ردًّا على يوسف زيدان.. وكيل الدعوة الإسلامية يذكر 6 مؤسسات وجدت منذ بداية الإسلام
قال الدكتور محمود الصاوي، وكيل كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأهر، إنه في الوقت الذي تدعو فيه الدولة إلي ضبط الخطاب الديني والفقهي، والقضاء علي الفوضي، والعشوائية في الافتاء؛ لقطع الطريق علي الفتاوي الشاذة والمتطرفة، يخرج علينا الروائي والكاتب الدكتور يوسف زيدان بهذه الدعوى الغريبة بإلغاء المؤسسات الدينية، وعدم اعتبارها، وأنها فكرة دخيلة علي الاسلام!
وردَّ "الصاوي" على هذه الدعوى بأن الفكر المؤسسي أحد المداخل المهمة، والمؤشرات القوية علي تقدم الشعوب، والمجتمعات، والحضارات، وكانت سمة بارزة لحضارتنا الإسلامية منذ نشأتها الأولي، وبدأت باكرة وأسست علي يد الرسول الأكرم والنبي الأعظم سيدنا محمد -صلي الله عليه وسلم.
وتساءل وكيل الدعوة الإسلامية، لماذا يسعي الروائي لسلب هذه الميزة الواضحة، والسمة البارزة من حضارتنا الاسلامية؟... بخلاف الحقيقة أهي الرغبة في الانتقاص من شأن حضارتنا، وهويتنا، ونظمنا الإسلامية، أم ماذا؟
ولمصلحة هذا الحديث غير العلمي في هذه الآونة بالذات ؟ في الوقت الذي تصطف فيه كل المؤسسات الوطنية لمواجهة التشدد، والغلو، والإرهاب، ولايمكن ذلك إلا بالتفاف الأمة، والمجتمع حول مؤسساتها الدينية ثقة في خطابها، ومسؤوليتها الدينية، والشرعية، والوطنية من جهة، وتخلصًا من شباك الخطاب الداعشي والقاعدي ومن يناصرونه من جهة أخري.
وأوضح "الصاوي" أن الدعوى لعدم وجود مؤسسات في الإسلام مجافٍ للحقيقة، ومجانب للصواب، مستدلًا على ذلك بأننا إذا تأملنا واقع المجتمع في عهد النبوة، والخلافة الراشدة، باعتبار أنها المرجعية الأساسية المعتمدة للمسلمين بدليل "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ"
تبرز أمامنا مجموعة مؤسسات كبري في العهد النبوي، والخلافة الراشدة، تعد قاعدة انطلاق للمؤسسية، وللفكر المؤسسي الذي التزمت به الأمة بعد ذلك.
هذه المؤسسات هي :-
١- المهاجرون الأولون:
اختزلوا في العشرة المبشرين بالجنة، وهذه ليست وظيفة، وعدد المبشرين بالجنة أكثر من ذلك بكثير، في أحاديث عديدة، إنها في الواقع إحدي المؤسسة للدستورية السياسية التي قامت عليها الدولة، وكانوا زعماء وقادة كبار قريش، وهم ساداتنا أبو بكر من تيم، وعمر من عدي، وعثمان من بني أمية، وعلي بن أبي طالب من هاشم ،أبو عبيدة من فهر، الزبير بن العوام من أسد، طلحة من تيم، سعد من زهرة، عبد الرحمن بن عوف من زهرة، سعيد بن زيد من عدي.
وبيّن أن هؤلاء كانوا مؤسسة سماها أبو بكر"موسسة. الأمراء" وكان لهذه المؤسسة وضعية خاصة، كانت بيوتهم تحيط بالمسجد النبوي، مقر إدارة الدولة، وتفتح أبوابهم علي المسجد، ومكانهم في الصلاة خلف رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ومكانهم في الحرب أمامه، نحن أمام مؤسسة لها اختصاصاتها الدستورية، والسياسية، والقانونية ترشح للخلافة، وتعقد البيعة الأولي، ثم البيعة العامة، وهي مؤسسة الأمراء، يُختار منها الخلفاء، ومعها المؤسسة الثانية.
