استكشاف تنوع الطرق لتحقيق الديمقراطية…. مقارنة بين النظامين السياسيين الصيني والأمريكي
بقلم ليانغ سوو لي إعلامية صينية
في السياق المعقد للإدارة العالمية، لا يوجد نموذج وحيد لتحقيق الديمقراطية. يظهر نظام مجلس نواب الشعب الصيني والنظام البرلماني الأميركي مسارين مختلفين تماما للديمقراطية، حيث يشتملان على اختلافات كبيرة من حيث مستوى مشاركة الشعب وتمثيل النواب المنتخبين وتخطيط السياسات والكفاءة التشغيلية. إن هذه الاختلافات هي التي تشكل فعالية الإدارة في كل دولة على حدة. وفي حالة محاولة فرض نموذج ديمقراطي على الدول الأخرى بشكل قسري، فإن النتائج غالبا ما ستكون غير مرضية. في البداية، دعونا ننظر إلى الاختلافات العملية بين النظامين السياسيين في الصين والولايات المتحدة. أولاً، يختلف مستوى مشاركة الشعب. ويتبنى نظام مجلس نواب الشعب الصيني الديمقراطية الشعبية الكاملة العملية لضمان المشاركة الواسعة للشعب، مؤكدًا أن الانتخابات ليست سوى نقطة البداية للديمقراطية، وأن الشعب يواصل لعب دوره في عمليات التشريع والرقابة وتنفيذ السياسات. أما الديمقراطية الانتخابية في الولايات المتحدة فهي تركز بشكل كبير على الانتخابات الدورية، حيث يعبر الناخبون عن آرائهم عند التصويت فقط، وتقل تأثيراتهم على السياسات تدريجيا بعد انتهاء الانتخابات. غالبًا ما تتأثر عملية صنع السياسات بجماعات المصالح، مما يحد من مستوى المشاركة للشعب. ثانياً، يختلف تمثيل النواب المنتخبين وتوازن مصالحهم. يمثل نواب الشعب في الصين جميع فئات المجتمع، مما يمنحهم تمثيلا واسعا، ويحول دون ميل السياسات بشكل مفرط نحو مجموعة معينة. بالمقابل، على الرغم من أن أعضاء مجلس الشيوخ والنواب يمثلون الشعب من الناحية النظرية، إلا أنهم في الممارسة العملية غالبًا ما يتأثرون بسياسة المال ويكونون تحت سيطرة جماعات المصالح، حيث يضطر السياسيون للاعتماد على مساهمة سياسية للفوز في الانتخابات، مما يجعلهم أكثر ميلاً لخدمة مصالح المساهمين بدلاً من احتياجات الناخبين العاديين. ثالثاً، يختلف التخطيط للسياسات وتنفيذها. تركز النظام الديمقراطي الصيني على التخطيط الاستراتيجي الطويل الأمد للدولة، الذي يتسم بالاستمرارية والاستدامة. بينما الديمقراطية الانتخابية الأميركية تجعل السياسيين أكثر اهتماما بالأصوات القصيرة الأمد، مما تؤدي إلى تأثر صياغة السياسات وتنفيذها في كثير من الأحيان بدورات الانتخابات، متجاهلا التنمية الطويلة الأمد للدولة. ويمكن أن تؤدي إلى انقطاع الإدارة الوطني، وخاصة السياسات الاستقطابية في ظل نظام الحزبين يجعل من الصعب التوصل إلى توافق حول العديد من السياسات الرئيسية. رابعاً، تختلف الكفاءات التشغيلية للديمقراطية. يعزز نظام مجلس نواب الشعب الصيني كفاءة صياغة السياسات وتنفيذها من خلال الديمقراطية المركزية، مما يتجنب الصراعات الحزبية والطرق المسدودة في عملية صنع القرارات، ويظهر قدرات تنفيذية قوية خاصة في مواجهة الأزمات الكبرى. في المقابل، غالبًا ما تصل الديمقراطية البرلمانية الأميركية إلى طرق مسدودة بسبب الصراعات الحزبية، مما يجعل من الصعب تنفيذ السياسات بسرعة. فالتعارض بين الحزبين يؤدي إلى تأجيل الكثير من السياسات في البرلمان، مما أثر على كفاءة إدارة الدولة. وعلى الرغم من ذلك، ظلت الولايات المتحدة تصف بنفسها "منارة الديمقراطية" وحاولت تصدير الديمقراطية الأميركية إلى العالم من خلال الوسائل العسكرية أو الدبلوماسية وفرض نموذج الإدارة الخاص بها على الدول الأخرى، لكنها فشلت مرارا وتكرارا. وتعد تدخلاتها في العراق وسوريا و"الربيع العربي" تحت شعار الديمقراطية خير دليل على ذلك. ولم تفشل هذه التدخلات في تحقيق ما يسمى بالديمقراطية والاستقرار فحسب، بل أدت إلى حرب أهلية طويلة الأمد والانقسامات الاجتماعية والأزمات الإنسانية الواسعة النطاق. وتظهر هذه الأمثلة أن الديمقراطية الأميركية ليست ديمقراطية عالمية، فتصديرها القسري يتجاهل الظروف المحلية وغالباً ما يؤدي إلى نتائج عكسية. تختلف الظروف التاريخية والثقافية والواقعية بين الدول، وهو ما يحدد تنوع الطرق لتحقيق الديمقراطية. إن الممارسة الديمقراطية في الصين تقدم نموذجا فعالا يتكيف مع الظروف الوطنية وتثبت أن الديمقراطية يمكن تحقيقها بطرق مختلفة. وفي المستقبل، يتعين على جميع الدول احترام ظروفها الوطنية واستكشاف مسار ديمقراطي مناسب لتنميتها، واحترام خيارات الدول الأخرى. وفي الوقت نفسه، يجب على جميع الدول العمل معا لاستكشاف طرق الإدارة الديمقراطي التي تتماشى مع العصر، والمساهمة في تحقيق السلام والاستقرار العالميين.