الجمعة 22 نوفمبر 2024 09:08 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

الاجهاض والمثلية ..وفلسفة الديمقراطيين

د . طارق ناصر


يتعجب الناس أشد العجب عن الدفاع الشرس من الحكام الأمريكيين الديموقراطيين لقضايا جدالية و شائكة للغاية.

البعض يعتبرها قضايا أخلاقية صرف و الآخر يعتبرها قضايا دينية بحتة وغير قابلة للنقاش أو الحوار.

الديموقراطيون ينظرون بزاوية مختلفة للغاية فى تلك القضايا. ينظرون إليها من منطلق اجتماعي بإمتياز و لا يزنوا الأمور بأى حال من أى منظور من الجبهة الرافضة المناهضة للمثلية سواء داخل الولايات المتحدة ( انصار اليمين و اليمين المتطرف) او من مختلف بقية بلدان العالم الرافضة لتلك السياسات.

فاذا ما تناولنا موضوع الإجهاض من وجة نظر الديموقراطيين فلابد ان نعود الي الوراء الي منتصف القرن العشرين.

و تحديدا فى بداية الستينات كانت معدلات الجريمة متنامية بشكل مهول فى أمريكا. عكف انذاك العلماء لدراسة و تحليل ظاهرة الجريمة المتنامية. و بعد دراسة استمرت أعوام وجدوا ان معظم المجرمين هم من أولاد العلاقات الكاجوال لأمهات فى سن المراهقة أو نتاج حالات اغتصاب أو ما شابة.

المهم استنتجوا ان أغلبية المجرمين جاؤوا من أصول عائلية مفككة للغاية او نتيجة لحمل سفاح او إغتصاب.

فتبنوا فكرة إباحة الاجهاض. و كان مبررهم فى ذلك خفض عدد المجرمين المحتملين فى المستقبل. و بالفعل فى منتصف السبعينات بدأت امريكا فى اباحة الإجهاض تدريجيا.

لم يكن بكل تأكيد هدفهم ازهاق الأرواح. و لكن هدفهم تقليل معدلات الجريمة و حماية المجتمع من الأطفال الذين جاءوا للحياة فى ظل ظروف قهرية نتيجة لعلاقات مشوهة كما أسلفت.


و بالفعل انخفضت معدلات الجريمة بشكل مطرد فى العقدين اللاحقيين. و تحقق ما توصل الية علماء الاجتماع و علماء النفس بشأن خفض معدلات الجريمة و حماية المجتمع ككل.

يتضح جليا ان الديموقراطيين لا يناصروا الإجهاض من منطلق مناهض للدين او الأخلاق و لكنها من منطلق اجتماعي بحت و فلسفتهم بوضوح هي حماية المجتمع من تنامي الجريمة و عواقبها.

و نجيئ للموضوع الثاني الذى لا يقل جدلا بأى حال من الأحوال عن الإجهاض و هو المثلية.

فالمثلية للمتتبع لتاريخها و تاريخ بداية دعمها سيجد انة بدأ علي استيحاء منذ نهاية الستينات و بداية سبعينات فى القرن العشرين.

و تنامي هذا الدعم رويدا رويدا خلال السبعينات. و لكن فجأة صحي العالم الغربي علي مأساه قلبت كيانهم تماما.

هذة المأساة إسمها "روك هادسون" (نهاية السبعينات - القرن العشرين) واحد من معشوقي فتيات جيلة فى ذلك الوقت.

فقد كان هذا الممثل أيقونة للرجولة. و لكن فجأة ظهر و هو يحتضر علي يد مرض افترسة لم يكن معروف وقتها. هذا المرض الذى اكتشف فيروسة فى الثمانينات عالم فرنسي شهير اسمة " مرض نقص المناعة المكتسب" اختصارا الإيدز.

كان هذا المرض نقطة تحول فى موضوع مناصرة المثليين خاصة بعد أن اكتشفوا ان روك هادسون مثلي. و ذاع صيت هذا المرض علي انة وصمة عار تلاحق الشواذ جنسيا.

و بعدها توفي بطل الويمبلدون الأمريكي الأسود الشهير أرثر أش بنفس المرض.

فكان هذا الفيروس عبارة عن جرس إنذار للعالم و تحذير واضح من المثلية. و تعطلت أحلام المثلين لعقود لم يجرؤ أحد او يحاول ان يناصر المثليين و حقوقهم.

و الآن بعد أن أصبح علاج الإيدز متاحا و أصبح مصنفا كأحد الأمراض المزمنة بدأ شوط جديد نحو مناصرة حقوق المثليين.

فالموضوع قديم جدا و عبارة عن حلقات من الكر و الفر و لكن يبدو ان الديموقراطيين أيضا لهم فلسفة مغايرة ستتضح خيوطها تدريجيا مع الوقت لإحياء المخطط القديم فى مناصرة المثلية.

و من يدري ربما تتدارك الدول المناهضة للمثلية و تقوم بحملة توعية و ترهيب من الأمراض المنقولة جنسيا للشباب كدعاية مضادة لمؤيدى حقوق المثليين.

او ربما يأتي الحل من السماء مرة أخرى بنسخة جديدة من "إيدز" القرن الواحد و العشرين فيدخل مناهضوا المثلية الجحور مرة أخري و يعودوا ادراجهم لممارسة فجور المثلية و لكن فى الخفاء كما كانوا بدون المطالبة بأى شئ سوى الستر و الصحة اذا أراد الخالق لهم ذلك الستر الذى لا يستحقوة.

الاجهاض. المثلية.. الديمقراطيين