عمرو خالد: «كأنك تراه» هكذا تصل إلى الإحسان في عبادتك لله
أحمد واضحقال الدكتور عمرو خالد الداعية الإسلامي، إن تأمل أسماء الله الحسنى يقود الإنسان إلى الوصول إلى مرتبة الإحسان، فهي تسكن كل تفاصيل الحياة بطولها وعرضها، وهو ما ينتهي به إلى الوصول لإحساس عميق بالله: "كأنك تراه".
وفي أولى حلقات برنامجه الرمضاني "كأنك تراه"، عرّف خالد معنى الإحسان بأنه "إحساس عال جدًا بالله في كل جزئيات حياتك.. "أن تعبد الله كأنك تراه"، أن تشعر به في كل جزئيات حياتك، إن كنت على سريرك، أو تقود سيارتك، وأنت في صلاتك".
واستشهد بالحديث الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ووصفه الإمام الشافعي بأنه "ربع الدين"، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، وقال يا محمد ، أخبرني عن الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الإسلام : أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً " . قال : صدقت ، قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه . قال : فأخبرني عن الإيمان . قال : " أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره " . قال : صدقت . قال : فأخبرني عن الإحسان ، قال : " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك " . قال : فأخبرني عن الساعة ؟ . قال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " . قال : فأخبرني عن أمارتها ؟ . قال : " أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان " . ثم انطلق ، فلبثت مليًا، ثم قال لي : " يا عمر، أتدري من السائل ؟ . قلت : الله ورسوله أعلم . قال : هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " . رواه مسلم.
وأردف الداعية الإسلامي،: إن الإحسان درجتان: إحساس عال، "أن تعبد الله كأنك تراه"، وإحساس أقل من ذلك "فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، وهو أن تشعر أن ربنا حاضر معك في كل حياتك وتصرفاتك، إذا سرى فيك الإحسان.. تحسنت أخلاقك وصفاتك وقدراتك ونجاحك.. لأنك ترى الله في كل حياتك.. مع الله تعبده وتصلي كأنك تراه.. مع الناس حسن الخلق.. مع الحياة إحسان العمل يعني إتقان وإبداع.. فيكون ثلاثي الأبعاد.. مع الله، ومع الناس، ومع الحياة.
وأشار، إلى أسماء الله الحسنى تحرك الخيال الروحي لتصل لإحساس "كأنك تراه"، لأن العقل البشري يعجز أن يدرك ذات الله! فإدراك الذات الإلهية أمر يستعصي على البشر ولكن الله برحمته ولطفه ومحبته لعباده عرف نفسه لعباده بما يسهل عليهم إدراك صفاته سبحانه من خلال أسمائه الحسنى، ثم أفاض سبحانه برحمته وكرمه ووده بأن جعل أسماءه الحسنى تتجلى في كل الكون؛ فكان الكون مرآة لأثار تجليات أسمائه الحسنى. "كأنك تراه".
وأوضح، أن كل صغيرة وكبيرة في الكون تذكّرك بأسماء الله الحسنى، لا توجد ذرة واحدة في الكون إلا وهي تحمل ختم أحد أسماء الله الحسنى. يقول الله: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[البقرة:115] أن كل موجود في الكون هو علامة إلهية أو إشارة على الحضور الإلهي، إشارة تربطك بأسماء الله المتعلقه بكل صورة للكون تراها في يومك وليلتك.
وقال "خالد"، إن أسماء الله الحسنى تملأ الحياة: لتشعر بحضور الله معك .. كأنك تراه.. فمن اسمه الحَنَّان المَنَّان يظهر أهل الحنان وأهل الفضل. ومن أسمائه الرؤوف الودود الحليم الرحيم يظهر أهل الكرم وأهل المودة وأهل الرحمة، ومن اسمه الشافي ترى عجائب شفاء الله لعباده (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)[الشعراء:80].. ومن اسمه الجبار يجبر عباده المكسورين في الحياة، في صوت الرعد يتجلى اسم الله المهيمن، في نسمات الليل يتجلى اسم الله اللطيف، في تقلب أحوال البشر يظهر اسمه المُعِزّ المُذِلّ، كل جمال في الكون من سِر: "إنّ الله جميل يحب الجمال" كل رحمة في الكون من سر: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)
وأوضح أن أسماء الله الحسنى تسكن في كل تفاصيل هذه الحياة بطولها وعرضها، وحتى يصل الإنسان إلى مرتبة الإحسان عليه الإحساس بأسماء الله الحسنى، والذكر هو من سيقودك إلى ذلك "كلما ذكرت بعمق .. ستفتح لك اسراء وأنوار وأبواب وقنوات إلى عالم الروح أنوار وأفراح وطمأنينة ورضا وسعادة، شيء يقذف في قلب
وتطرق إلى المعاني العميقة للذكر في أحاديث النبي: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره كمثل الحي والميت" البخاري، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه البخاري ومسلم.
وشدد خالد، في النهاية على أن الذكر لابد أن يكون معه الفكر، قائلاً: الفكر يعني: التفكر والتأمل، ذكر وفكر يعني: لسان يذكر وعقل يتأمل وقلب يتأثر وينفعل.
شاهد الحلقة: