هل سيحاكم ترامب؟
عبد الحليم محمود
عبد الحليم محمود
ربما كانت دوافع صادقة تلك التي دفعت الصحفي الأمريكي مايكل وولف الى إصدار مؤلفه " نار وغضب" فمع تولى ترامب زمام السلطة هبت على الولايات المتحدة عاصفة سياسية هي الأكبر والأغرب منذ فضيحة ووترجيت ، وحتى هذه اللحظة الغضب لم يذو، والنار لم تصبح رمادا .
من قبل أدركت مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون أن الإيجاز هو روح الذكاء مما جعلها تسلم بفوز ترامب فى الانتخابات الرئاسية 2016 ، لكن ترامب لم يرفع الراية بعد بل يستمر فى تغريده قائلا "من المبكر الاستسلام .....على الحزب الجمهوري أن يتعلم القتال "
تعالت التغريدات ودعا ترامب حزبه الأحمر للقتال ،ولا ننسى أن القتال عقيدة أمريكية ، فالهيمنة من خلال القوة هي أحد أهم المفاهيم الواردة باستراتيجية الأمن القومي الأمريكي 2017 ، والتي تبنت نظرية المعادلات الصفرية أي أن ما تكسبه أمريكا مساو تماما لما يخسره حلفاؤها أو أعداؤها.
القتال بين الحزبين الأزرق والأحمر له تاريخ ممتد وطويل ، نتذكر محاكمة الرئيس الأسبق بيل كلينتون ، حيث كانت هناك رغبة للجمهوريين في إلحاق الضرر به بأي ثمن ووجهت إليه اتهامات منها "إقامة علاقة جنسية مع مونيكا لوينسكي ،والكذب تحت القسم ، وتضليل العدالة من خلال محاولة التأثير على الشهود "
سلوك ترامب يمثل إرباك غير متوقع للمسار السياسي الأمريكي وأعطى فرصة للحزب الديمقراطي للرد ليطالب بمحاكمته لأن موقف ترامب مناقض لما أفرزته صناديق الانتخاب ويمثل حنث بالقسم على الدستور الذي أقسم على حمايته والدفاع عنه ،وتعريض الأمن القومي الأمريكي للخطر في محاولة لهدم تماسك النظام الفيدرالي الذي رسخه الآباء المؤسسون لأمريكا "منذ إقرار الدستور عام 1787" وعلى رأسهم ألكسندر هاملتون في كتابة الأوراق الفيدرالية.
هذه الإرهاصات دفعت البعض إلى القول بأن ترامب يمكنه أن يصدر عفوا رئاسيا استباقيا لنفسه ليدرأ عنها العقاب اذا ما تعرض لأية محاكمات مستقبلا ؟ لكنه وللحقيقة تخمين غير واقعي لأن مسالة العفو الاستباقي لم يحسمها الدستور الأمريكي ، وينبغي أن يسبقه توجيه اتهام من المدعي الاتحادي.
وفى كل الأحوال فإن تبني الحزب الديمقراطي فلسفة اقتصادية تؤمن بخفض الضرائب على الطبقتين الدنيا والوسطى وزيادة الإنفاق على البرامج التعليمية للفئات المهمشة ، يجعل من مصلحة هذه الفئات وهى الكثرة أن تنشد الاستقرار السياسي وهو ما قد يخفف من حدة التوتر القائم.
القصة الامريكية لم تنته بعد! وربما تتلوها قصص أخرى،و ترامب يعمل تحت غمامة من الاتهامات الأخرى التي تتعلق بفشله في إدارة أزمة كورونا وما نتج عنها من وفاة أكثر من 317 ألف وإصابة أكثر من 17 مليون حتى هذه اللحظة ، ولسوء حظه عاد من جديد ملف الأمن السيبراني أو عمليات الاختراق المعلوماتي التي تعرضت لها مؤسسات أمريكية حساسة، فى رسالة موجزة تقول"أن الأعداء التقليديين أصبحوا لايخشون واشنطن "