دور رجال الدين فى حماية مؤسسات الدولة من الفتن والتعصب الديني
محرر محمد حسانين الاسماعيليةإن خطر الإرهاب والتطرف تحدى يومي يستهدف استقرار دولنا وأمن مواطنينا والمقيمين فيها ويهدد نظامنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولمواجهة هذا المرض والداء الخبيث لابد من الاستعانة بكافة الأدوات والوسائل اللازمة، فبجانب المواجهة الأمنية يأتي الدور الهام للمؤسسات الدينية الرسمية وعلى رأسها الازهر الشريف ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والكنيسة المصرية الوطنية.
لذا عرضت جريدة "الميدان" هذا التقرير حول دور المؤسسات الدينية الرسمية في مواجهة خطر الفكر التكفيري والمتطرف والارهاب
وفي البداية يقول الشيخ رفعت عبد العزيز إبراهيم مدير التوجيه بمنطقة وعظ الاسماعيلية، أن دور الأزهر يعد مؤسسة وجامعة غاية في الأهمية في نشر الوعى داخليا وخارجيا، بتعاليم الإسلام السمحة الصحيحة، ونشر قيم الاعتدال والوسطية التي هي جوهر رسالة الدين الإسلامي للعالم أجمع، والواقع أن مؤسسة وجامعة الأزهر الشريف تقومان بهذا الدور التنويري في العالم كله منذ مئات السنين، ولذلك كان الأزهر ومازال أهم مؤسسة إسلامية يتخرج فيها الدعاة الذين ينشرون الفكر التنويري ليس فقط في العالم الإسلامي، بل في العالم كله، فضلاُ عن دورها المهم والخطير في إصدار الفتاوى وحل الإشكاليات الفقهية التي قد تطرأ أو قد تبدو متعارضة مع مستجدات العصر.
والحقيقة أن كل تلك المعاني السابقة ودور الأزهر الشريف المحوري في قيادة الأمة خاصة في الحرب على وباء الإرهاب الأسود الذى ابتليت به المنطقة العربية والإسلامية، كان بارزا، وعلى الازهر أن يواصل تقديم النموذج الحضاري الحقيقي للإسلام، بعد أن انتشرت أفكار التطرف والتشدد في أوساط ومجتمعات عربية وإسلامية كثيرة، حتى امتدت تلك الأفكار المتطرفة إلى المسلمين المقيمين في مجتمعات متطورة مثل المجتمعات الأوروبية والأمريكية، وغيرها، وبدا من المشهد أن ثمة من يصب الزيت على نار الأفكار المتطرفة حتى يلصق زورا وبهتانا بالإسلام صفة التطرف والإرهاب، ويروج كذبا مفهوم «الإسلام فوبيا» أو الخوف من الإسلام في أوساط المجتمعات الأخرى لهدف خبيث هو أن ينظر كل من هو غير مسلم إلى المسلم على أنه إرهابي ومتطرف ومن الأفضل الابتعاد عنه أو طرده وعزله عن المجتمع غير المسلم.
وقال الشيخ عامر أبو سلامة "من رجال الدين" أن أهمية دور ورسالة الأزهر الشريف تأتى لأنه يتعين عليه أن يتصدى لكل تلك المزاعم والمخططات التي تستهدف الإسلام في مقتل، فإن التأكيد على لزوم جماعة المسلمين وعدم الخروج على الدولة يعتبر عبادة، والخروج عليها من أبوب الفتن؛ كونها قائمة على الكراهية، والازدراء، والتمييز، - ومثله - ضرورة الفهم السليم للنصوص - القرآنية والسنية -، وعدم ربط الأفعال العدوانية للمتعصبين بالدين؛ من أجل أن يتحقق التعايش السلمي، ويتقبل الحوار بين الثقافات، والفئات المختلفة.
ويقول الدكتور محمد الغرباوي عميد كلية اللغة العربية بجامعة الازهر، أن المؤسسات الدينية لها وزنها وعليها تقوم الأمور الديني، متمثلة في جامعة الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية والمعاهد الأزهرية، كل هذه المؤسسات لها دور في ضبط التعليم الديني والخطاب والفتوى، كما ان دار الفتوى عليها العبء الكبير في توضيح صحيح الدين وإبراز الفتاوى الصحيحة للناس كافة، وبالفعل تقوم هذه المؤسسات بالأدوار المنوطة بها كل في مجاله|، ولكن يجب أن تجدّ وتجتهد في زيادة العمل وانجاح صورة الدين الصحيح بعيدا عن التعصب او الجهل، فالأزهر بكافة مؤسساته عليه يقوم صحيح الدين وهو بالفعل لم يتأخر عن ذلك بكثرة الفتاوى والبحوث وتخريج خطباء ومدرسين وعلماء على قدر كبير من العلم والفهم، وندعوهم للمزيد ونتطلع إلى أكبر من ذلك حتى تتضح الصورة الصحيحة للدين الإسلامي بعيدا عن التعصب والعنف والتحريض ضد الآخرين.
