الجمعة 22 نوفمبر 2024 04:46 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

الرهان أنت.. لا أحد

عبير العربى

لا شك بل وبكل تأكيد هناك عوامل كثيرة مهمة وملتحمة تساعد على النجاح وصناعة الذات ووضعها في المكانة التي تسعى إليها؛ إذ إن صناعة النجاح ليست سهلة كما أنها في المقابل ليست مستحيلة، فمثلا نجد أن البنيان الأول للنجاح هو الكيان الأسري، مفردات النجاح الأولى تكمن بين يدي الأب والأم فهما النواة بل الركيزة الأساسية لصياغة الحلم الوردي الذي يولد، وينبت، ويترعرع داخل النفس البشرية منذ الصغر، وكذلك هناك عوامل مجتمعية مهمة تساعد على صياغة هذا النجاح؛ ليصبح مثل هؤلاء نموذجًا داعمًا لنجاح أجيالٍ متتالية.

 

لكن يبقى الهدف الأهم في صناعة وصياغة هذا الحلم وتحقيقه هو أنت، نعم أنت، فلو فقدت الإرادة داخلك وعزم الأمور في أن تصبح شخصًا ناجحًا متحققًا مؤثرًا، لن تؤثر فيك كل مقومات وعوامل النجاح، ويمكن في هذه الحالة تتحول إلي عصا قاسية جاهلة تكسر كل العوامل التي تدعمك وتدفع بك إلى الأمام، ولعلنا رأينا نماذج كثيرة وعديدة تؤيد  بل تؤمن إيمانًا راسخًا وإن كان باطلا- بنظرية الشماعة- وتعليق كل المعوقات عليها حتى لا يصنع لنفسه طريقًا طيبا زاهرًا ، ويتحول إلى شخص فاشل ناقم لا يتحدث إلا عما فقده، وما عاقه لأنه لا شيء ولن يكون.

 

وفي المقابل نجد أن أشخاصًا كثيرين حرموا من كل المقومات الداعمة للنجاح أولها الدعم الأسري؛ نظرًا لتفاصيل كثيرة لن نسردها وإن كان من الممكن أن نشير إلى أبرزها ،مثلا الخلاف الأسري الجامح بين الأب والأم وعدم التفاهم والرضا المعيشي وانصراف كل منهما لأموره واحتياجاته الشخصية، وإلقاء مسؤولية الأبناء على الآخر، تخلق بلا شك جيلًا مهزوزًا ، معتم الأحلام والأهداف، لكن قد نرى من داخل هذه الأنقاض الأسرية ولادة أشخاص مختلفين ، يخرج منهم  جيل مفعم بالحلم والأهداف ، صحيح قد يعاني بحلمه هذا وكأنه حمل ثقيل وعبء يريد من يحمله معه ، لكنه اتخذ القرار بأن يكون، وهنا تنتصر الإرادة والعزيمة وإصرار اللانهاية في تحقيق الحلم والذات ، ولعل لدينا من النماذج الكثير التي تدعم هذه السطور والتي روت بنفسها تجربتها ، فهناك الحارة الفقيرة التي أضاءت لنا الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية  بعقول مستنيرة ثرية غنية، وإن كانت هذه النماذج  متواضعة المنشأ والدعم، وهناك من روى أنه نشأ في ظل أسرة مفككة لكنه أصر منذ صغره على أن يصنع ملحمة متلاحمة، و يصبح نموذجًا إنسانيًّا حقيقيا ينجح ويروي تفاصيله ويفتخر بنفسه وبصناعته لذاته.

 

وهنا قصدت أن أرسي قواعد حقيقية للنجاح وصناعته ألا وهو أنت ،أنت وفقط ،إذا تخلت الأسباب وخذلت الظروف وتنصل المقربون ، وتوارت العوامل ،وأحبطك الواقع ، كن أنت الرهان ، ولا أحد غيرك  ،أصنع ذاتك ،عافر، حطم صخور الصعاب وجفافها وجفاء ما ظننت أنه لين ،لا تقول فلان قد نجح لأنه صاحب حظ وفير ، وأسرة مختلفة داعمة ،ولكن أجعل من يراك يقول عنك أنك أنت الحظ نفسه أنت بذاتك وبيدك وبإصرارك في تحدي الصعاب أصبحت حظ عظيم ،وقتها  ستكون محفزا للهمم ، رافضا للمبررات ، داعما  للإرادة، كن ملهما ،أسطورة حقيقية بمفرداتها وتجاربها ورحلة فاقت كل الصعاب وتحدت كل المعطيات التقليدية، أعزف عزف منفرد كلماته حروف اسمك، كن أنت الشخص العظيم الذي يملأ أركان الحياة ضجيجا وهاجا ،وقتها ستؤمن بأن القدرات الخارقة تكمن داخلك في تحدي لكل  ما هو خارج عنك وعن إرادتك، وأعلم أن من قاد عزيمته في قلب المحن سينتصر حتما  على كل معارك الحياة ولن يكون فيها بطلا سواك ،سواك أنت، وتيقن في الأولى والآخرة أن ليس للإنسان إلا ما سعى، فأجعل سعيك قضية نجاحك وإثبات ذاتك ووجاهة لخلقك ،اسعى أن تكون نموذجا يذكر فتبتسم عنده كل الوجوه وتبتهج أمامه كل الملامح وتخجل عنده كل التحديات التي راهنت على عكس ما ظننت.

الرهان أنت اخبار مصر