الجمعة 22 نوفمبر 2024 06:03 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

فيلم باربي و الهجوم عليه !

-الكاتبة هالة الشماسي

ما إن رأيت فيلم باربي في وسائل التواصل الاجتماعي، حتى تحمست جداً لمشاهدته.
فلعبة باربي من أشهر الألعاب في العالم، ولذا كنت كثيراً ما استغرب أن هوليوود لم تستغل محبة الناس لها، ولم تنتج فيلم فعلياً لها من قبل.


فباربي دمية مميزة وجميلة وهي طفرة نوعية في عالم الدمى، ونادراً ما تجد فتاة لم تتعلق بها في طفولتها، مع ذلك فلعبة باربي كثيراً ما كانت محط اتهامات ومحل استياء من الكثيرين.
حيث اشتكى البعض من أن الدمية البلاستيكية الشقراء تروج لفكرة غير واقعية عن صورة الجسد لامرأة شابة، مما يؤدي إلى خطر إصابة الفتيات اللاتي يحاولن تقليدها بفقدان الشهية.

كما ظهر في العقدين الماضيين متلازمة تسمى متلازمة باربي، ومتلازمة باربي هو مصطلح تم استخدامه لتصوير الرغبة في الحصول على مظهر جسدي ونمط حياة يمثل دمية باربي.
حيث يحاول الشخص المصاب بهذه المتلازمة محاكاة المظهر الجسدي للدمية، على الرغم من أن أبعاد جسم الدمية لا يمكن الوصول إليها.

يُنظر إلى هذه المتلازمة على أنها شكل من أشكال اضطراب تشوه الجسم، وتؤدي إلى اضطرابات الأكل المختلفة، بالإضافة إلى الهوس بالجراحة التجميلية.
ومن أشهر الشخصيات التي قامت بعمليات تجميلية متطرفة لتصبح نسخة آدمية للدمية باربي هي عارضة الأزياء الأوكرانية فاليريا لوكيانوفا.


مما دفع (شركة ماتيل) الشركة المصنعة للدمية تطرح في السوق باربي بأحجام وأشكال مختلفة، فأصبح هناك باربا الطويلة والقصيرة والممتلئة.
وما زالت الشركة تقدم المزيد من الدمى ذات معايير أكثر واقعية من أجل المساعدة في تعزيز صورة الجسم الإيجابية.
ومثل هذه الاتهامات والصخب حول الدمية هو ما جعلني أتحرى شوقاً لأعرف ماذا ستفعل شركة ماتيل لتحسين سمعة دميتها.
مما جعلني أتحمس واحجز مقعد في إحدى صالات السينما، وأشاهد الفيلم الذي تبدأ أحداثه في عالم موازي هو عالم باربي الوردي المسمى باربي لاند.

اقرأ أيضاً


حيث شخصية باربي النمطية ورفيقاتها الإناث هن من يهيمن على ذلك العالم، حيث تشغل الأدوار جميعها كالطب والكتابة والهندسة وحتى السياسة.
بينما كين ورفقاؤه يقضون أيامهم في اللعب على الشاطئ، معتبرين ذلك مهنتهم.
وهنا نرى أن عالماً باربي هو عالم أمومي تديره الإناث على عكس العالم الواقعي الذكوري الذي نعيشه حيث يسيطرون الذكور ويهيمنوا عليه.


ومن خلال معاناة كين الذي يعاني التهميش والاستبعاد يعكس الفيلم معاناة الجنس المستضعف في الواقع وهن النساء.
حيث يكون أقصى طموح كين في الفيلم أن ترمقه باربي بنظرة وتبتسم له، حيث إنه لا يستطيع أن يجد لنفسه هوية منفصلة عن باربي، فيرى وجوده بجانب باربي وإنشاء علاقة رومانسية معها هو ما يعطي معنى لوجوده وقيمة لحياته.


وهذا فعلاً يعكس واقع النساء في عالمنا، حيث يتعامل المجتمع مع المرأة منذ طفولتها على أنها عروس مستقبلية، وإذا كبرت دون أن ترتبط برجل بعلاقة زواج تكون كمن أهدر معنى وجودها في الحياة، وتستحق العطف والشفقة.
وهذا ما يجعلها في نهاية الأمر تعامل نفسها بالمبدأ نفسه، ولا ترى سعادتها إلا في عينين رجل.
إلا أن كين بعد أن زار العالم الواقعي الذين يحكمه الذكور، ويتولونه من كل النواحي السياسية والمالية والفنية وغيره، يقرر كين أن يحول باربي لاند إلى مجتمع أبوي مثله مثل عالمنا الحقيقي الذي انبهر به.


وبالفعل استطاع كين أن ينقل تلك الأفكار لعالمه، والتي تسببت بما يشبه التنويم المغناطيسي للفتيات فيه، والذي لم تستطع باربي النمطية ومساعديها من تخليصهن منه إلا من خلال شرحها لهن الحقيقة العارية لمعاناة المرأة.
وفي نهاية الفيلم بعد أن انتصرن الفتيات، واستعدن أدوارهن قررن أن المساواة بين الجنسين هي الحل، وأنه من الظلم والإجحاف أن يُهمش جنس ويُهيمن آخر.
طبعاً بعد أن شاهدت الفيلم أعجبت فيه جداً، وفي رسالته التي يقدمها، وفي الوقت نفسه تعجبت من الهجوم الذي تعرض له في الوطن العربي والدعوات لحظره ومنع مشاهدته.


غريب جداً أن يظهر مثل هذا الهجوم، وهذه الدعوات من البعض في مجتمعاتنا التي تقول بأنه فيلم يدعو إلى تهميش الرجل والتقليل من قيمته، في حين أن الفيلم في الحقيقة لا يدعو إلى أكثر من المساواة بين الجنسين، بينما في الوقت ذاته تُعرض كل يوم، وعلى مدى عقود مسلسلات خليجية تهين المرأة، وتبخس من قدرها، دون أن يعترض أحد.
حيث ترى المرأة بالأعمال الدرامية الخليجية تتعرض للضرب والعنف و الإهانة من قبل الشخصيات الذكورية دون أن يظهر أي استنكار من باقي الشخصيات في العمل.


وأيضاً تشاهد عدة نساء يتشاجرن ويتعاركن في سبيل رجل، ويتوسلن لكسب رضاه دون أدنى قدر من الكرامة.
لماذا إهانة المرأة في أعمال الدراما العربية شيء مقبول لدى مجتمعاتنا، بينما تهميش الرجل في فيلم افتراضي طوباوي شيء مرفوض، ويستدعي العويل والنواح؟!
أم كون الفيلم قد يفتح عقل النساء على التهميش الذي يتعرضون له، هو ما أثار حفيظة مجتمعاتنا الأبوية الذكورية واستدعى قلقها!!.

فيلم باربى الدراما الغربية