وأضاف الشيخ محمد الهادي بدوى مدير عام منطقة وعظ الاسماعيلية، أن التطرف الديني هو الظلام الأسود الذي يسود العالم اليوم، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، والتطرف الديني موجود في كل البلاد، وتجيئ مكانة الأزهر و دوره في حماية الهوية الثقافية العربية الإسلامية، والدفاع عن قيم الوسطية والاعتدال في الفكر الإسلامي، ونشر العلوم الشرعية واللغة العربية، والتصدّي لتيارات التطرف والغلوّ التي تشذ عن صحيح الدين وتنحرف عن جادة الحق ومحجة الصواب، فالأزهر مؤسسة تعليمية، ثقافية علمية، ومجمع للعلوم الإسلامية وللبحوث والدراسات التي تخدم الثقافة والفكر الإسلاميين، والتي تقدم زاداً معرفياً روحياً للمسلمين في كل مكان، وهو إلى جانب ذلك كله منتدى لأعلام الدعوة وشيوخ العلم وأقطاب الفكر والثقافة الإسلامية، فمن هيئاته الرئيسَة، مجمعُ البحوث الإسلامية، وهيئة كبار العلماء، والمجلس الأعلى للأزهر، إلى جانب جامعة الأزهر، التي تضم أكثر من خمسين كلية تستوعب الآلاف من الطلاب، وشبكة واسعة من المعاهد الأزهرية، وهي المدارس الدينية التي منها ينتقل الطلاب إلى جامعة الأزهر، ويبلغ عددها الألاف من المعاهد، تغطي مختلف أنحاء مصر وللأزهر حضورٌ واسعٌ في عدد كبير من دول العالم.
إن هذا الإفساد العريض يحدث باسم الإسلام وهو منه براء، فيجب الوقوف ضد هذه الحملة التي ارتكبت الموبقات متسترةً برداء الإسلام ورايته، ولقد آن للعلماء والدعاة وأهل الرأي أن يضعوا الحلول الناجعة في تخليص شباب الأمة من براثين التعصب الديني بكشف عوراته وتزييف دعواه، وتقديم التصور الإسلامي الصحيح في ما يعرض هنا وهناك من مقولات وتصرفات لم تعد خافية على متابع، والتصدي لخطر هذه الظاهرة ووأدها قبل أن يتطاير شررها في المزيد من بلدان المسلمين.
ويضيف الدكتور حسن مصطفى نجم الدين من علماء الأوقاف، أن دور المؤسسات الدينية في مواجهة خطر التطرف الديني والفكري، فإن المؤسسات الدينية في وطننا الغالي مصر لها عظيم المكانة والتقدير في قلوب ابناء الوطن بل والعالم الإسلامي أجمع، لما تميزت به منذ نشأتها بالوسطية والاعتدال، ومن تلك المؤسسات العريقة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والتي على مدار تاريخها ولاسيماً في الآونة الأخيرة تحمل على عاتقها مهمة مواجهة الأفكار الهادمة والجماعات المضللة والجمود الفكري والتطرف الديني والذي يؤدي إلى التكفير والإرهاب، وذلك لتحقيق الهدف المنشود وهو تجديد الخطاب الإسلامي والفكر الديني، وذلك على أساس ومنهج علمي، وقامت الوزارة بجهد عظيم في تجديد وتحديث جميع عناصر الدعوة متمثلة في مادة الدعوة من كتب وإصدارات ودعاة ومسجد، وهذه الحقائق لا تخفي على أي متخصص ومنصف، فلقد قامت الأوقاف بإصدار العديد من الكتب والإصدارات الورقية والإلكترونية والتي تواجه الفكر المتطرف والجمود الفكري ودعاة التشدد والغلو بل والانحراف الفكري وذلك بالأدلة والبراهين من الكتاب والسنة الصحيحة والإجماع والتاريخ الاسلامي الصحيح للصحابة والتابعين بما يؤدي إلى بيان صحيح الإسلام ووسطيته ويصحح المفاهيم المغلوطة ويواجه بالفكر تلك الجماعات المتطرفة المغرضة، ويكفي ان نعلم انه تم إصدار مئات الكتب والإصدارات لتحقيق ذلك الغرض، بل وترجم منها حوالي 279 إصدار إلى ما يقرب من 14 لغة، ويأتي على رأسها سلسلة رؤية للفكر المستنير، وكذلك إطلاق بوابة الأوقاف الإلكترونية والعديد من المواقع الأخرى على فيسبوك وتويتير واليوتيوب وانستجرام وغيرها.
وأستكمل الشيخ عبد العزيز عبد اللطيف من علماء وزارة الأوقاف، أن الوزارة تسعى جاهدة لإعداد دعاة على قدر كبير من التميز والثقافة والفكر السليم متمكنين من علوم الحاسب الآلي والإنترنت بل واللغات الأجنبية، وذلك من خلال أكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات، وتوفير آلاف المنح المجانية للماجستير والدكتوراه، وكذلك تحسين المستوى المادي للدعاة، وأيضا تدريب الدعاة على جميع وسائل التواصل الاجتماعي تحت مسمى الدعوة الإلكترونية.
وقامت الأوقاف في الأعوام الأخيرة في بسط الهيمنة الكاملة على المساجد والزوايا واجتثاث بؤر التطرف والتشدد الديني وسحب البساط من تحت أيدي الجمعيات والجماعات المتشددة، وكذلك تطهير المساجد من كتب التكفير والتطرف والتشدد الديني، وإبدالها بكتب واصدارات تبين منهج الدين الاسلامي الصحيح والوسطي المعتدل، فكل تلك الجهود وغيرها وبذل المزيد منها بإذن الله انما يؤدي بصورة علمية وعملية إلى التصدي الأمثل لخطر الفكر الديني المتطرف واجتثاث فروعه وأصوله وجذوره.