العنف ضد المرأة في الدراما بالملتقى العربي لإعلام النهضة
عادل عقلفي حضور عدد من أساتذة الإعلام والخبراء نظمت "الرابطة العربية للبحث العلمي وعلوم الاتصال" بالشراكة مع "الملتقى العربي لكلية الاعلام واللغات التطبيقية" في جامعة "النهضة" ندوة عبر "زوم" بعنوان "الدراما العربية والعنف ضد المرأة" .
وحاضر في الندوة كل الدكتورة منى الحديدي مقرر اللجنة العلمية الدائمة لترقيات الأساتذة والأساتذة المساعدين في الإعلام بالمجلس الأعلى للجامعات، ودكتورة مي العبد الله رئيس الرابطة، و رئيس الهيئة الاعلامية في الاتحاد العربي للتنمية المستدامة الدكتور علاء رجب، والدكتورة نسرين عبد العزيز. أدارت الندوة عميدة كلية الاعلام واللغات التطبيقية في جامعة النهضة الدكتورة هبة الله السمري، أما مقررة الندوة فرئيسة قسم الاذاعة والتلفزيون في الجامعة الدكتورة مها محمد فتحى.
وخلصت الندوة في مقرراتها، بحسب بيان للرابطة، الى "أهمية الرقابة على السيناريو والموافقة عليه من الجهات المعنية قبل البدء بالتنفيذ لتفادي ظهور المشاهد العنفية التي تعكس الصورة السلبية للمرأة في المجتمع العربي، كذلك وضع المعايير التي يجب احترامها في تطبيق السيناريو حفاظا على المبادئ والتقاليد التي يتميز بها هذا المجتمع وعدم تشجيع الأعمال الدرامية التي تتضمن العنف من خلال التكريم للحد من انتاج مسلسلات تروج للعنف بمختلف أشكاله".
وتطرق المحاضرون الى أن "المسلسلات الدرامية تتضمن أشكالا عديدة من العنف، منها ما هو مادي جسدي ومنها ما هو معنوي ، فهذا الأخير هو الأكثر تأثيرا لأنه يؤثر على شخصية الانسان ومساره في الحياة المجتمعية. واعتبروا أن الدراما التي تُعرض على شاشات التلفزة هي الأكثر رواجا من السينما لأنها الأقرب الى المشاهد ويمكنه المتابعة بشكل أسهل".
وقدموا "نماذج عديدة من المسلسلات التي تحتوي على مشاهد تثير العنف من الرجل على المرأة، وكذلك من المرأة على المرأة نفسها. ودعوا الى ضرورة نبذ هذه الأعمال بانتقادها بشكل جدي والدعوة الى عدم مشاهدتها بتحفيز الوعي لدى الفرد من خلال التربية ومراقبة الأعمال ووضع تشريعات وقوانين خدمة للمبادئ الخلقية التي تميز هذه المجتمعات بعيدا عن الأغراض التسويقية والانتاجية التي تهدف الى الربح فقط".
بداية، كلمة ترحيبية لرئيسة الرابطة الدكتورة العبدالله بالمحاضرين ثم طرحت العديد من الأسئلة على بساط البحث في الأعمال الدرامية التي تثير جدلا عميقا لناحية الإنتاج والتنفيذ وغيره.
من جانبها أوضحت الدكتورة هبة الله السمري التي أدارت الندوة، أن هناك تاريخ من "العنف الممنهج الذي تعاني منه المرأة منذ عصر الجاهلية ولا تزال، مستشهدة بإحصاءات من دراسات أجريت في هذا المجال، ودلت على ان نحو 31% من النساء يتعرضن للعنف على أيدي أزواجهن، و75% يتعرضن لشتى أنواع العنف".
وأشارت الى أن "مسلسلات الدراما في الدول العربية بشكل عام والمصرية تحديدا تتضمن مشاهد عنفية بمختلف أشكالها وتتسوق أكثر من خلال وسائل التواصل الاجتماعية للترويج وتحقيق نسب عالية من المشاهدة. وطرحت العديد من الأسئلة، منها على سبيل المثال لا الحصر، هل استطاعت الأعمال الدرامية تخفيف العنف ضد المرأة أم حصل العكس؟ هل حصل أي تحسن لصورة المرأة من خلال المسلسلات الدرامية التي تعرض مشاهد عنف إزاء المرأة؟".
وأشارت الدكتورة منى الحديدي الى أن "موضوع العنف تجاة المرأة يعود الى عقود غابرة، ويرتبط جزء منه بالمجتمع وليس بالدراما على وجه التحديد. ولفتت الى انه موضوع مهم يستحق المناقشة والاهتمام وتضافر الجهود لمتابعته. وطرحت العديد من الأسئلة، منها: هل العنف يأتي نتيجة اتجاه وموقف الجهات المنتجة لأعمال الدراما؟ ورأت أن العنف على المرأة يأتي أحيانا من قبل الزوج انما في الغالب يمارس من قبل المرأة لذاتها".
