عقيلة صالح في مأزق
اتهم عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، «بعض الدول»، التي لم يسمها، «ببذل مساعٍ لدعم بقاء حكومة (الوحدة) المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة»، معتبراً أن ذلك يعني ضمناً "دعم ومساندة للميليشيات المسلحة التي أفسدت مؤسسات الدولة وأعاقت التسوية السياسية".
وجاءت اتهامات صالح، الذي كان مقرراً أن يزور قطر، أمس، بالتزامن مع زيارة مفاجئة للدبيبة لها، في رسالة مطولة وجهها، مساء أول من أمس، إلى أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية، ووزعها مجلس النواب، طالبه فيها بدعم قراراته ومساندة حكومة «الاستقرار» المكلفة من مجلسه برئاسة فتحي باشاغا، لتمارس مهامها من خارج العاصمة طرابلس، إلى حين "تحريرها من قبضة الميليشيات والعصابات المسلحة".
وعدد صالح في رسالته أسباب سحب الثقة من حكومة الدبيبة، من بينها «فشلها الذريع» في أن تكون حكومة وحدة وطنية حقيقية وفاعلة، تهيئ المناخ السياسي والاقتصادي والأمني، تمهيداً لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرر، كما اتهمها بالفشل في مد جسور الثقة بين الليبيين في الغرب والشرق والجنوب، وتوحيد مؤسسات الدولة.
تأتي هذه التصريحات على خلفية اندلاع اشتباكات مسلحة عنيفة بين الحينة والأخرى بين مجموعات موالية لحكومة البرلمان بقيادة فتحي باشاغا، وأخرى موالية لحكومة الوحدة بقيادة عبد الحميد الدبيبة، في العاصمة طرابلس، والتي انتهت بانحسار نفوذ باشاغا في عدد من المناطق غربي ليبيا، وعلى ضوء هذه الاحداث الجارية في البلاد، أرجع محللون سياسيون السبب في الصدامات المسلحة الأخيرة إلى عجز البرلمان عن السيطرة على الدبيبة وهو ما ترجمه تصريح رئيس مجلس النواب الأخير.
حيث قال المحلل السياسي، محمد الباروني، بأن "صالح يواجه عزلة غير مسبوقة بسبب خسارته أمام الدبيبة في أكثر من مناسبة، ومع تضييق الخناق عليه بعد إعادة تفعيل الدائرة الدستورية، لم يتبق أمامه حل سوى الدفع نحو الفوضى وعرقلة الانتخابات".
المحلل السياسي عبدالله الكبير، بدوره رأى أنه "لا أمل لفتحي باشاغا وحكومته المكلفة من البرلمان في الوصول إلى السلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة لذلك يعملون على إجهاضها". وقال الكبير، إن "باشاغا وحكومته سئم الشعب منهما، وأدركا أنهما فاشلان ووصلا إلى السلطة بمحض الصدفة أو بالصفقات لكنهما فشلا أثناء ممارستهما لها".
أما الباحث والأكاديمي فرج الجارح فيعتقد أن "باشاغا لن يرفع راية الاستسلام بسهولة، وستكون له محاولات جديدة لانتزاع السلطة بالقوة مع استمرار رفض الدبيبة تسليمها له بالطرق السلمية". أضاف، "باشاغا لن يفرط في الفرصة التي ركض خلفها سنوات طويلة، فالرجل معروف بطموحه السياسي ورغبته في اعتلاء هرم السلطة التنفيذية منذ أن كان وزيراً للداخلية في حكومة فايز السراج".
وتجدر الإشارة إلى أن قرارات البرلمان أصبح بالإماكان الاعتراض عليها، ورفضها "قانونيًا"، بعد أن تم إعادة تفعيل الدائرة الدستورية العليا، المغلقة منذ 7 سنوات، وبحسب القانون الليبي، تفعيلها سينهي احتكار عقيلة صالح لعملية وضع القوانين وتنفيذها، ومنه جعل قرارت برلمانه بتشكيل حكومة الإستقرار "باطلاً"، كما انه سيسمح مستقبلًا لعبد الحميد الدبيبة بتقديم طعن ضد قرارات المجلس والمضي قدمًا نحو انتخابات برلمانية ومن بعدها انتخابات رئاسية بالشكل الذي يراه الدبيبة "مناسبًا".