الجمعة 22 نوفمبر 2024 08:34 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

«في حضرة الفقيه» .. مفتي الجمهورية لـ «الميدان»: «اضطلعنا بدورنا في أزمة "كورونا" .. ولا داعى للمزايدة حول إغلاق المساجد» (حوار)

فضيلة مفتي الجمهورية
فضيلة مفتي الجمهورية

الصدقة أولى من أداء بعض المشاعر .. والدين لا ينفصل عن مستجدات العصر .. وهذه حقيقة ذكر "كورونا" في القرآن 

 

لم يطردنا الله من رحمته .. والضرورات الصحية تنسحب على فريضة الحج

 

علينا إظهار المروءات في أوقات الأزمات وثواب الزكاة المعجلة في هذه الحالة أعظم
 

أذهان الكثيرين انصرفت إلى أن الدين قاصر على المسجد .. وهكذا استقبل الرسول شهر رمضان

 

الإسلام حثنا على حفظ النفس .. وفقه الأولويات يمثل منهج الإسلام في التعاطي مع مختلف المستجدات
 

استثمروا رمضان في عمل الطاعات واغداق الصدقات .. ويجب استنفار الأغنياء إلى مد يد العون للفقراء

 

صلوا التراويح في بيوتكم .. وخطتنا لشهر رمضان ترتكز على تعظيم الاستفادة من الوسائل التكنولوجية

 

"لأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهرًا" .. هكذا علق فضيلة مفتي الجمهورية في بداية حوارنا معه على تداعيات وباء كورونا وقرار غلق المساجد وتعليق بعض الشعائر، فعلى بعد أيام وربما ساعات يستقبل المسلمون في ربوع العالم شهر رمضان المعظم، الذى يحل علينا هذا العام وسط أجواء خاليه من البهجة و النفحات والروحانيات والشعائر التي فرضها وباء كورونا وإجراءات العزل المنزلي، وفى الوقت الذى طفت فيه على السطح مجموعة من القضايا والاشكاليات المرتبطة بالأزمة وبحلول الشهر المعظم والتي أصبحت مثارا للجدل، كان لنا لقاءا مع فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، لنضع مع فضيلته أيدينا على بيت الداء ونصل إلى خلاصة الدواء، وكيف يستطيع المسلم تحصيل عظيم النفحات الربانية في رمضان في مثل هذه الأجواء، وهل سيكون فرصة جيدة كي نتعلم كل ما يقوي الروابط الأسرية، فنجتمع على طاعة واحدة، تقربنا إلى خالقنا بقلوب صافية، وغيرها من الأسئلة الملحة والفتاوى الهامه التي أجابنا عنها فضيلة المفتي في سياق الحوار التالي:

 

فضيلة المفتي كيف ينعم العالم الإسلامي بنفحات الشهر المبارك في ظل الأجواء الملبدة التي نعانيها جميعا جراء فيروس كورونا؟
فريضة الصوم جاءت مرتكزًا للعام كله، فيجب أن يستعد لها المسلم قبل أن يؤديها بخلاص النية والتوبة والعزم على حصد البركة والرحمة والنجاة من الأوبئة والعتق من النار، و رمضان فرصة للصائم أن ينهل ويغتنم هذا الشهر حتى لا يضيع عليه مثل هذا الثواب العظيم، وفى مثل هذه الظروف يجب استثمار الشهر الفضيل في الطاعات وأعمال البر والخير واغداق الصدقات والزكاة والتكافل حتى نساهم في رفع الكرب عن المكروبين
، وقد وخصَّ الله تعالى شهر رمضان من بين سائر شهور العام بالتكريم والبركة وجعله موسمًا عظيمًا تنهل منه الأمة من الخير ما لا يمكن حصره ووصفه، حتى بات هذا الشهر الكريم يمثل غاية كبرى وأمنية منشودة للصالحين يتمنون على ربهم بلوغها وإدراك هذا الزمان المبارك والاستعداد والتهيؤ ظاهرًا وباطنًا لإحيائه بإخلاص النية لله تعالى والعزم على اغتنام أوقاته والاجتهاد فيه بالأعمال الصالحات وهم في صحَّة وعافية ونشاط، ومن ثم فالأولى بالإنسان أن يغير سلوكه وأفعاله السيئة إلى الأعمال الحسنة والإيجابية والتوبة من الأفعال التي لا يرضاها الله عز وجل؛ فيكون لهذا مردود على كل من يحيط بنا، ونسأل الله أن يهل علينا الشهر الكريم وقد انزاحت عنا الغمة وكفانا شر البلاء والوباء.


