الجمعة 22 نوفمبر 2024 04:15 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

التصدير معركة تنافسية بين الدول وليس بين المصدرين المنفردين


عادل محمد غانم
وكيل المجلس التصديرى للملابس الجاهزة


في الاعوام الاخيرة تنامى في العالم دور الدولة بحيث أصبحت هى العنصر الأكثر تأثيرا فى معادلة التصدير لتحكمها فى الكثير من معطيات التنافسية. وقد تعاظم هذا الدور فى ظل ما طرأ عالميا من صراعات اقتصادية وأزمات عالمية مثل جائحة كورونا.

فالتصدير مسئولية الدولة بمؤسساتها.. فالدولة هى التى تضع أولوياتها واذا كان التصدير إحداها فهي التي تسن القوانين والتشريعات وتفرض الضرائب والرسوم والاعباء كما تمنح الحوافز والميزات التنافسية وتعقد إتفاقيات التجارة الحرة بحيث تكفل البيئة الداعمة للمصدرين للإنطلاق والمنافسة.
وبالنظر إلى الارقام فإن الصادرات المصرية من الملابس الجاهزة فى 2019 بلغت 1.6 مليار دولار وهى ضئيلة مقارنة" بفيتنام 30.3 " و"تركيا 17.7 " و" الصين 151.58 " و" بنجالدش 33.63 " الارقام بالمليار دولار عن عام 2019.
وعلينا أن نعترف أن أكثر ما تحاول مصر المنافسة به فى التصدير - وخاصة فى صناعة الملابس الجاهزة العالمية- هو عنصر"تكلفة دقيقة التشغيل"، والتي تمثل أولى الخطوات على طريق نمو التصدير بوتيرة سريعة و ثابتة، يليها مستوى أعلى من الاداء لتقديم قيمة مضافة أكبر للأسواق المستوردة يتحقق بتكامل المشاركين فى سلسلة القيمة لصناعة الملابس المصرية من قطاع خاص وعام واعداد بيئة تشريعية داعمة ومحفزة للقيام بدور أقوى فى صناعة الموضة "الابتكار" وتعظيم قيمة مصطلح "صنع فى مصر" عالميا.
هذا الطريق يسلك من خلال خطط طويلة الاجل تلتزم بها كل إدارة حكومية جديدة بكامل وزاراتها و هيئاتها .
وبالنظر إلى واقع الحال فى صناعة الملابس فإن عدد الهيئات الحكومية التى تؤثر فى أداء المصنعين والمصدرين يبعث على التعجب.
فالُمصدر يتعامل مع هيئات وزارات الصناعة والمالية والتنمية المحلية والتضامن الاجتماعى والبيئة والداخلية والصحة والزراعة والاسكان والبنك المركزي وغيرها.
هذه الوزارات تقدم الاعفاءات والمحفزات بقدر ما تستطيع ولكنها فى نفس الوقت تفرض أعبا ًء ورسوما
تقضى على - بل تتجاوز- ما وفرته الاولى للُمصدر.
هذه الوزارات بل أيضا الهيئات داخل الوزارة الواحدة تعمل فى جزر ً منعزلة لا تشعر بما تفرضه غيرها من اجراءات و رسوم تبعد الُمصدر عن المنافسة العالمية وأيضا اجراءات عديدة معقدة وتكرارات ورقية تطيل أمد العملية التصديرية في عالم اصبح عنصرالوقت فيه في غاية الاهمية للمنافسة.
مثال لذلك أن وزارة المالية قدمت باليد اليمنى دعم التصدير وباليد اليسرى فرضت الضريبة العقارية على المصانع والمساهمة التكافلية وأضافت رسم خدمات معلوماتية على الشحنات الواردة وغيره كثير.
فكانت محصلة المعادلة ارتفاعا في تكلفة الانتاج.
ولا يمكن اغفال طريقة تعامل وزارة المالية في دعم الصادرات فهل بعد اصدار قانون و لائحة تنفيذية بصرف 8 %دعم قام المصدر بحسابها في سعر
بيعه و تدفقاته المالية و ميزانياته فوجئ بتاخير صرفها سنوات ثم صرفها ب 15 %خصم .

