”أراجوز الزفة ”
السيد الجمل
ظل في وجداني منذ طفولتي كنت انتظره وانا في الرابعة من عمري ينصبوا له المسرح كي يرقص بعصاه، يختبأ خلف لوح من الخشب يقال عليه "المسرح"، وهو عبارة عن عربة علي هيئة متوازي مستطيلات، يرسم عليها صورة وبعض الشخصيات التي تشاركه في التمثيل، وفي مقدمة العربة ستارة سوداء كنت أنظر إليها مرتعبا، كنت اتلهف لسماع صوته وابحر في سفينة الضحك عندما أراه حاملا عصاه، إنه " أراجوز الزفة " والذى يأتي كل عام في الأعياد ليدخل البهجة في نفوسنا. كنت عندما أخلو بنفسي أقلده بحركاته وصوته الذي تعلق بوجداني، وبحثت عن أصل الاراجوز أو القراقوز هي كلمة ذات اصل تركي لكلمة " قره قوز " والتي تتكون من مقطعين هما " قره " بمعنى سوداء و" قوز " بمعنى عين ، وبذلك يصبح المعنى العام لكلمة " قره قوز " هو " ذو العين السوداء " وذلك دلالة علي سوداوية النظر علي الحياة.
تعلق في ذهني هذا المعنى الاراجوزي والذى حقا أصبح سوداويا في الحياة ووجدت الاراجوز هذا أصبح من دميه الي بني أدم وكأن الدميه تزوجت وانجبت لنا الكثير من ألاراجوزات والتي نجدها منتشرة في حياتنا بصفة عامة، وجدته في فصل الدراسة وقد يتفوق بالغش، وجدته في اتحاد الطلاب وقد فاز بالتدليس، وجدته نائبا عن الشعب وقد فاز بالكرتونه، وجدته موظف حكومي يعتلي اكتاف زملائه بالوشاية عليهم ، وجدته عالم في الدين يفتي بلا علم، وجدته في التمثيل وما أكثرهم من قدوة سيئة، وجدته في الإعلام يردد كالبغبغاء دون جديد، فلقد ساد أراجوز الزفة كل مناحي الحياة، وأصبحت أرى الاراجوز كل لحظة في حياتي بعدما كنت انتظره مرة كل عام ولكن هناك فرق شاسع بين أراجوز الزفة الذي تعلمت منه خفة الظل والحكم، وبين أراجوز الشارع ذو النظرة السوداوية والتي شحنت النفوس غلا وحقدا.