 فقه الأولويات .. هل تتسق حملتكم "كأنى اعتمرت" مع فقه النوازل والأولويات وهل يسقط التبرع بأموال العمرة أداء هذه الشعيرة عن المسلم؟

تهدف هذه الحملة الى إعادة العقل المسلم لفقه الأولويات، هذا الفقه الذي يمثل منهج الإسلام في التعاطي مع مختلف المستجدات، وهو المنهج الذي يجعل الإحساس بالمسلمين وهمومهم واجبًا، فضلًا عن كونه نعمة، لذلك جاء في الحديث النبوي الشريف: "المسلم أخو المسلم: لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره"، فمن ترك مسلمًا يجوع أو يعرى- وما أكثر ما يحدث ذلك هذه الأيام -  وهو قادر على إطعامه وكسوته فقد خذله، وهذا نص نبوي يبرهن على المعنى ويوضح المقصود حيث يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحبُّ الأعمال إلى الله عزَّ وجل: سرورٌ تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهرًا"، ومن ثم تأتى هنا الصدقة في باب أولى من أداء بعض الشعائر فمن يتصدق بأموال العمرة ممكن كانوا ينوون أداء العمرة هذا العام، وحالت الظروف؛ بسبب فيروس كورونا كأنهم اعتمروا وزيادة.

 

** يقارن البعض بين قيام الجهات المختصة بغلق المساجد بعد تفشى وباء كورونا في حين استمرت شركات الإنتاج في تصوير المسلسلات بماذا نرد عليهم؟

نعلم أن المسلمين جميعًا حزنوا لغلق المساجد، فقلوبهم تتعلق ببيوت الله، ولكن لا داعي للجدل والمزايدة، خاصة في ظل الأزمة التي نمر بها، فعلينا أن نترك الأمر للمسئولين والمرجعيات العلمية والدينية، فهم أدرى بالصالح العام، والإسلام حثنا على حِفَظِ النَّفس وصيانتها بكلِّ الطُّرق والسُّبل التي تدرأ عنها الهلاك، وتمنع عنها الضرر؛ ومن ذلك ما قعَّده الفقهاء من القواعد الوقائية في الشريعة الإسلامية بقاعدة الدَّفع أقوى من الرَّفع، ودرء المفاسد مقدم على جلب المنافع، و إذا حدث ما يعرض الإنسان للهلاك من أمراض، ففي هذه الحالة نقول لا تذهب إلى المسجد حتى ينتهي الوباء.

 

- هناك الكثير من الدعوات الى التجمع لصلاة التراويح فوق أسطح المنازل، كيف نرد على هؤلاء، وما السبيل لحصد ثواب صلاة التراويح في المنزل؟
الالتزام بالقرارات الاحترازية هو عبادة شرعية يثاب الإنسان عليها، والمعذور له أجر صلاة التراويح في المسجد تمامًا، وفي مثل هذه الأجواء تؤدى صلاة التراويح في المنزل فرادى أو مع الأسرة، ويمكننا صلاة التراويح والتهجد والاعتكاف والاجتماع على ذكر الله تعالى وإقامة الندوات والدروس الدينية التي يستفيد منها المسلم في المنزل علما ورقيا روحيا قد لا يتوفر له نظيره في بقية العام، والمسلم الحق يجب عليه أن يعلم أن لله تعالى عبادة وحقا في كل وقت وحال، وأن الله تعالى مطلع عليه يعلم سره وجهره، وأنه دائما بقلبه وروحه مع الله تعالى مستسلم لما حكم وقدر، وعليه أن يفكر في حلول وأفكار استثنائية لظروف وأحوال استثنائية، وعلينا أن ندرك ونعي كمسلمين أن عدم إقامة الشعائر الجماعية في ظل هذه الظروف من الناحية الشرعية واجب شرعا وهو أمر الله تعالى الذي لا تصح مخالفته أو التحايل عليه لأي سبب ولو كان لإقامة الجماعة أو التروايح.

