التوتر يتصاعد.. هل تدقُّ طبول الحرب بعد فشل مفاوضات سد النهضة؟
- رمضان إبراهيمبعد خمس سنوات من المفاوضات بين القاهرة وأديس أبابا، انسحبت إثيوبيا من مفاوضات سد النهضة التي رعتها الولايات المتحدة الأمريكية، منذ نوفمبر العام الماضي، وإعلانها مؤخرًا خطة لبدء ملء بحيرة السد الضخم الذي تقيمه على النيل الأزرق، رغم عدم التوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان، بجانب تصعّيد لهجتها ومهاجمتها الجامعة العربية والإدارة الأميركية، وانحياز السودان إلى صفوفها.
ورفضت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان لها أمس الأول، "جملة وتفصيلا" قرار مجلس وزراء الخارجية العرب الأخير الذي دعم موقف مصر بمفاوضات السد، وقالت "الخارجية" الإثيوبية إن القرار "يقدم دعما أعمى لدولة عضوة بالجامعة العربية دون مراعاة الحقائق الرئيسية في محادثات سد النهضة".
وطالبت أديس أبابا جامعة الدول العربية "كمؤسسة تتألف من دول ذات سيادة، أن تتبع نهجا يسمح بالنظر الثاقب إلى الحقائق، ومراعاة مصالح جميع الأطراف المعنية"، مشددة في الإطار نفسه على أن لإثيوبيا "الحق في استخدام موارد مياه النيل لتلبية احتياجات الأجيال الحالية والمقبلة"، ملتزمة بمبدأ الاستخدام العادل والمعقول، بما لا يتسبب في ضرر كبير للدول الأخرى.
ورفضت أديس أبابا ما وصفته بـ "وضع الهيمنة غير المثمر"، مطالبة بمزيد من الحوار المفتوح والشفاف للتوصل إلى حل وسط، وبدا أنها تقدّم قراءة مبتسرة لاتفاق إعلان المبادئ الموقّع في مارس 2015 بين الدول الثلاث، إذ أكدت أنها ملتزمة التزاما راسخا بالاتفاق الذي "يؤكد أن الملء الأول سيتم بالتوازي مع الانتهاء من إنشاء السد".
وكالت إثيوبيا المديح لحكومة السودان لتحفّظها عن قرار الجامعة العربية، وأعربت عن تقديرها العميق للموقف السوداني "الذي يساعد على تعزيز الحلول المربحة لجميع الأطراف المعنية، من خلال الالتزام بالحوار البناء.
ولم يقتصر الهجوم الإثيوبي على جامعة الدول العربية، بل شمل الإدارة الأميركية، إذ عبّر المجلس الوطني لبناء سد النهضة الإثيوبي عن استيائه ورفضه للبيان الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية الذي تمسّك بضرورة تأجيل البدء في ملء خزان السد إلى ما بعد التوصل إلى اتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان.
وقال وزير الخارجية الإثيوبي سيليشي بيكيلي إن الولايات المتحدة تدخّلت كمراقب في المفاوضات، ثم تصرفت لاحقًا كوسيط، وصاغت اتفاقًا، "وهو أمر غير مقبول من الجانب الإثيوبي".
وأعربت وزارة الخارجية، عن رفضها جملة وتفصيلًا لبيان وزارة خارجية جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية الصادر يوم 6 مارس 2020، حول قرار مجلس جامعة الدول العربية الصادر يوم ٤ مارس ٢٠٢٠ بشأن سد النهضة الإثيوبي.
وقالت الخارجية، في بيانها، السبت: «لقد اتصف البيان الإثيوبي بعدم اللياقة، وافتقد للدبلوماسية، وانطوى على إهانة غير مقبولة لجامعة الدول العربية ودولها الأعضاء».
وأكدت الخارجية: أن «تبني جامعة الدول العربية لقرار يدعو إثيوبيا للالتزام بمبادئ القانون الدولي واجبة التطبيق وعدم الإقدام على أي إجراءات أحادية من شأنها الإضرار بحقوق مصر ومصالحها المائية ما هو إلا إقرار بالمدى الذي باتت إثيوبيا تعتقد أن مصالحها تطغى على المصالح الجماعية للدول ذات السيادة الأعضاء في جامعة الدول العربية والتي تسعى إثيوبيا للهيمنة عليها».
وتابع البيان: أن «قرار الجامعة العربية يعكس خيبة الأمل والانزعاج الشديد إزاء المواقف الإثيوبية طوال مسار المفاوضات الممتد حول سد النهضة، وبالأخص منذ إبرام اتفاق إعلان المبادئ عام ٢٠١٥، حيث إن النهج الإثيوبي يدل على نية في ممارسة الهيمنة على نهر النيل وتنصيب نفسها كمستفيد أوحد من خيراته، وقد تجلى ذلك في إصرار إثيوبيا على ملء سد النهضة بشكل منفرد في شهر يوليو ٢٠٢٠ دون التوصل لاتفاق مع دولتي المصب، في محاولة منها لجعل مسار المفاوضات رهينة لاعتبارات سياسية داخلية، وهو ما يمثل خرقاً مادياً لاتفاق إعلان المبادئ ويثبت بما لا يدع مجالاً للشك سوء نية إثيوبيا وافتقادها للإرادة السياسية للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن بشأن سد النهضة».
وأكدت الخارجية: أنه «قد ثبتت حقيقة مواقف إثيوبيا بجلاء في عدم موافقتها على اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة الذي أعده الوسطاء المحايدون، وهما الولايات المتحدة الأمريكية بالتنسيق مع البنك الدولي، وكتعبير عن دعمها السياسي، رحبت الجامعة العربية بهذا الاتفاق ودعت إثيوبيا لمراجعة موقفها والنظر في توقيع هذا الاتفاق».
وشدد البيان على أنه «في ضوء سياساتها خلال مفاوضات سد النهضة، فإن إثيوبيا ليس من حقها أن تعطي دروساً لجامعة الدول العربية أو دولها الأعضاء حول الصلات والوشائج التي تجمع الشعوب العربية والأفريقية، وهي الروابط التاريخية التي ليس لإثيوبيا أن تحدد مضمونها. إن مواقف إثيوبيا إزاء موضوع سد النهضة ما هي إلا مثال آخر على منهجها على الصعيد الإقليمي المبني على اتخاذ إجراءات أحادية، وهو ما ألحق الضرر والمعاناة بالعديد من إخواننا الأفارقة».
ودعت وزارة الخارجية المجتمع الدولي للانضمام للجامعة العربية في إدراك طبيعة سياسة إثيوبيا القائمة على العناد وفرض الأمر الواقع، وهو ما يهدد بالإضرار بالاستقرار والأمن الإقليميين، كما دعت إثيوبيا لتأكيد التزامها بعدم البدء في ملء سد النهضة بدون اتفاق، وللموافقة على الاتفاق الذي أعده الوسطاء المحايدون.
وأكدت وزارة الخارجية أنه «لا يزال أمامنا حل متوازن لموضوع سد النهضة يؤمن المصالح المشتركة لكافة الأطراف ويوفر فرصة تاريخية لكتابة فصل جديد من التعاون بين الدول المشاطئة للنيل الأزرق، وهي الفرصة التي يجب اغتنامها لمصلحة ٢٤٠ مليون مواطن في مصر والسودان وإثيوبيا»