«رباعيات الخيام».. في ذكرى وفاة الإمام «غياث الدين» اتهم بالإلحاد وجمع علوم الأرض وشهد معاصروه بحسن إسلامه
أحمد واضححلت قبل أيام ذكرى وفاة العالم والفيلسوف والشاعر الفارسي المسلم غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام، المعروف بـ"عمر الخيام"، والمولد عام 1048م، في مدينة نيسابور، ببلاد فارس -إيران-، والمتوفى في 4 ديسمبر 1131م.
غياث الدين، أو -عمر الخيام-، نسبةً إلى أبيه الذي كان يعمل في حياكة الخيام، تخصَّص في الرياضيات، والفلك، واللغة، والفقه، والتاريخ، وهو أوّل من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط وهو صاحب الرباعيات المشهورة.
في سيرة عمر الخيام، عبر وقفنا على أبرز ما جاء فيها، حيث درس "الخيام" مع صديقين حميمين له، وتعاهد ثلاثتهم على أن يساعد من يؤاتيه الحظ الآخرَينِ، وهذا ما كان، فلما أصبح صديقه نظام الملك وزيراً للسلطان "ألب أرسلان" ثم لحفيده "ملك شاه"، خُصِّصَ له مبلغًا طائلًا يتقاضاه من بيت المال كل عام، من خزينة "نيسابور" فضمن له ذلك العيش في رفاهية مما ساعده على التفرغ للبحث والدراسة - بحسب ما ذكره موقع ويكبيديا في ترجمته-.
"الخيام" عاش معظم حياته في "نيسابور" و"سمرقند"، وكان يتنقل بين مراكز العلم الكبرى مثل "بخارى" و"بلخ" و"أصفهان" رغبة منه في التزود من العلم وتبادل الأفكار مع العلماء.
وصار للخيام الوقت الكافي للتفكير بأمور وأسرار الحياة، بعد أن توفّرت له أسباب المعيشة، وكان صديقهم الثالث هو الشاعر حسن الصباح مؤسس طائفة الحشاشين، وهي طائفة إسماعيلية نزارية.
أهم أعماله
من أهم الإنجازات والإفادات العلمية التي قام بها "الخيام" معادلة المكعب والتقاطع مع المخروط كما كتبت في مخطوطة محفوظة في جامعة طهران باللغة العربية.
رغم شهرة الخيام بكونه شاعرا فقد كان من علماء الرياضيات، واشتهر بالجبر واشتغل في تحديد التقويم السنوي للسلطان "ملك شاه"، والذي صار التقويم الفارسي المتبع إلى يومنا هذا، وهو أوّل من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط، وهو أول من استخدم الكلمة العربية "شيء" التي رسمت في الكتب العلمية البرتغالية (Xay) وما لبثت أن استبدلت بالتدريج بالحرف الأول منها "x" الذي أصبح رمزاً عالمياً للعدد المجهول، وقد وضع الخيام تقويما سنوياً بالغ الدقة، وتولى الرصد في مرصد "أصفهان".
إسهاماته العلمية
ترجع شهرة "الخيام" إلى عمله في الرياضيات حيث حلَّ معادلات الدرجة الثانية بطرق هندسية وجبرية، كما نظم المعادلات وحاول حلها كلها، ووصل إلى حلول هندسية جزئية لمعظمها، وبحث في نظرية ذات الحدين عندما يكون الأس صحيحاً موجباً، ووضع طرقاً لإيجاد الكثافة النوعية.
برع في الفلك ، وطلب منه السلطان "ملكشاه" سنة 467 هـ/1074 م مساعدته في تعديل التقويم الفارسي القديم، وقال عنه "سارطون" إن تقويم "الخيام" كان أدق من التقويم "الجريجوري".
مؤلفاته باللغة العربية
شرح ما أشكل من مصادرات كتاب أقليدس، الاحتيال لمعرفة مقداري الذهب والفضة في جسم مركب منهما، وفيه طريقة قياس الكثافة النوعية، رسالة في الموسيقى، "رباعيات الخيام"، وهي مقطوعة شعرية بالفارسية، مكونة من أربعة أبيات، يكون الشطر الثالث فيها مطلقا بينما الثلاثة الأخرى مقيدة.
كان في أوقات فراغه يتغنى برباعياته، وقد نشرها عنه من سمعها من أصدقائه، وبعد عدة ترجمات وصلت لنا كما نعرفها الآن، ورأى البعض أنها لا تنادي إلى التمتع بالحياة والدعوة إلى الرضا أكثر من الدعوة إلى التهكم واليأس، وهذه وجهة نظر بعض من الناس، وأرجع البعض ذلك إلى كثرة الترجمات التي تعرضت لها الرباعيات، والإضافات بعد أن ضاع أغلبها.
من جهة أخرى هناك اختلاف على كون الرباعيات تخص "عمر الخيام"، فهي قد تدعو بجملتها إلى اللهو واغتنام فرص الحياة الفانية، إلا أن المتتبع لحياة الخيام يرى أنه عالم جليل وذو أخلاق سامية، لذلك يعتبر بعض المؤرخين أن الرباعيات نسبت خطأ للخيام وقد أثبت ذلك المستشرق الروسي "زوكوفسكي"، فَرَّدَ 82 رباعية إلى أصحابها ولم يبقى إلا القليل الذي لم يعرف له صاحب.
اتهامه بالإلحاد
فسر البعض رباعيات الخيام على أنها إلحاد، كونها تدعو إلى اللهو والمجون، حسب منظورهم، بينما يرى الفريق الأكبر أنه مات مسلماً، مستمداً إستنتاجه من سيرة الخيام ومؤلفاته ومن رافقه من العلماء.
رباعيات الخيام حوت ما يدعو إلى الإصلاح الاجتماعي وتقويم النفس البشرية وإقرار العبودية لله، حيث قال فيما ورد لنا منها :"صاحب من الناس كبار العقول.. واترك الجهال أهل الفضول.. واشرب نقيع السمِّ من عاقلِ..واسكب على الأرض دواء الجَهول، إن لم اكن اخلصت في طاعتك.. فإني اطمع في رحمتك.. وإنما يشفع لي أنني.. قد عشت لا اشرك في وحدتك".
ولم يفكّر أحد ممن عاصروا "الخيام" في جمع الرباعيات، فأوّل ما ظهرت سنة 865 هـ، أي بعد رحيله بثلاثة قرون ونصف، وأوّل ترجمة للرباعيات كانت للغة الإنجليزية، وظهرت سنة 1859، أما الترجمة العربية من الفارسية فقام بها الشاعر المصري أحمد رامي، وهناك ترجمة أخرى للشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي- وفقًا لمصادر تاريخية-.