مقعد البدلاء
د . حاتم العبد
يعلم المقربين مني أني لا أهوى الساحرة المستديرة، استطاعت أن تسحر الكثير ولكن لم تستطع أن تسحر الجميع. وكثيرًا ما تساءلت عن مقتي وبغضي وضيقي بمقعد البدلاء وهل عزوفي عن الساحرة المستديرة مرتبط بذلك أم لا ؟!
الحقيقة أن لكل منّا دور أساس وملعب رئيس، لكن يلزمنا تحديد زمان ومكان الدور ؛ فإذا ما أخطأنا الزمان فلن تكمل دورك الرئيس وإذا ما أخطأت المكان فلن تكون اللاعب الأساس وإذا ما أخطأت الشخص فلن تكون الشريك المحور ؛ فلا تسمح لأحد أن يُجلسك على مقعد البدلاء ولا تسمح لنفسك بالجلوس عليه.
تزخر يومياتنا بمن يرغبون في إجلاسنا على مقعد البدلاء، سواء في علاقاتنا العائلية أم المهنية أم في العلاقات اليومية.
كثيرًا ما نرى أناسٌ مقربون بحكم صلات الدم أو النسب أو الجيرة لا يرفعون سمّاعة التليفون سوى لغرضٍ ما وما إن يحصلون عليه يولون الأدبار وهكذا دواليك !
كذلك في مجال العمل، تعج أروقة العمل بحملة المباخر والمتسلقة ومرتزقي العطايا، لا تجدهم إلا حين تترقّى أو تتولى مهام منصب رفيع. هؤلاء ما سمحوا لأنفسهم بذلك إلا بقبولك لذلك ؛ فأنت من اخترت أن تجلس على مقعد البدلاء.
كذلك في العلاقات العاطفية، كن الاختيار الرئيس والشريك الأوحد للطرف الآخر وليكن هو لك كذلك ؛ فمن غير المستساغ أن ينزل أحدكم لأرض الملعب ويلعب وحده وأن يجلس الآخر على مقعد البدلاء، حتى لو بادلك الابتسامات والتشجيع. فمتى استشعرت ذلك فلا بديل عن الاستقالة والمغادرة، الرحيل لا غيره علاجًا ناجحًا ناجعًا في مثل تلك حالات.
إن الحياة مباراة جدّ متفرّدة، شوطٌ واحد فقط، تخلو من الوقت بدل الضائع ولا تقبل الوقت الإضافي ؛ فلتثق أن لك دور أساس ومركز رئيس لكن عليك أن تبحث عنه زمنًا ومكانًا وأشخاصًا ولا تقبل بأن تكون مجرّد بديل يقتصر دوره على الجلوس على مقعد البدلاء.