الجمعة 22 نوفمبر 2024 05:21 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

الحرب الباردة في القارة السمراء !

د. مصطفى أبو النصر

فى بعض الأحيان، توفر المناسبات والأزمات العالمية فرصاً تستغلها الكثير من الدول والكيانات فى الوصول إلى أهدافها وتحقيق مآربها، وتمثل الحرب الروسية-الأوكرانية لحظة فارقة فى مسار العلاقات الدولية يمكن استثمارها فى تأكيد مواقف الدول من التغيرات التى يشهدها النظام الدولى، وينقلنا هذا التفكير إلى القارة الأفريقية التى تدور الكثير من دولها فى دوائر مفرغة من الأزمات الهيكلية، فتضم أضعف الدول وأكثرها فشلاً فى الاستجابة والتكيف مع الأزمات والكوارث على الرغم من محاولات وجهود تبذلها للخروج من هذه الدوائر والتأكيد على رفض التدخلات الخارجية، التي تسببت، وعلى مدار عقود من تاريخ القارة، فى أزمات مختلفة وزادت من تعقيدات وتشابكات المشهد الأمنى والسياسى والإنسانى في ربوع القارة.

إلا ان حالة التراجع وضعف القدرة على الاستجابة للأزمات التى تعانى منها غالبية دول القارة سمحت للقوى الخارجية بتعزيز نفوذها لتكون القارة مسرحاً للتنافس والمعارك بين القوى المختلفة.

وعلى الرغم من أن عصر الحرب الباردة بكل كوارثه قد انتهى مخلفاً العديد من الأزمات التى لا تزال الدول الأفريقية تعمل على معالجتها حتى اليوم، إلا أن القوى الخارجية لم تتراجع عن سياستها تجاه القارة، حيث تبادر هذه القوى باستدعاء حرب باردة جديدة ستكون أراضى القارة ساحة لها، فى الوقت الذى تسعى دول القارة بكل وسائلها للنأى بنفسها عن هذه الحرب، حيث لا تستطيع هذه الدول الانخراط في هذه الحرب، خاصة أن سياسات الاصطفاف التى تفرضها القوى الخارجية لن تستطيع غالبية الدول الأفريقية دفع فاتورتها أو تحمل خسائرها .

فمازال "الاستعلاء" لا يزال يفرض تأثيره على سياسات القوى الغربية فى أفريقيا، فالسياسة الخارجية الأمريكية غير مستقرة وتعتمد إلى حد كبير على خلفية رئيس الولايات المتحدة، فالرئيس ترامب كان يرى أن أفريقيا ليس لها أهمية فى سياسة الولايات المتحدة الخارجية.

كما تعانى السفارات الأمريكية فى القارة من نقص حاد فى عدد الموظفين، وعلى الرغم من خطابها حول الحقوق الاقتصادية والإنسانية والسياسية، لم تندد الولايات المتحدة في مجلس الشيوخ أو الجمعية العامة للأمم المتحدة بالمظالم التي ارتكبت ضد القارة الأفريقية تاريخياً وحتى الآن.

ورغم الاتجاهات الإيجابية لإدارة بإيدن إزاء التعاون بين الولايات المتحدة وأفريقيا والتى تختلف بشكل واضح فى الصيغة والأداء عن نهج الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة ترامب، إلا أن استعادة العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا في عالم متعدد الأقطاب يواجه العديد من التحديات من أهمها الحاجة إلى استعادة الثقة بين الجانبين وتلبية احتياجات الدول الأفريقية، كما تواصل فرنسا، وفقاً لهذه الاتجاهات، هيمنتها الاقتصادية الإمبريالية في أفريقيا الفرانكوفونية في مواجهة لامبالاة الولايات المتحدة والدول الغربية.

في حين أن الصين تقدم لهم مزايا ملموسة أكبر من أى قوة متواجدة فى القارة، وتشير البيانات إلى أن الصين وروسيا تزيدان من تأثيرهما الاقتصادي وبالتالي السياسي في القارة الأفريقية. إذ تمول الصين حالياً برامج البنية التحتية الرئيسية مثل الطرق والسكك الحديدية والسدود والمطارات والموانئ في معظم الدول الأفريقية والتي تجاهلتها الدول الغربية خلال سنوات عديدة من الاستعمار والعلاقات ما بعد الاستعمار. وفي عام 2021، ارتفعت التجارة بين الصين وأفريقيا بأكثر من 35 في المائة لتصل إلى 254 مليار دولار عن العام السابق.

- إستشارى علاقات دولية

القارة الإفريقية أمريكا أوروبا الحرب الأوكرانية