الشخصية المصرية بين الماضي والحاضر (3)
د. تامر خفاجي
- في حديثه أمام مجلس الأمة في 2531964 حدد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مجموعة من المشكلات والتي تقف كعقبة أمام تقدم المجتمع المصري منها علي سبيل المثال لا الحصر مشكلة الزيادة السكانية، ومن بعده جاء الرئيس الراحل أنور السادات وقد تحدث في العديد من الخطابات عن الزيادة السكانية ولكن بشكل إيجابي إلى حد ما حيث قال في إحدي خطاباته (ولادي برا مصر هيبعتولي السنه الجايه الف مليون دولار) وهنا يقصد تحويلات المصرين بالخارج والتي إرتفعت بعد حرب السادس من اكتوبر عام 1973 وخاصة من الدول العربية البترولية نتيجة للطفرة البترولية التي حدثت في تلك البلاد ،ومن بعدة جاء الرئيس الراحل محمد حسني مبارك والذي تعامل مع القضية بنفس الإسلوب ونفس المنهجية على أنها مشكلة المشكلات وأنها من أهم أسباب تخلف المجتمع المصري وعدم تقدمه ،
هذا وقد كشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات أنه في مصر تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي مرارا وتكرارا في العديد من الخطابات والفاعليات إلي خطورة مشكلة الزيادة السكانية وأنها تقف حجر عثرة أمام تقدم المجتمع المصري ونموة .
وهنا نأتي إلي سؤال مهم ما معني الزيادة السكانية ؟ وهل هي فعلا تؤثر على الاقتصاد القومي والوطني وهل تمثل فعلا مشكلة المشكلات والطامة الكبري على المجتمع المصري بصفه خاصة والمجتمعات العربية بصفةعامة؟ إن الزيادة السكانية في أبسط صورها هي عدم تناسب عدد السكان مع موارد الدولة وعدم قدرة الدولة علي تقديم الخدمات المناسبة لافرادها نتيجة الزيادة في عدد السكان سواء الخدمات التعليمة أو الصحية أو الثقافية أو المعيشية الخ، وهنا نأتي إلي هل المشكلة السكانية تمثل عبء علي الاقتصاد الوطني وتستنزف كل طاقات الدولة في التنمية والبناء والتطوير وما ينتج عنها من مشكلات مثل مشكلة البطالة والتضخم وزيادة معدلات الجريمة
إن الناظر إلي خريطة العالم الذي نعيش فية نجد العديد من الدول والتي تخطي تعداد سكانها المليار نسمة ونيف مثل الصين والكوريتين والهند وباكستان وأندونسيا وغيرها من البلاد فهل كانت المشكلة السكانية تمثل عائق أما تقدمها ونموها وتطورها وهل مواردها الطبيعية سواء من بترول أو معادن نفسية أو مصادر أخري مثل السياحة مثلا متناسبه لعدد السكان ؟
إن دولة الصين مثلا لا تتوافر لها العديد من الموارد الطبيعية والتي نمتلكها في علمنا العربي مثل البترول ولا مناجم للذهب ولا أبار غاز وبترول ولا مناطق سياحية خلابة مثل التي في بلادنا العربية ومع ذلك نجد أنها تمثل قوة إقتصادية وعلمية كبيرة وقوة نووية أيضا وبلد من ضمن البلاد المانحة وعضو في مجلس الأمن علي الرغم من تعرضها للكثير من الحروب والغزوات إذن فأين الخلل؟ وأين مصدر المشكلة ؟ وكيف السبيل إلي حلها ؟ إن المشكلة في إدارة فتلك البلاد ونظرتها إلي الزيادة السكانية علي أنها منحة الاهية وليس عقاب، نظرة اليها علي أنها مصدر من مصادر قوتها وعزها وليس مصدر ضعفها وذلها
ومن هنا يمكن وضع تصور لحل المشكلة والتي تنقسم الي قسمين الاول متعلق بالدوله وسياستها والثاني متعلق بالأفراد وسلوكهم وكيفية إستغلال تلك المنحه الربانية
