الجمعة 22 نوفمبر 2024 05:12 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

ما أسباب الصَّمت الجزائري- التونسي تُجاه اتفاق أنقرة – طرابلس؟

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية

على عكس مواقف الرفض المعلنة من قبل بعض القوى العظمى ومنها روسيا والولايات المتحدة، التزمت دول الجوار الليبي وأهمّها الجزائر وتونس الصمت إزاء الاتفاقية الموقعة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق، وذلك عكس مصر والتي أعلنت موقفها الرافض تجاه الاتفاقية.

ولا يفهم هذا الصمت إن كان تزكية للخطوة التركية أم أنه ترقّب وحذر أملتهما قواعد السياسات الخارجية التقيلدية خاصة في الجزائر التي تشهد بدورها انتقالًا سياسيًا أفضى إلى انتخاب عبدالمجيد تبّون رئيسًا للبلاد رغم وجود تسريبات تؤكد وجود انقسام داخل مربع السلطة الجزائرية حول هذه القضية.

وبعد نجاح عبدالمجيد تبّون في الفوز بالرئاسة الجزائرية فرض العديد من الاستفسارات عن مصير علاقات هذا البلد مع دول الجوار وخاصة في ما يتعلق بالملف الليبي الذي يشهد تطورات متسارعة، خاصة بعد توقيع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج اتفاقية مثيرة للجدل ومهددة لأمن المنطقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ويُقر الرئيس الجديد بأنه سيُدخل تعديلات جذرية على شكل التعاطي الجزائري مع الملف الليبي بحيث يكون مواكبًا للتطورات وقاطعًا مع السياسات التقليدية، لكن وعلى الرغم من ذلك فإن الخطاب الرسمي للدولة الجزائرية لم يحدّد موقفًا واضحًا من التدخل التركي في ليبيا، هذا جنبًا إلى جنب غياب الموقف الرسمي تجاه الدولة التونسية وذلك نظير العلاقات القوية التي تجمع بين تونس وتركيا بالإضافة إلى حكومة الوفاق وميليشياتها المسلحة.

وبينما يفهم البعض من المتابعين أن الصمت والوقوف عند المنتصف لا يعني الحياد، بل يشي بطريقة ضمنية بأن الجزائر ستواصل دعم حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، ويرى البعض الآخر أن تبّون يحتاج إلى الحذر للتعامل مع هذا الملف وأن الأمور تحتاج إلى دراسة متأنية تجاه الأوضاع ليس في المنطقة العربية بل على مستوى المجتمع الدولي خاصة أن الأزمة الليبية تتداخل فيها أطراف دولية أهمها أمريكا وروسيا وفرنسا وإيطاليا، وكذلك أطراف إقليمية أهمها مصر والإمارات والسعودية وتركيا وتونس.

وتشير بعض التسريبات إلى أن الخطوة التركية الخطيرة أحدثت انقسامًا داخل الأجهزة الحاكمة بين رافض وبين متشبث بوجوب مواصلة المراهنة على السراج وداعميه من جماعة الإخوان الإرهابية.

وألمح خطاب الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون، خلال مراسيم حفل التنصيب، إلى أن الجزائر تسرع الخطى من أجل العودة إلى أداء دورها في الملف الليبي، خاصة بعد الجدل الذي أثارته الاتفاقية الموقعة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وهو ما يثير التساؤل حول شكل وطبيعة العودة المنتظرة، إذا كانت ستبقى وفية لمبادئ الدبلوماسية التقليدية، أم تدخل أوراقًا أخرى في العودة على الخط.

وقال الرئيس الجزائري، إن بلاده هي أكثر المعنيين باستقرار ليبيا، وستبذل المزيد من الجهود من أجل الحفاظ على وحدتها الشعبية والترابية، وأنها لن تقبل أبدًا بإبعاد الجزائر عن الحلول المقترحة للملف الليبي، داعيًا الليبيين إلى لم صفوفهم وتجاوز خلافاتهم ونبذ التدخلات الخارجية التي تباعد بينهم وتحول دون تحقيق غايتهم في بناء ليبيا الموحدة المستقرة والمزدهرة.

ويظهر من خلال كلمة الرئيس الجزائري أنه أبدى حيزًا معتبرًا للملف الليبي، وعدم استبعاد الجزائر من أي حلول تطرأ على الأزمة الليبية، وهذا في عتاب ضمني للدبلوماسية السابقة وتفريطها في دور الجزائر في أحد أخطر الملفات الشائكة في المنطقة.

وفي ظل اللبس الذي اعترى الدبلوماسية السابقة من طرف بعض الجهات في المنطقة وداخل ليبيا، حول ما تراه انحيازًا جزائريًا لصالح حكومة فايز السراج والفعاليات المحسوبة على التيار الإخواني، فإن الجزائر كانت تعتبر موقفها "محايدًا وأنها تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف"، حسب تصريحات عديدة لوزير الخارجية السابق عبدالقادر مساهل.

وبقيت الحكومة الجزائرية السابقة، تخفي انزعاجها وتنظر بعين الريبة لدور قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر خاصة في المناطق المتاخمة للحدود الجزائرية، وعبرت عن ذلك بما كانت تسميه بـ"ضرورة وضع حد لفوضى السلاح في ليبيا بالمقام الأول، ثم التوجه إلى حوار ليبي – ليبي يضم جميع أطراف الصراع"، لكنها لم تفصح عن طبيعة الأطراف المقصودة خاصة ما يتعلق بالميليشيات المسلحة الموالية للحكومة.

وشدّدت آنذاك على "ضرورة وقف تدخل القوى الإقليمية في الملف الليبي، والإحجام عن دعم الفصائل الموالية بالمال والسلاح، من أجل السماح لليبيين ببلورة مصالحة داخلية ترعاها وساطات دول الجوار أو هيئات إقليمية أو دولية".

ورغم الانتقاد الصريح للدبلوماسية الجزائرية في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة حول دور الجزائر في ليبيا، والعتاب الضمني للرئيس الجديد، حول "تفريط" جزائري في الملف الليبي، فإن الترقب يتوجه إلى طبيعة العودة المنتظرة، إذا كانت ستتم بأوراق ومواقف جديدة، أم ستبقى وفية للمبادئ التقليدية المنتهجة في الدبلوماسية الجزائرية، على غرار عدم التدخل في الشأن الداخلي للآخرين، ودستورية عدم تجاوز الجيش الجزائري لحدوده الإقليمية.

ويخيّم الصمت المطبق أيضا على الموقف التونسي تجاه الاتفاقية المثيرة للجدل بين تركيا وحكومة السرّاج والتي تضمنت تعاونًا أمنيًا وعسكريًا، بجانب ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، ولكن بعد انتهاء الانتخابات التونسية والتي انتهت بفوز الرئيس قيس سعيّد برئاسة تونس يبدو أن الموقف التونسي يبقى إلى جانب دعم جماعة الإخوان المسلمين وحكومة الوفاق، خاصة بعد اللقاء الذي جمع الرئيس التونسي بالقيادي الإخواني الليبي خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي لمناقشة آخر الأوضاع والتطورات في ليبيا، بالإضافة إلى بحث الخطوط العريضة للمبادرة التي تقدّم بها لإيجاد تسوية شاملة للأزمة الليبية ومسار وضع مسودة دستور للبلاد.

الصَّمت الجزائري التونسي روسيا دول الجوار الليبي مصر اتفاق أنقرة – طرابلس الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون الرئيس قيس سعيّد القيادي الإخواني الليبي خالد المشري