ولفتت الى أن "المرأة في بعض المسلسلات المصرية بدت وكأنها تروج لاخذ الثأر بحيث تدفع ابنها للقيام بذلك. وتحدثت عن أنواع شتى من العنف الذي يمارس على المرأة منذ الخمسينيات الى الآن، هذا يتطلب المساندة من المعنيين والرأي العام لاخذ القرارات والإجراءات التي تقضي بتوقيف العنف. واعتبرت أن المرأة قد تكون مصدر العنف لأقرب الناس اليها (العشيقة، العلاقة المحرمة، أخذ الثأر، تسمم الزوج...)".
وشددت على ان "الجهات التي تنتج الدراما هي المسؤولة في الطليعة عن ترويج هذا العنف".
واعتبرت أن "للعنف وجوها مختلفة منها معنوي ومنها ما هو مادي، والعنف المعنوي هو الأكثر تأثيرا لأنه يقتل الشخصية ويسهم بنشر سلوكيات سلبية لدى الجيل الجديد. وتظهر المرأة أحيانا بأنها تقبل العنف من أجل أولادها، فهذا يؤثر عليها أيضا بأنها تقبل به".
ورأت أن "العنف في الدراما أكثر تأثيرا من الأفلام السينمائية لأن المشاهد يتابع لفترة طويلة (يوميا، اسبوعيا أو شهريا) وكذلك المنصات الرقمية". ولفتت الى أن "العنف يظهر في بعض المسلسلات وكأنه من صفات الرجولة. وأكدت أن هذه المسلسلات لها دور بارز في ترويج مشاهد العنف تجاه المرأة".
وتحدثت الدكتورة نسرين عبد العزيز عن نماذج عدة من المسلسلات االتي تتضمن مشاهد عنف تجاه المرأة، معتبرة أنها "تشكل مصدرا للعنف تصل الى الخيانة والقتل وما شابه. وحددته بأنه عنف لفظي وجسدي، واللفظي هو الأكثر إساءة وتأثيرا، لذا فالمعالجة تقتضي الوعي من قبل المنتجين لهذه المسلسلات التي تروج لهذا العنف الذي قد يكون عن غير قصد. وطرحت العديد من المسلسلات بأسمائها التي تضمنت مشاهد عنف وإساءة بشكل فاضح تجاه المرأة وقدمت صورة عن العنف الناتج بسبب الميراث والخيانة وغيره من الأمور التي تدفع المرأة بذاتها الى ممارسة العنف (تحريض على الثأر مثلا) فتمارس بذلك العنف ضد ذاتها لحماية نفسها من المجتمع".
وأكدت أن "مضمون غالبية المسلسلات لا يليق بصورة المرأة والأم التي تشجع أولادها على الثأر، فيُعطى لها التقدير على هذا الدور، فهذا خطأ بحد ذاته وخطير لأنه يشجع على الأعمال العنفية بشكل غير مباشر".
ولفتت الى "استخدام صورة المرأة كسلعة للتسويق ، معددة الصور السلبية التي تظهر بها المرأة في هذه المسلسلات من الخيانة وتسمم الزوج والقتل، فيفقد المرأة قدسيتها كأمومة وأخت وصديقة وغيرها".
واشار الدكتور علاء رجب في مداخلته الى أن "المرأة لم تأخذ حقها في المؤسسات والمناصب"، لافتا الى أنها "تظهر بموقع الضحية غالبا في المسلسلات الدرامية أمام بلطجية الرجل الذي يجسد القوة".
وانتقد بشدة "تكريم العديد من الاعمال الدرامية بالممثلين والمنتجين التي تتضمن إساءة الى المرأة بشكل فاضح، وكذلك تقديم الجوائز لهذه المسلسلات لأنها حققت نسب مشاهدة عالية".
وفي مداخلة للمخرج حسام الجوهري لفت فيها الى "بعض الأعمال الدرامية في الفترة الأخيرة التي تظهر العنف بين المرأة نفسها أكثر من عنف الرجل تجاهها"، مشيرا الى أنها "تصدر العنف، لأنها مقهورة ومضطهدة، فتروج للعنف بحدة.
فيما دعا الدكتور محمد ثروت أستاذ الإعلام الرقمي، إلى ضرورة رصد وتقييم الدراما التلفزيونية العربية المقدمة للمرأة آخرها مسلسل امرأة واحدة لا تكفي، والذي تم منعه في الكويت ومحاكم أبطاله. مؤكدا أن كتاب السيناريو عليهم مسؤولية كبيرة في إيجاد حلول للعنف ضد المرأة وليس تبريره.