الجمعة 22 نوفمبر 2024 04:49 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

ثقافة

لماذا لقّب توفيق الحكيم بـ«عدو المرأة»؟..تعرف علي السبب

توفيق الحكيم  - صورة أرشيفية
توفيق الحكيم - صورة أرشيفية

 

سُمي مسرحه بالمسرح الذهني، لكون قصصه تنفذ إلى ذهن القارئ أو المشاهد، وتأخذه إلى رحلة عميقة إلى واقعه الاجتماعي والسياسي، ولقبوه فيما مضى بـ«عدو المرأة»، رغم قوله إن مواقفه من حركات تحرر المرأة كانت ردًّا على مواقف السيدة هدى شعراوي.

 

 

يعد توفيق الحكيم- التي تمر اليوم 9 أكتوبر الذكرى 122 لميلاده- أحد رواد الأدب العربي الحديث، الذي أحدث نقلة نوعية في الأدب العربي الحديث ليجعله أدبًا معنيًا بالحياة الاجتماعية والسياسية، هو ابن الطبقة الثرية الذي انسلخت أعماله منها لتنفذ إلى عمق الطبقات الاجتماعية المصرية وتعبر عنها بجلاء.

 

هو حسين توفيق إسماعيل الحكيم، ولد في 9 أكتوبر 1899 لأب من أثرياء مدينة الإسكندرية وأم من أصول تركية، نشأ الحكيم في عزبة والده القاضي بالبحيرة، في بيئة شبه منعزلة كان فيها الأثر الأكبر على حياته لأمه التي طالما حاولت عزله عن البيئة المحيطة به، مّا أدى لاحقاً إلى تعزيز الانطوائيّة في شخصيته، لكنه أظهر منذ صغره ولعه بالآداب، حيث بدأ بارتياد المسارح وحضور العروض المسرحية لا سيما عروض جورج أبيض.

 

بعدما أنهى الحكيم المرحلة الابتدائية بدمنهور، واستكمل تعليمه المتوسط بالبحيرة قدم إلى القاهرة لإتمام المرحلة الثانوية بمدرسة محمد على، التي كتب بها عدة مسرحياتٍ قصيرة قام أصدقاؤه بتأديتها، وقد انتقل إلى القاهرة حيث منزل أعمامه، لينتقل إلى مرحلة جديدة هي الأكثر انفتاحا على المجتمع المصري نظرا لعيشه تحت كنف أعمامه، في قلب القاهرة النابض بحي السيدة زينب.

 

 

في القاهرة أيضًا زاد اهتمامه بالفنون والآداب والموسيقى وبها بدأ الكتابة باسمٍ «حسين توفيق» رغم غضب والده القاضي الذي كان يعتبر أنّ الكتابة مسعىً لا يليق بالعائلات المميزة.

 

 

وقبل أن يتجاوز ال٢٠ عاما وفي خضم الحراك الشعبي لثورة ١٩١٩ شارك الحكيم برفقة أعمامه في التظاهرات التي ملأت أرجاء العاصمة آنذاك؛ وكان نتاج ذلك أن قبض على ثلاثتهم بمنطقة القلعة بتهمة التآمر، لكن نفوذ والده الثري مكنه من نقل الحكيم من معسكر الاعتقال بالقلعة إلى المستشفى العسكرى، حتى أفرجت عنه السلطات عقب أيام.

 

 

وهو ما بدا في مسرحيته «الضيف الثقيل» التي تطرقت إلى الروح القومية متزايدة الحماس في تلك الفترة في مصر إبان ثورة 1919.

 

 

درس الحكيم القانون بناء على رغبة والده، وتخرج منها عام ١٩٢٥، وشجّعه صديق والده السياسي الشهير أحمد لطفي السيّد على دراسة الحقوق في فرنسا والحصول على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون. لكنّه عمل في تلك الفترة على تحضير نفسه ليعمل في مجال المسرح، وبالرغم من عدم دراسته في كلية مسرحية رسمية.

 

 

إلّا أنّه قضى الكثير من الوقت في فرنسا مستغرقًا بقراءة المسرحيات وحضور العروض المختلفة، وعاد بعد 3 سنوات من دون شهادة.

 

 

وفي فرنسا بدأ الحكيم كتابة جزء من قصته الأشهر «عودة الروح» التي كتب جانب منها بالفرنسية عام ١٩٢٧ ثم عاد فكتبها بالعربية.

 

 

فور عودته من فرنسا عمل وكيلا للنيابة عام 1930 في إحدى المحاكم المختلطة بالإسكندرية، ثم انتقل إلى إحدى المحاكم الأهلية بمنطقة الزقازيق، وعيّن في وظيفة نائب للمدعي العام، وتنقل بين مختلف الأقاليم المصرية في الفترة الممتدة بين 1928 و1934، ما جعله يتغلغل في نسيج المجتمع المصري ويستمد من حكاياه إلهامه لروايته الشهيرة «يوميات نائب في الأرياف» التي نُشرت في عام 1937، والتي اعتبرها مؤرخو الأدب العربي نقلة نوعية في تاريخ الأدب العربي، نظرًا لطبيعتها الاجتماعية؛ إذ تستكشف الفروقات بين عقلية المصري الفلاح وبين الموظفين القانونيين العاملين في سلك القانون.

 

 

ظل الحكيم يشغل وظيفة نائب المدعي العام حتى عام 1934، حيث عيّن رئيسًا لقلم التحقيقات بوزارة المعارف العمومية، ثم مديرًا لإدارة الموسيقى والمسرح بالوزارة عام 1937، ثم مديرا لمصلحة الإرشاد في وزارة الشؤون الاجتماعية، واستقال في 1944، وعيّن مديرا لدار الكتب المصرية في عام 1954.

 

كتب الحكيم أكثر من 50 مسرحية ليكون بذلك مؤسس الدراما العربية الحديثة، لكن باكورة أعماله تطرقت إلى الأسئلة المتعلّقة بتحرر المرأة بشكل ساخر؛ إذ كانت مسرحيته «المرأة الجديدة» نوعًا من المحاكاة الساخرة للحركة المتصاعدة التي كان قائدها «قاسم أمين». ولذا عُرف عن الحكيم بعقب عرض هذه المسرحية وغيرها من المسرحيات الجدلية بأنّه عدو المرأة، ولم يتمكن من التخلص من هذا اللقب رغم محاولاته الدؤوبة طيلة حياته أن يزيل هذ الوصمة التي أضحت من العلامات المميزة له.

 

 

رغم علاقته الجدلية بجمال عبدالناصر؛ إلا أنه حصل في عام 1958 على قلادة الجمهورية من الرئيس لمساهماته المختلفة وخاصةً عن عمله المميز «عودة الروح» الذي يعتقد أنّه ألهم عبدالناصر نفسه إضافةً إلى الجيل بأكمله، حيث كانت تحمل رموزًا مختلفة تعود إلى مصر القديمة وأمجادها الخالدة التي عمل عبدالناصر على إحيائها.

 

 

وحصل في عام 1962 على جائزة الدولة التقديرية لإخلاصه للفن وبشكلٍ خاص الدراما، بالإضافة إلى إشعاله الروح القومية من خلال كتاباته الدرامية، إخلاصه لحركة التطور الاجتماعي، واهتمامه العميق بإنهاء كافة مظاهر الظلم والفساد.

 

 

توفى الحكيم في 26 يوليو عام 1987.

 

 

الأدب العربي الحديث الطبقات الاجتماعية الدراما العربية قلادة الجمهورية الإسكندرية التظاهرات توفيق الحكيم