أمريكا والنظرية النسبية
د . طارق ناصر
يحتار المرء كثيرا فى فهم ما يحدث حاليا فى أرجاء المعمورة.
العالم يترنح بالمعني الحرفي للكلمة.
لا يمكن و أكرر لا يمكن لحرب محدودة جدا بين دولتين روسيا و أوكرانيا ( اقتصادهم الاثنين لا يعني شئ بالنسبة لاقتصاد العالم) ان تؤثر كل هذا التخبط العالمي.
أضف علي ذلك أن تلك الحرب تقلصت جغرافيا لإقليم واحد فقط اسمة دونباس آخذين فى الاعتبار التعبير الشهير لبوتين انها عملية عسكرية محدودة و ليست حرب.
فإذا جمعنا تلك المعلومات جنبا إلي جنب و صدقنا انها عملية عسكرية محدودة فمن المستحيل أن يكون لها كل هذة التداعيات.
العالم يتلعثم بشكل هستيري. دول شرقا و غربا تقوم بثورات و علي حافة الهاوية. من يصدق ان المانيا ( ثالث اقتصاد فى العالم) و احتمالية الإفلاس.
سريلانكا ثورة شعبية عارمة و الشعب يلهو فى حمام سباحة الرئيس. الشعب الأرجنتيني يحذو حذوة و علي أعتاب دخول القصر الرئاسي هو الآخر. علما بأن الارجنتين من الدول التي استفادت من الأزمة الغذائية الحالية. و التقارير كانت أشارت إلي انها من الدول المستفيدة.
فماذا يحدث بالضبط؟
و لنتأمل الآتي و هو شديد الأهمية. و ترجع اهميتة لسببين أساسيين. الأول انة يحدث فى الصين. و لمن لا يعلم الصين هي العدو الأول الحالي لأمريكا. و المتهم الأول فى نشر الكورونا فى العالم. و الثاني ان الأمريكان أظنهم علي يقين الان ان الكورونا كانت سلاح صيني اطلقتة علي أمريكا بعد الحرب التجارية التي أطلقها ترامب بلا هوادة على الصين. و هو سبب يستوجب الإنتقام و بعنف.
فماذا يحدث فى الصين! مظاهرات حاشدة لجماهير صينية تريد سحب كل أموالها من البنوك خشية إفلاس تلك البنوك و عدم قدرتها علي السداد.
اقتصاد صيني بدأ هو الآخر فى الترنح. إغلاق تام يعود و يستمر لمدد تصل الي الشهرين. و هى مدة لم تصل إليها الصين حتي فى عز ذروة الوباء.
تعتيم اعلامي عالمي علي الموقف الداخلي فى الصين و هو علامة استفهام كبري. كما لو ان الحرب الروسية الأوكرانية التي افتعلتها أمريكا ما هي إلا قنبلة دخان فقط لتضليل الرأى العام العالمي عن ما يحدث داخل الصين.
و نجئ للأخطر و الأهم تصريح وزير الخارجية الصيني الغامض و المبهم. الصين تحذر الدول الآسيوية خاصة من أن تستخدمهم الولايات المتحدة الأمريكية كبنادق لمحاربة الصين. و هو تصريح غريب احتار المحللين فى تفسيرة.
و اليوم فقط و لأول مرة اليورو يتعادل فى قيمتة مع الدولار. اى ان اليورو خسر اكثر ما يربو عن عشرين فى المائة من قيمتة منذ أن بدأ اليورو فى الظهور.
فما تفسير كل ذلك؟
فى ظني أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتخلي عن مكانتها كدولة عظمي مهيمنة علي العالم. و بدون شك فإنها خسرت كثيرا بسبب الفيروس الصيني ( علي حد تعبير ترامب) و كان لها ان تعوض خسائرها بأى ثمن و بأى اسلوب حتي لو علي حساب جماجم البشر فى كل أرجاء الكون.
الولايات المتحدة الامريكية قررت أن تضعضع العالم أجمع.
نعم و للاسف اقول العالم أجمع. فاقتصاديات دول العالم قاطبة فى حالة هبوط. أمريكا قررت أن تعمل بشكل مختلف هذة المرة.
فالمخطط هو ان تهبط كل دول العالم فى اقتصاديتها بنفس معدل هبوط الاقتصاد الأمريكي و الخسائر الأمريكية ان لم يكن بمعدل هبوط اكثر من هبوطها هي نفسها. و طبعا علي رأس دول العالم تأتي القوتين المنافستين اقتصاديا و هم أوروبا ( اليورو يساوى دولار ) و الصين العدو اللدود و التي تعتبرها أمريكا المسؤلة الاولي عن كل تلك الأحداث الدرامية بعد الفيروس الملعون.
أمريكا ببساطة آمنت بالنظرية النسبية فى الحياة و الاقتصاد بطبيعة الحال. و قررت أن يظل اقتصادها هو المتربع علي العرش بعد أن هبطت بكل اقتصاديات العالم لحد غير مسبوق ليظل الفارق النسبي فى صالحها كقوة اقتصادية جبارة و متفردة مهما كان الثمن الذى سيتكبدة العالم.