الجمعة 22 نوفمبر 2024 08:19 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

سيدة القطار وسيدة الكنتور ومجتمع تائه مش عارف عايز إيه!

عبير العربى

لازالت أصداء واقعة سيدة القطار "صفية أبو العزم" تلقي بظلالها على المجتمع المصرى والإعلام العربي والتي ربما غلفت بإزدال الستار عليها يوم أمس بتكريم وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي لها في حضور المجند المهذب" عبدالله" ابن القوات المسلحة.

ورغم أن هناك الكثير والكثير من هذا المشهد الذي يحتاج دراسة عاجلة وتحليل منطقي وعلمي لدراستة والشغل عليه بجد ووعي لأن به متناقضات إنسانية ونفسية كبيرة وهامة،بدءا من التهذب الشديد الذي بدا عليه مجند الجيش والتزامه بإجراءات الوقاية بارتداء الكمامة،وثورة السيدة صفية الأم وتفجر الإنسانية من ملامحها وصوتها وعبسية التعامل من كمسري القطار.

كل ده كوم والتناول المجتمعي للواقعة كوم تاني،ولأن التنظير الأعمى لا حدود له فقد شاهدنا تناول غريب دون أي منطق ما بين تشكيك في الواقعة و القول بأنها قد أخذت أكبر من حجمها، وغيره وغيره،والإجابة المنطقية للسؤال الأوحد الذي من الممكن أن يفتح بابا من الحوار المتعقل ،ألا وهو لماذا كل هذه الضجة الإعلامية التي صاحبت الواقعة .

أقول ببساطة أولا : للقوات المسلحة وأبنائها بشكل عام مشاعر خاصة جدا لدى الشعب المصري وهى خط أحمر لا يجوز المساس به مثلما الشعب لدى جيشه خط أحمر ممنوع الاقتراب منه،ثانيا : أننا نعاني معاناة كبيرة بل مريرة في تراجع الأخلاق ومنظومة القيم وتدني التعاملات وأصبحت النماذج الإيجابية بالنسبة للمجتمع قيمة كبرى لا يمكن تمريرها أو عبورها ،أو التسفيه منها والمرور عليها مرور الكرام ،وأصبح الإعلام من منطلق دوره الذي لو غفل لأتهم بأنه فاقد دوره ولو أهتم انتقد بأنه أعطى الموضوع أكثر ما يستحق .

وقيل كان عليه إبراز تلك النماذج وتدويلها بل وتحويلها إلي مشروع قومي يجب الاقتداء به وتكرارها لأننا نعاني معاناة لا نهاية لها من هدم كل ما هو جميل وبناء كيانات لا تمت للقيم وتحارب كل ماهو إيجابي يأخذ بيد أبناء المجتمع ولو خطوة واحدة للأمام .

وفي المقابل تطل علينا سيدة بواقعة على النقيض تماما وهي الست زينب اليتيوبر الشهيرة وزوجها أحمد عندما دههت وجهها بالكنتور أحد مكونات الميك آب وحولت وجهها إلي اللون الأسود وارتدت باروكة صفراء اللون ليكون الهدف هذه المرة هي طفلتها الصغيرة .

أرادت للمرة الثانية استغلال ابنتها في تحقيق أعلى نسب للمشاهدة في مشهد دامي عندما واجهت الطفلة حالة من الفزع والانقسام الداخلي في صراع بين وجه مخيف تحاول الابتعاد عنه وبين صوت تعلم تماما إنه صوت أمها لتبدوا الطفلة في حالة من الخوف المعلن واللخطبة وانقسام مشاعرها ما بين الرغبة في الذهاب لها والابتعاد عنها.

وأنا أعلم جيدا أن سيدة الكنتور الست زينب لا تمتلك من الوعي ما يؤهلها لفهم هذا البعد النفسي لطفلتها وكل ما همها هو تحقيق أعلى نسب مشاهدة للفيديو لتحصيل الأموال وبالفعل حدث وتحقق المطلوب ،لكن السؤال إذا كانت الأم قد فقدت قوامة التفكير ،فهل فقدت مشاعرها كأم وقدمت مشاعر ابنتها وأمنها قربانا لتحقيق أعلى نسب من المشاهدات وجمع الأموال، أعتقد أن الفرق كبير بين السيدتين ،سيدة تدافع عن شاب لا تعرفه وتقول له ولا كلمه عندي زيك ،وسيدة عندها بالفعل طفلة وتتاجر بها.

و بالتدقيق فيما يحدث تجد أن المجتمع هو بطل الواقعتين، الذي قيم ودعم وأيد ورفض بأسلوب واحد وهو التشيير وتداول الفيديو وحقق كل هذه النسب من المشاهدات ،نفس المجتمع الذي يرفض ،هو ذاته الذي يدعم ما لا يرغبه، ويبني منه كيان ثم يريد أن ينسفه، إنها حالة من التوهان، تختلف على ما ينبغي دعمه وتدعم ما تعلن رفضه،لذا أصبحنا في حاجة ملحة ليست فقط في تدويل الإيجابيات بل وصناعتها أيضأ ،جنبا إلي صناعة مشروع قومي بتبنى إصلاح المجتمع ويجعله يدرك ماذا يريد ويخلصه من حالة التوهان وعدم الاستقرار التي يعانيها والأهم يتم ترسيته من خلال فهم واضح لما يريده والإجابة على السؤال الحائر الناس فعلا عايزة إيه!.

سيدة واقعة القطار الست زينب سيدة الكنتور القوات المسلحة