتحار فليس مرض ذهاني أو عقلي إنه قهر نفسي اكتشفوا الحقيقة لإنقاذ أولادنا.