الجمعة 22 نوفمبر 2024 10:59 صـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

العصا لمن عصي !!

- السيد الجمل

قديما كانت التربية والقيم الاخلاقية في المجتمع هي السائدة وكان أحترام الكبير فرض واجب علي الجميع ،حيث كان المعلم ينقش في صدور التلاميذ قيم الأحترام والأخلاق قبل التعليم فسميت وزارة التربية والتعليم فالتربية أولا ثم التعليم ، وكانت لعصا المعلم مساحتها من الخصوصية ، فهي برغم قساوتها لم تظلمنا بل أنصفتنا فجعلت منا جميعا أصحاب مكانة علمية فمنا أطباء ومهندسين وأكاديميين وصحفيين ومعلمين ، فكانت علاجاً ناجحاً لـداء الغباء وعدم الاحترام حتى أنها كانت تفتح مخ التلميذ وتزيد من أدبه وتربيته .

فقديما كان مشهد المعلم مرتبطا بعصا يحملها بين يديه كدلالة على حمله لأسلوب تربوي في تقويم المعوج وتصحيح مسار الضال، أينما سار المعلم كانت العصا تصحبه ولها هيبة يخافها كل من يراها ، تلك التي تفعلها عصا التأديب .

وفي عصرنا الحاضر تخلى المعلم عن عصاه بقرار رسمي، والأسباب قيل عنها الكثير من بينها اتباع الأساليب الحديثة في التربية، وإبعاد العقاب الجسدي وما قد يسببه من عقد نفسيه لدى الطالب الذي يراد له قيادة نهضة علمية تدفع المجتمع إلى الأمام ونحو الأعلى.

ومع مرور الايام وتعاقب الاجيال تساءلت هل منع العصا أرتقى بعقلية الطلبة ومنع عنهم العقد النفسية كما خرج علينا بعض الاخصائيين النفسيين أم أن المرضي النفسيين زادوا وحالات الانتحار زادت والمستوى التعليمي انحدر ومعه أخلاقيات اندثرت بأندثار العصا ،فاصبحنا نرى المعلم مُهان من التلاميذ بعدما كنا نختبئ وراء الجدار عند رؤية المعلم قادما من بعيد فكان له إحتراما وتقديرا وهيبة في النفوس .

اقرأ أيضاً

والآن لا الطالب كان مثلما كان ،ولا المعلم الحالي بصفات ذلك المعلم قديما ،ولا العصر أيضا، المعلم قديما كان على حالة تصالح كبيرة مع نفسه فكان يسمي بالافندي نظرا لعلمه وهيبته ، لا يشعر بالضغط النفسي الذي عليه معلم اليوم .

كان المعلم يمرر العصا على الجميع، ومن يتهاون في الحضور أو الحفظ ينال حظه من الضرب ، ولم يكن الضرب مبرح أو يؤدي إلى عقد نفسية أو يخيف الطالب من العلم بل كنا خير خلف لخير سلف. والحل الامثل لإرجاع زمن القيم التربوية في مدارسنا هي العصا ، وباتت للعصا مكانتها الان مع تلك الهجمة المفزعة التي طالت مدارسنا ونسمع عنها كثيرا كتداول أنواع من المخدرات والتدخين ومقاطع الفيديو الإباحية والزواج العرفي .

فهل يستطيع أخصائي اجتماعي واحد في مدرسة كبيرة كأنه ممتلك لعصا سحرية يقوّم ما فشلت فيه مؤسسة البيت والمجتمع مع جيل يحمل بذرة تمرد غذّتها مدرسة المشاغبين واعلام التوك شو والافلام الساقطة التي جعلت هيبة المعلم تندثر ولم يعد لها قيمة فلا تجد رادعا حتى بعصا صغيرة بيد معلم يعرف الفرق بين ضرب التقويم وضرب الانتقام ، فأعيدوا للمعلم عصاه كي يستعيد الشارع أخلاقه ،فالمزابل لم تعد في صناديق القمامة بل استقرت في افواه الشباب.

العصا اخلاق المدارس العصالمن عصي الاخلاق الفاضلة