2- مؤسسة النقباء الإثني عشر: "مؤسسة الوزراء"
تكونت في بيعة العقبة الذين عقدوا بيعة العقبة كانوا خمسة وسبعين، ثلاثة وسبعين رجلًا وامرأتان ، المرأة شاركت في عقد تأسيس الدولة الإسلامية، وكانت أعلي مستويات الولاية السياسية قبل ١٤٠٠ سنة، كانت فيهم أم عمارة "نسبية بنت كعب"، وأسماء بنت يزيد بن السكن ، عندما أرادوا بيعة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال لهم اختاروا منكم اثني عشر نقيبًا؛ فولدت مؤسسة النقباء بالانتخاب من بيعة العقبة.
3- مجلس شوري السبعين:-
مؤسسة سياسية، واستشارية، مجلس شوري للدولة الإسلامية، وكان يجتمع في مسجد النبي-صلى الله عليه وسلم- بمكان محدد، في أوقات انعقاد محددة، جمعه سيدنا عمر عندما فتحت فارس، وقال لهم: نحن نعرف اليهود والنصاري، لكن هؤلاء مجوس يعبدون النار، وعرض الأمر علي مجلس السبعين، فوثب عبد الرحمن بن عوف وأدلي بشهادته، وقال: أشهد أني سمعت رسول الله-صلى الله ليه وسلم- يقول: سنوا فيهم سنة أهل الكتاب، إذًا كانت لدينا مؤسسات بُنيت عليها الدولة الإسلامية، وسيدنا عمر كان يعرض عليهم قضايا الأمة ومشكلات الأقاليم، والتقارير التي كانت تأتيه.
وأضاف وكيل الدعوة، أنه وجدت مؤسسة الزكاة، والعاملين عليها، مؤسسة فيها عمال، وموظفون من يجبي، ومن يغطي، ومن يوزع ومن يخزن...إلخ
4- مؤسسة الوقف:-
المؤسسة الأهلية الأم التي تولت صناعة الحضارة الإسلامية، وتجديد الحضارة الإسلامية، والذي بدأ هذه المؤسسة هو سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم.
فقد أوجد الحمي "الوقف" فحمي أرضًا بالنقيع لخيل المسلمين، وحمي أرضًا بالزبدة لأبل الصدقة، وأسلم مخيريق اليهودي، واستشهد بعد عام من إسلامه وأوقف سبع بساتين تركها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأوقفها رسول الله، ثم أوقف عمر بعد ذلك، حتي إنه لم يبق أحدًا من أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قادر علي الوقف إلا أوقف.
5- مؤسسة الحسبة:-
وضمن مسؤولياتها الأسواق، والتجارات، وغير ذلك، وتوزعت مهامها حاليًا علي عديد من الوزارات، كالتموين ،والصحة، والرقابة علي الصناعات الغذائية، وغير ذلك.
وقال "الصاوي": إننا نقرأ في كتب السنة وافدة النساء أسماء بنت يزيد بن السكن، والتي شاركت هي وأم عمارة في بيعة العقبة، ذهبت السيدة أسماء وتقول لرسول الله –صلى الله عليه وسلم: أنا رسول من خلفي من نساء المؤمنين يقلن بقولي وهنّ علي مثل رأيي، إن الله بعثك للرجال والنساء، وقد غلبك الرجال علينا فاجعل لنا يوما تعلمنا فيه، مستشهدًا بأن هذا يعد نواة لجمعية أو مؤسسة موجودة.
مضيفًا أنه حتي الحِرف، والصناعات كانت أعمال مؤسسية لها رئيس، ورأي، واجتماع، وأعضاء، ومستوي أعلي، ومستوي أدني... إلخ
وحتي الفرق الإسلامية كانت مؤسسات لها قادتها، واتباعها، ونظامها، ومبادئها، وأعضاؤها، والأزهر الشريف عبر تاريخه كان مؤسسة كبري بها أربعة مذاهب، لكل مذهب شيخ، وتلاميذ، وأتباع، ومناهج.
وأكد وكيل الدعوة، أن فكرة المؤسسية لصيقة بالدعوة الإسلامية؛ لأن الإسلام دين الجماعة، الإسلام أسس أمة وأقام حضارة من أعظم حضارات الدنيا، وإن كانت في أفول في أيامنا هذه، فإن هذه دورة حضارية، كل حضارة تأخذ دورتها، وتظل في مقعد القيادة والسيادة طالما التزمت بسنن الله الكونية.