رغم ان ال8 % عند صرفها في ديسمبر2020 عن العام الحكومي 2017 / 2018 و 2018/2019 خصم منها 15 %مقابل تعجيل صرف !! و 4.5 %مصاريف ادارية اي نسبة ال8 % اصبحت 6.5 . % اما بالنسبة لعام 2019/2020 فقامت وزارة المالية بتعديل نظام الصرف الذى ادى الى
تخفيض الدعم لمصانع المناطق الحرة بنسبة 25 %و الغاءه بالكامل لمصدرى المستلزمات و وضع نسبة 30 % تصرف كبنية اساسية اي معارض و تدريب في حين عام 2020 بسبب كورونا لم يتم عمل اى معارض او تدريب و بعدها يخصم 15 %تعجيل سداد و 4.5 %مصاريف ادارية عليه بالنسبة للمناطق الحرة اصبحت نسبة ال8 % تساوى 2.4 % و المستلزمات 0 % و المصانع الاخرى 4.4. %
مثال آخر عند حدوث جائحة كورونا قام البنك المركزي بتأجيل سداد فوائد القروض ومعها قامت وزارة المالية بتبكير سداد ضريبة القيمة المضافة شهر بعد أن كانت تسدد كل شهرين في نفس الوقت الذي قامت فيه الشركات العالمية بتأجيل بل الغاء الطلبات التى كانت جاهزة للشحن لدى المصدرين المصريين.
وزارة الشئون الاجتماعية عدلت قانون التأمينات الاجتماعية فخفضت نسبة الاشتراك و رفعت الحد التأميني الادني والاقصي وأضافت اليه الحوافز والاضافي مما رفع تكلفة الاجور وبالتالي تكلفة الانتاج الكلية.
بل وفرضت غرامة تأخير سداد تصل 21 %سنويا.

مقارنة بوزارة المالية عند تسديدها دعم الصادرات بعد تأخير ثالث سنوات خصمت منه 15% .
وهيئة الاستثمار أقرت نظام الشباك الواحد لتسهيل وسرعة الاجراءات ومعه جاء تدخل الهيئة في كل صغيرة و كبيرة لدي شركات المصدرين وفرضت مع كل اجراء رسوما وتسببت فى وقت ضائع يزيد من تكلفة المنتج.
ووزارة الصناعة ممثلة في هيئة التنمية الصناعية مارست مزيد من محاوالت الهيمنة علي الشركات وإضافة اعباء اجرائية معها رسوم تزيد من تكلفة الانتاج .
أما وزارة البترول فقامت برفع أسعار الغاز للمصانع للسعر العالمي وعندما هبط السعر العالمى لم تخفضه فسعر بيعه حاليا 4.5  دولارللمليون بى تى يو و السعر العالمي 2.65 دولار و في بنجالديش 3.5 دولار.
والبنك المركزي وممارسات البنوك التي تخفض أو تلغي تسهيالت متعاقد عليها مع عميل من الصناعة في أي لحظة بل وتغير سعر الفائدة المتفق عليه ومن المعروف أن تخفيض سعر العملة من أقوي الطرق التي تتبعها الحكومات لزيادة الصادرات مثل تركيا وبنجالديش في حين أن سعر العملة في مصر قد ارتفع سعر الدولار فى تركيا فى 1 يناير 2017 كان 3.53  ليرة و في 1 يناير 2021 انخفض إلى
7.42 ليرة  هبوط 52 % أما بالنسبة لمصر سعر الدولار في 1 يناير 2017 كان 18.11 جنيه و في 1 يناير 2021 بلغ 15.73 جنيه بارتفاع 14 .% ومع فخرنا بهذا الانجاز لا يمكن أن ننكر تأثيرها السلبي على الصادرات و على الدولة العمل علي ايجاد ادوات مالية اخرى تعوضه بها .
المعركة التصديرية تستدعى أن نكون فاعلين وليس رد فعليين وأن تكون الدولة والمصدرين فى جبهة واحدة.
هذا ما نراه فى الدول المنافسة حيث ُوضعت خطط طموحة للقفز بمعدلات تصدير الملابس -برغم تفوقها- وبالرغم من مواجهة العالم للأزمة التى خلفها فيروس كورونا. فنرى فيتنام تستهدف الوصول بصادراتها من الملابس الجاهزة الى 55 مليار دولار في 2025 بينما فى مصر نفتقد
التخطيط والعمل الجماعي وكل ما لدينا هو تشريعات واجراءات رد فعلية لتحسين الاوضاع وأخرى، قد تفرضها نفس الجهات، تدمر ما استهدفته الاولى .
لذلك على الدولة أن تعي أنها هي المسئول الاول في تحقيق حجم الصادرات من خلال عمل جميع وزاراتها و هيئاتها والتنسيق فيما بينها لوصول الُمصنع المصري الى تكلفة "دقيقة تشغيل" منافسة للدول الاخرى مع العلم أن أفضل وسيلة استقدام رأس المال الاجنبي هو رؤيتهم لنسب زيادة ملحوظة ومطردة للصادرات المصرية.
نحن كدولة و شعب لسنا اقل قدرة من فيتنام و بنجالديش و تركيا .
الواقع الحالي اثبت أن درجة تعقيد الامور و المردود الاقتصادى و الاجتماعى الكبير الممكن الوصول اليه في صناعة الملابس
الجاهزة و تصديرها يتطلب تدخل سيادة رئيس الجمهورية كما تدخل وانجز في قطاعات كان من شبه المستحيل انجاز أي تقدم فيها .

عادل غانم المجلس التصديرى