 

ماذا عن الادعاءات بذكر فيروس كورونا في القرآن وبعض كتابات الكتاب المشهورين؟

كافة ما يثار في هذا الشأن هو محض افترا وتدليس على القرآن وتحريف لمعنى آيات الله عز وجل، ولابد من أهمية الإيمان بأن الله عز وجل أمرنا بالأخذ بالأسباب والتوكل على الله والدعاء، فعلاج هذا الأمر هو اتباع التعليمات الصحية من وزارة الصحة، والدعاء إلى الله عز وجل برفع الوباء، وليس بنشر الخرافات ومحاولة إثبات شيء ليس له أساس من الصحة.

 

وهل لنا في استقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم نفحات الشهر الكريم عبرة وآية نستدل بها في زماننا هذا؟
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعجل قدوم رمضان ويدعو الله بقوله: اللهم بلغنا رمضان لأجل استعجال الطاعة، ولم يحرص على استعجال الزمن حرصه على رمضان؛ لما للشهر الكريم من فضائل وخصوصية.
وصام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسع سنين؛ كما قال الإمام النووي في "المجموع": [صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ رَمَضَانَ تِسْعَ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ فُرِضَ فِي شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِن الْهِجْرَةِ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ مِن الْهِجْرَة.

 

يعانى العام أجمع من كساد اقتصادي بالغ الصعوبة .. فكيف يتغلب المسلم على هذا الأمر وكيف نتأسى بمبادئ التكافل والرحمة بالفقراء في ظل هذه الظروف؟

الصدقة على الفقير وكفايته أولى من نوافل عدة اعتاد عليها الانسان، ولعل ما يمر به العالم من كساد اقتصادي تبعًا للإجراءات الوقائية التي تتبعها الدول للحد من عدوى فيروس كورونا الوبائي ومنها مصر، أدى إلى ركود في معايش الناس وأرزاقهم، وزاد حالة الفقر ووسع هوة الفاقة وأكثر من مظاهر الحاجة، فاشتدت حاجة الفقراء والمساكين إلى أموال الزكاة لمواساتهم ونجدتهم، وهذا أدعى لاستنفار الأغنياء إلى مد يد العون للفقراء والمحتاجين.

وتقديم الزكاة  مذهب جماهير الفقهاء وعليه العمل والفتوى؛ إظهارًا للمروءات في أوقات الأزمات، وثواب الزكاة المعجلة يكون في هذه الحالة أعظم، لما فيه من مزيد تفريج الكروب وإغاثة الملهوفين وسد حاجة المعوزين، كما أن الشريعة الإسلامية جعلت كفايةَ الفقراء والمساكين هي أهم مقاصد الزكاة وآكدها، إذ جاءوا في صدارة مصارفها الثمانية للتأكيد على أولويتهم في استحقاقها؛ قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾[التوبة: 60]؛ وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه إلى اليَمَن: "فَإن هم أَطاعُوا لَكَ بذلكَ فأَخبِرهم أَنَّ اللهَ قد فَرَضَ عليهم صَدَقةً تُؤخَذُ مِن أَغنِيائِهم فتُرَدُّ على فُقَرائِهم"، والأصل في الزكاة ابتناؤها على مصلحة الفقراء وسدادها لفاقة المحتاجين حتى يتحقق المقصد التكافلي، ويحصل الاكتفاء الذاتي، وتظهر العدالة المجتمعية، وتقل الفوارق الطبقية، وتحل المشكلات الاقتصادية، وتزداد وفرة الإنتاج وتضعف نسبة البطالة؛ فترتقي بذلك أحوال الأمم والشعوب وتتوطد أسباب الحضارة، والشريعة الإسلامية الغراء كان لها قدم السبق في إدارة الأزمات، وحل المشكلات، وسد الحاجات؛ فقد جعلت الزكاة في مال الغني مستحقة لمصارفها بمجرد حلول وقت أدائها؛ حتى لا يؤدي تأخيرها في يد المزكي إلى الإضرار بالفقير، لكنها في الوقت نفسه أجازت تعجيل إخراج الزكاة إذا اقتضت المصلحة ذلك؛ كما هو الحال في أزمنة المجاعات والأوبئة والحروب.
 

