بالأرقام .. الاقتصاد غير الرسمى يسيطر على غذاء المصريين
بدأت الحكومة مؤخرًا فى اتخاذ خطوات جادة لتقنين أوضاع الاقتصاد غير الرسمى على خلفية إقرار مجموعة من الحوافز والإعفاءات الضريبية والجمركية والمزايا التحفيزية ضمن قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، فى خطوة لمساندة هذا القطاع باعتباره إحدى أهم دعائم الاقتصاد القومى.
وفى هذا الصدد، كشف أحدث تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن مفاجآت جديدة حول استحواذ القطاع غير الرسمى على نصف المنشآت العاملة فى صناعة الغذاء والمشروبات فى مصر، وأكثر من ٦٠٪ من المنشآت العاملة فى الصناعات المحلية الرائجة، كالأثاث والملابس وتجارة الجلود والأخشاب، لا تخضع للرقابة أو تدفع الضرائب أو تشارك فى التأمينات، وذلك من إجمالى مليونى منشأة غير رسمية بمختلف الأنشطة الاقتصادية على مستوى الجمهورية.
وأوضح «الإحصاء»، وفقًا لتقرير حصلت عليه «الدستور»، أن عدد المنشآت غير المسجلة العاملة فى أنشطة خدمات الغذاء والمشروبات بلغ ١٠٣.٣ ألف منشأة تمثل ٥٦.٧٪، فيما بلغ عدد منشآت صناعة الأثاث ٨٩.٢ ألف منشأة غير مسجلة تمثل ٦٥.٤٪ من إجمالى منشآت الأثاث، ومنشآت صناعة المعادن من معدات وماكينات بعدد ٤٤.٤ ألف منشأة.
وبلغ عدد المنشآت الاقتصادية غير المسجلة العاملة فى صناعة الملابس الجاهزة ٤٢.٤ ألف منشأة تمثل ٦٤.٦٪ من إجمالى منشآت صناعة الملابس فى مصر، كما بلغ عدد منشآت صناعة الخشب ومنتجاته غير المسجلة ٣٩.٨ ألف منشأة بنسبة ٦٠.١٪، ومنشآت صناعة المنتجات الغذائية ٢١.٥ ألف منشأة تمثل ٢٣.٨٪.
وأظهر التقرير أن عدد المنشآت الاقتصادية العاملة بصناعة المستحضرات الصيدلانية والكيميائية والدوائية يبلغ ٣٥٠ منشأة، جميعها تخضع للمنظومة الرسمية ولم يرصد أى منها غير مسجل قانونًا، وكذلك جاء جميع المنشآت الاقتصادية العاملة بنشاط إمدادات الكهرباء، وتجميع وتنقية المياه، وشبكات الصرف الصحى، وتشييد البنايات، والوساطة المالية، والتأمين، والأنشطة القانونية والمحاسبية، مسجلة ضمن الاقتصاد الرسمى بنسبة ١٠٠٪.
وفى سياق متصل، كشفت الإحصائية الرسمية عن أن ٢٩.٧٪ من المنشآت الاقتصادية على مستوى الجمهورية لا تعمل بكامل طاقتها بعدد ١٥٢.٦ ألف منشأة اقتصادية بسبب مشكلات تتعلق إما بنقص العمالة المدربة لعدد ٢٧.١ ألف منشأة، أو عدم توافر المواد الأولية وقطاع الغيار لعدد ٤٣.٨ ألف منشأة، أو صعوبة المنافسة المحلية والأجنبية لعدد ٥٣.٣ ألف منشأة، أو صعوبات التسويق لعدد ٩٤.٣ ألف منشأة، وأسباب أخرى غير محددة لعدد ٥٣.٤ ألف منشأة.
وذكرت أن العدد الأكبر من المنشآت الاقتصادية التى لا تعمل بكامل طاقتها يتركز فى نشاط صناعة الأثاث بعدد ٤٣.٧ ألف منشأة، تمثل ٣٢٪ من جملة المنشآت العاملة بصناعة الأثاث، وصناعة المعادن ٢٥.٣ ألف منشأة، تمثل ٣٣.٣٪، وصناعة المنتجات الغذائية بعدد ٢٤.١ ألف منشأة، تمثل ٢٦.٨٪ من جملة منشآت الصناعات الغذائية، وصناعة الملابس الجاهزة بعدد ١٣.٩ ألف منشأة، تمثل ٢١.٣٪.
وفى السياق ذاته، قالت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية إن الحكومة لن تتردد لحظة فى إتاحة كل سبل الدعم والتحفيز لدمج منشآت الاقتصاد غير الرسمى تحت المظلة الرسمية، من خلال قانون تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذى تم إقراره فى مارس الماضى، وجارٍ العمل على إعداد لائحته التنفيذية لإصدارها فى غضون أسابيع قليلة، لافتة إلى أن التشريع الجديد سيحدث نقلة فى تعظيم الناتج المحلى الإجمالى للدولة من خلال تشجيع دمج القطاع غير الرسمى.
وأضافت أن القطاع الرسمى يعانى كثيرًا من البيروقراطية، وهى أكبر معوقات دمج المنشآت غير الرسمية، لذلك من المهم جدًا تقديم حوافز تمويلية وغير تمويلية لمنشآت القطاع غير الرسمى لتشجيع دمجها تحت مظلة المنظومة الرسمية وتوفيق أوضاعها، موضحة أن القانون الجديد يتيح عددًا من المزايا التحفيزية، منها الإعفاء من ضريبة الدمغة، ورسوم توثيق عقود تأسيس الشركات والمنشآت، لمدة ٥ سنوات من تاريخ القيد فى السجل التجارى، مع إمكانية الإعفاء الكلى أو الجزئى من الضريبة على العقارات المبنية على الوحدات الخاصة بالمنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر بقرار من مجلس الوزراء، إضافة إلى إقرار نظام ضريبى مبسط.
من جهته، قال الدكتور حسين عبدالعزيز، المشرف العام على التعدادات الاقتصادية بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إن الجهاز رفع تقريرًا شاملًا ومفصلًا لمتخذى القرار بمختلف الوزارات المعنية بأعداد وطبيعة منشآت الاقتصاد غير الرسمى، بناءً على تعريف موحد تم التوافق بشأنه لأول مرة بعد سلسلة من الاجتماعات وورش العمل، بمشاركة كل الوزارات والبنك المركزى والغرف التجارية، حيث تم التوافق على أن معيار التصنيف للمنشآت غير الرسمية هو ألا يكون لدى المنشأة أى نوع من التسجيل، سواء سجلًا تجاريًا أو صناعيًا أو تصريح مزاولة مهنة.
وأضاف، لـ«الدستور»، أن المنشآت غير الرسمية تمثل نحو ٥٣٪ من إجمالى المنشآت، وهو رقم ضخم، ولكنّ هناك توجهًا عامًا لتهيئة مناخ يسمح بعمل كل المنشآت فى إطار المنظومة الرسمية، مضيفًا أن أعداد منشآت القطاع غير الرسمى سجلت ارتفاعًا ملحوظًا فى أعقاب عام ٢٠١١، نتيجة حالة عدم الاستقرار خلال تلك الفترة، إلا أن المعدلات عاودت التراجع مؤخرًا، مشيرًا إلى أن الجهاز بصدد دراسة إجراء بحوث وإحصاءات استثنائية إلى جانب الإحصاءات الجارية لدراسة تداعيات أزمة كورونا على الأنشطة الاقتصادية.