ففيما يتعلق بالدولة إعتبار أفرادها قوة من مصادر قوتها وتوجيههم في الإتجاه الذي تراه مناسب لزيادة العمل والإنتاج كتوجية الأفراد إلى التعليم الصناعي والزراعي وإتعبارها مادة أساسية في مناهجها العلمية وتسخر كافة إمكانيتها الإعلامية والثقافية والسياسية والمالية في هذا الإتجاه وتشجيع أفراها على العمل في هذا الإتجاه وفرض الحوافز التشجيعية لزيادة العمل سواء الصناعي إو الزراعي وضخ مزيد من الإستثمارات وفتح الأراضي للشباب بتكلفة مناسبة تتناسب مع إمكانياتهم المادية وتسهيل القروض والتوسع فيها لزيادة العمل الصناعي والتجاري علي أن تكون هذة المهن سواء الصناعية أوالتجارية أوالمعمارية ذات صبغة إنتاج حقيقي بعيد عن الإنتاج الترفيهي وغير الضروري والكف عن سياسات الدعم الحكومي غير المنضبط سواء دعم المحروقات أو السلع وإلغاء فكرة التعليم المجاني علي الأقل التعليم الجامعي علي ان يكون هذا التعليم للمتميزين فكريا أو ماديا وزيادة دعم التعليم المهني والتجاري وخاصة أننا نعيش في عصر الحاسب الألي والأقمار الصناعية وإنترنت الفضاء ونحتاج إلي المزيد من الأفراد في تلك المجالات وإظهار هذة الشخصيات في شكل القدوة والنموذج وأنها نماذج مشرفة للعمل والإنتاج وزيادة الدخل الفردي والوطني وفي نفس الوقت سن التشريعات التي تساهم في هذا الإتجاه وتطويرها بما يتناسب مع الظروف الإقتصادية والسياسية للبلاد وزيادة نسبة القطاع الخاص بما لا يتنافي مع سيادة الدولة على منشاتها مثا أن يتم الخصخصة بنسبة 51%للدوله و49% للقطاع الخاص وهنا نكون حققنا المعادلة الصعبة زيادة الإشتثمارات للدولة وتحقيق سيادة الدولة على منشئاتها وقطاعاتها المختلفة وتقليل الإنفاق العام
أما بالنسبة للأفراد تتمثل في تغير ثقافة العمل الحكومي المحدود وفكرة الحصول على أي مؤهل دراسي ودخول سوق العمل دون تدريب مناسب يتناسب مع متطلبات سوق العمل، والتوسع في فكرة العمل الحر والعمل الإنتاجي وليس الترفيهي والتوسع في ثقافة العمل المهني والذي تزداد حاجاتنا الشخصية والمجتمعية إليه، وأن يكون العمل المهني سمة أساسية من سمات شخصية الإنسان المصري والعربي
هذه ياسادة طريقة الصين في النمو والتقدم فالصين منذ عقود بسيطة لم تكن الصين التي نعرفها فقد كانت محتلة وتشكو من كثرة السكان وقلة الدخل وكل المشكلات التي نعاني منها ولكنها كان لديها التصميم والإرادة سواء من إدارتها(والتي بدأت مع ماوتسي تونغ) أو من أفرادها وكانت النتيجة أننا نجد علامة صنع في الصين علي أي شيء تقع عليه أعيننا منذ أن نستيقظ حتي نغلقها للنوم وأزعم ان الإدارة المصرية الحالية بدأت تضع أقدامها على هذا الطريق فمنذ عقود كانت فكرة رفع الدعم عن المحروقات وعن السلع التموينية من المحرمات إلا أن الأدارة الحالية كانت عازمة ولديها إصرار ورؤية واضحة في هذا المجال والتي بدأت تؤتي ثمارها في تحقيق فائض ولو بسيط في الموازنة العامة للدولة مما أتاح لها توسيع دائرة الحماية الاجتماعية للأفراد الأكثر إحتياج وتوجيه هذا الفائض في مشروعات تنموية يحتاجها المجتمع مثل مشروع حياة كريمة والذي تصدي لأكبر المشكلات في المجتمع المصري وهي مشكلة العشوائيات ،إن المشكلة ليست في المشكلة ولكن في طريقة تعاطينها معها ووضع الحلول والإجراءات لضبطها والإستفادة منها أكبر إستفادة ممكنة
وللحديث بقية مادام في العمر بقية، وغدا أفضل بإذن الله