وكيف تعظم دار الإفتاء المصرية الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي لمواكبة الظرف الحالي للتواصل مع الصائمين في رمضان؟

دار الإفتاء لديها خطة استراتيجية لاستقبال شهر رمضان كل عام، و ترتكز خطتنا العام الحالي على تعظيم الاستفادة من الوسائل التكنولوجية لايصال رسالة الدار في ظل ظروف العزل الصحى الراهنه، وفى سبيل ذلك تعمل دار الإفتاء على تعزيز فريق الفتوى الهاتفية والإلكترونية من أجل إتاحة الفرصة لتلقي أكبر عدد من تساؤلات الناس فيما يتعلق بالشهر الكريم عن طريق الخط الساخن للدار (107)، هذا بالإضافة إلى زيادة عدد فريق الفتوى الإلكترونية، حيث تستقبل الدار أسئلة المستفتين عبر نافذة لها على موقع دار الإفتاء المصرية على شبكة الإنترنت، كذلك لدينا تطبيق إلكتروني على الهواتف الذكية يهدف لتسهيل التواصل بين السائلين ودار الإفتاء المصرية وهو استكمال لمسيرة دار الإفتاء نحو تذليل عقبات وصعوبات عملية حصول المستفتين على إجابات لفتاويهم من ذوي الخبرة والتخصص، فيتاح أيضًا استقبال أسئلة الصائمين فيما يتعلق بالشهر الكريم من خلال الأجهزة المحمولة بشتى أنواعها، كما يمكن للسائل مشاهدة جميع أسئلته التي يرسلها إلى دار الإفتاء المصرية في أي وقت يريده، ويستطيع تمييز الأسئلة المهمة لديه، هذا فضلًا عن ما يعرضه الأبلكيشن من أهم الفتاوى الحديثة المرتبطة برمضان وغيرها، وخدمات أخرى يقدمها البرنامج، كما سيتم العمل على تكثيف ساعات البث المباشر على صفحة دار الإفتاء الرسمية، والتي يقوم علماء الدار باستقبال أسئلة المتابعين أثناء البث والرد عليها مباشرة، وبعد انتهاء البث يتم تقطيع الأسئلة التي ورد واجاباتها في فيديوهات منفصلة ونشرها على الصفحة الرسمية وقناة اليوتيوب الخاصة بالدار، فضلا عن ظهور عدد من علماء دار الإفتاء المصرية في بعض البرامج التلفزيونية المباشرة للرد على استفسارات المشاهدين وأسئلتهم حول رمضان وأحكام الصيام، بالإضافة إلى الرسائل والبيانات الصحفية اليومية التي تصدر عن المركز الإعلامي لدار الإفتاء حول أحكام وفتاوى الصيام التي يكثر السؤال عنها.

وسوف اطل على المشاهدين الكرام هذا العام من خلال قناة صدى البلد في حلقة يومية نتناول فيها احكام رمضان والصيام وكافة ما يجول في ذهن الصائم والمشاهد من أسئلة وفتاوى.

يفسر البعض غلق المساجد وتعليق الشعائر بأنه طرد من رحمة الله تعالى، فهل تنسحب الضرورات الصحية على فريضة وشعيرة كبرى مثل فريضة الحج لتصبح ضرورة شرعية؟
الدين وجد لخدمة الانسان وليس العكس، وحفظ النفس من مقاصد الشريعة الإسلامية بل مقدم على حفظ الدين، وقرار تعليق العمرة والتريث في قرار الحج هذا العام لمواجهة انتشار فيروس كورونا يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية للحفاظ على أرواح وسلامة المعتمرين وضيوف الرحمن، والامر ينبع من الحرص على الالتزام بالتعليمات الصحية وأمن واستقرار المشاعر الدينية وكل ما تتخذه من إجراءات لضمان تحقيق ذلك، والسعي للحفاظ على أرواح المعتمرين وضيوف الرحمن ومن ثم لا يجب تفسيره بانه طرد من قبل المولى عز وجل، ولا شك ان كافة القرارات المتعلقه بغلق المساجد وتعليق مناسك الحج والعمرة تأتي استنادًا للقاعدة الفقهية "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح".

 

مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت الكثير من الشائعات خلال الآونة الأخيرة فهل ترى فضيلتكم ان على الإعلام عبئ كبير في مواجهة هذه الظاهرة؟

بالطبع على الإعلام عبئ كبير في توصيل المعلومة الصحيحة ودرء الشائعات وتوضيح الغث من السمين، والإعلام له دور مهم في تشكيل الوعي ونشر العلم والخير والثقافة بين الناس، كما له أهميته العظمى في ترقية الشعوب وتقدم الدول إذا ما أُحسن استخدامه وتوجيهه نحو القضايا العامة والموضوعات الهامة التي تسهم في تقدم الأوطان وازدهارها، والإعلام الوطني الجاد ركن ركين من أركان نهضة الأمم وتقدمها، وقد كان للإعلام وقفات مشهودة مشرفة في كل الظروف والتحديات التي مرت بها الأمة الإسلامية.

 

 مع منع إقامة موائد الرحمن هل يجوز استبدالها بقيمة نقديه أو توزيع سلع غذائية على المحتاجين كنوع من التكافل الاجتماعي؟

فى تلك الظروف التي تمر بنا ومع خطر التجمع عبر موائد الرحمن فيفضل المبادرة بإخراج قيمة الموائد نقدا أو سلعا غذائية للفقراء والمحتاجين قبل دخول الشهر المبارك، مع التأكيد على أن النقد أنفع للفقير لسعة التصرف فيه، وعبادة إطعام الطعام، ينشأ عنها عبادات كثيرة منها التودد والتحبب إلى المُطعَمين فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة : كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا "، ويقول المولي عز وجل: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}، واطعام الطعام من احب العبادات وقد جعله الله سبحانه سببًا من أسباب دخول الجنة، وفى فضله قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أطعموا الطعام، وأفشوا السلام تدخلوا الجنة بسلام»، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل في الحديث الصحيح: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» فتلك العبادات والشرائع في الإسلام من أهدافها أن تزرع الخير والمحبة في قلب المسلم، فيصل لتلك المرتبة العلية من حسن معاملة الناس والرحمة بهم وخاصة بالضعيف والمحتاج منهم.

 

هناك من المستجدات والنوازل ما يحتاج إلى معالجة خاصة في حين يتهم البعض المؤسسات الدينية بانفصالها عن تلك المستجدات فكيف يمكن بيان ذلك؟

الدين لا ينفصل عن مستجدات العصر بل جاء لضبط حياة الانسان كما جاءت تعاليمه تحمل في طياتها ضرورة الاعتناء بكافة شؤون الدنيا وكذلك جاءت شريعة الإسلام للتوافق مع كافة النوازل والمستجدات، وفى هذا ما ورد في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "انتم اعلم بشؤون دنياكم"، وقضية التجديد والتطوير في البحوث الفقهية والمستجدات من أهم القضايا التي تشغل بال أهل العلم في العالم الإسلامي في وقتنا الحاضر حيث برزت على أغلب منصات المؤتمرات العلمية العالمية، وتردد صداها في أروقة البحث العلمي الأكاديمي، وبالتجديد يتسنى لنا أن نساير متطلبات العصر والواقع، وأن نحقق مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء من غير إخلال بالثوابت أو إهدار لأى معلوم من الدين بالضرورة، وقد انصرفت أذهان الكثيرين إلى أن الدين قاصر على المسجد متجاهلين ان الدين هو المعاملة لذا جاءت دعوات التجديد حتى يتوافق مع روح العصر  ومستحدثاته وقضاياه الطبية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية وغيرهم فتجديد الخطاب الديني يعني أن نأخذ من المصادر الأصيلة للتشريع الإسلامي ما يوافق كل عصر باختلاف جهاته الـ 4 «الزمان والمكان والأشخاص والأحوال» بما يحقق مصلحة الإنسان في زمانه وفى إطار منظومة القيم والأخلاق، وبشأن أزمة جائحة كورونا فالمؤسسات الدينية اضطلعت بدورها منذ البداية وبادرت باتخاذ التدابير اللازمة والتحذيرات الواجبة ونصحت بضرورة الالتزام بتعليمات الصحة العالمية كما عضدت من جهود الفرق الطبية وأهمية الطب في الوقت الراهن، وكذلك ناشدت الجموع بضرورة تعزيز الدور المجتمعي والتكافلي لدفع الوباء والبلاء بمزيد من العطاء.

مفتي الجمهورية شوقى علام فضيلة المفتى رمضان كورونا التراويح الزكاة الاغنياء الفقراء غلق المساجد