الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 08:39 مـ 27 ربيع أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

ثقافة

شيخ الطريقة الشبراوية: ثرثرة السر والإشاعات صنوان للخيانة

الشيخ عبدالخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية
الشيخ عبدالخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية

قال الشيخ محمد عبد الخالق الشبراوى شيخ الطريقة الشبراوية الخلوتية، إن ثرثرة السر والإشاعات صنوان للخيانة، الحمد لله رب العالمين, الذي أنعم على عباده المؤمنين بالتقوى واختار لهم معيته بعروجهم لمقام الصادقين فقال في كتابه الحكيم:" يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ" التوبة 119، والصلاة والسلام على الصادق الأمين حضرة سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وتابع الشبراوي، أن إطلاق اللسان من ذميم الخصال, فيوقع المرء فى براثن الاتهام من: ذكر المعاصي, والمراء, والخصومة, والتشدق بالكلام من تكلف السجع, والتصنع, وما يأتى به من الفُحش, واللعن, والسخرية, والإستهزاء, والكذب, والغيبة والنميمة, وإطلاق الشائعات بالكذب والبُهتان والخوض فيما هو مُحرم، فهى آفة مُهلكة, لذا حث المولى عز وجل على الأًحسن من الكلام فقال فى كتابه العزيز:" وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا" الإسراء53، وقال تعالى :" لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا. "النساء 114وقال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا" الأحزاب 70 .

وقال شيخ الطريقة الشبراوية الخلوتية إن آفة اللسان تتفتق منها معظم القبائح ؛ لذا فهی مُهلکة. من هنا مدح حضرة سیدنا رسول الله صل الله علیه وسلم الصمت وحث علیه کما أمر به أصحابه فقال :" مَنْ صمت نجا " وقال :"الصمت حکمة وقلیل فاعله " وقال لسیدنا معاذ بن جبل: "وهل یُکب الناس فی النار علی مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم".

وأضاف مِن هنا عَلِم صحابة سیدنا رسول الله صل الله علیه وسلم أنه قد آن وقت العمل ولا مجال لثرثرة کلام لا فائدة منها، فقد کان سیدنا أبو بکر الصدیق رضي الله عنه یخاف من فلتات اللسان، فیضع في فمه حصاة لتمنعه من التکلم ویقول:" هذا الذي أوردنی الموارد القبیحة ویُشیر إلی لسانه".

واكمل، إعلم أن ثرثرة الکلام فیما لا یعنی وماهو كاذب وإطلاق الفُحش من الإشاعات تزید في قساوة القلب الصدأ والران قال تعالى:" كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" المطففين 14كما تسقى البدن شرور ظلمات الظُلم والبُهتان بخيانة الأمانة التي حملها الإنسان، لأن لسان المرء أسده إن أطلقه أکله، ولا یستقیم القلب واللسان حتی یستحی الإنسان من المولی عز وجل ویترك مداخل الشیطان.

واردف، من هنا وجب على مَنْ ابتغى حقيقة الإيمان تعظیم حُرمات العباد فقد قال الحق سبحانه وتعالی:" وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ " الحجر 88 وقال:" وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ" الحجرات 12 وقال صل الله علیه وسلم :" مَثل المؤمنين فی توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثل الجسد ،إذا اشتکی منه عضو تداعی له سائر الجسد بالسهر والحمی"، کما یجب حفظ أعراض الناس والوقوف بجانبهم فإن الحبیب صل الله علیه وسلم قال:"من نَفس عن مؤمن کربة من کرب الدنیا، نَفس الله عنه کربة من کرب یوم القیامة، ومن یَسر عن مُعسر یَسر الله علیه فی الدنیا والآخرة، والله فی عون العبد ما دام العبد في عون أخیه...."

وأضاف وعلى هذا وجب تحري الصدق والورع في الكلام, كي لا يقع الإنسان فى براثن التعصب والفتن فيظن أنه ناجِ منها, لكنه يقع فيها ويحمل ذنب غيره معه مِمَنْ استهوته هذه الفتن التى لم ولن تولِد إلا الخيانة والدمار والفرقة والتباعد بين العباد.

وقال إن آفة الثرثرة وإطلاق الإشاعات بغير علمٍ يتولد منها الفُحش والبذاءة والفتن التي نهى عنها حضرة المصطفى صل الله عليه وسلم لقوله:" إياكم والفُحش, فإن الله تعالى لا يُحب الفُحش ولا التفحُش." وقد قال ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى:" يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا " الكهف 49 إن الصغيرة هى التبسم بالإستهزاء بالمؤمن والكبيرة هى القهقهة بذلك، مطاوعاً بذلك شهوته من إعجاب المرء بنفسه، وذلك مما نهى المصطفى صل الله عليه وسلم عنه حيث قال:" إذا رأيت شحاً مطاعاً, وهوا متبعاً, وإعجاب كل ذى رأى برأيه فعليك بنفسك"، وقال صل الله عليه وسلم:" ثلاث مهلكات: شُح مُطاع, وهوى مُتبع, وإعجاب المرء بنفسه."

وأكمل ولنا فى صحابة سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم الأسوة والقدوة الحسنة بسؤال البشير النذير والسراج المنير فيما تكون النجاة؟ فقد قال عقبة بن عامر: قلت يارسول الله ما النجاة؟ قال:" أمسك عليك لسانك, وليسعك بيتك, وابكِ على خطيئتك"، وعنه صل الله عليه وسلم أنه قال :" مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت."

وتابع وقد كان الإمام الغزالي رحمه الله يقول: ما فُضل سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه بكثرة صيام ولا صلاة وبكثرة فتوى ولا كلام, لكن بشيء وقر في صدره فهذا ما شهد له سيد المرسلين صل الله عليه وسلم بذلك, فليكن الحرص فى طلب ذلك السر المكنون فإنه الجوهر النفيس والدر المكنون.

كما أضاف، إعلم أن حمایة الأوطان من المهالك تُحتم علی الجمیع التخلي عن ثرثرة الکلام بما لا فائدة منه وبث الإشاعات والأکاذیب لعدم الوقوع في المحظورات، والتحلي بالصدق والإخلاص في القول والعمل فقد قال صل الله علیه وسلم :" إن مِن أَحبکم إلی وأقربکم منی مجلساً یوم القیامة:أحاسنکم أخلاقاً ، وإن أبغضکم إلی وأبعدکم منی یوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفیهقون، قالوا یارسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفیهقون؟ قال: المتکبرون. الثرثارون هم کثیروا الکلام تکلفاً، والمتشدقون هم المتطاولون علی الناس بکلامهم.

وأكمل من هنا حث المصطفى صل الله علیه وسلم علی الکلم الطیب فقال:" الکلمة الطیبة صدقة" وقال:" مَن کان یُؤمن بالله والیوم الآخر فلیقل خیراً أو لیِصمت" کما حث علی عدم إیذاء الناس بعضهم لبعض فعن أبی موسی رضي الله عنه قال: قلت: یارسول الله أی المسلمين أفضل قال:" مَن سَلِم المسلمون من لسانه ویدیه"، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صل الله علیه وسلم:" لا تکثروا الکلام بغیر ذکر الله، فإن کثرة الکلام بغیر ذکر الله تعالی قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسی. "

واختتم حديثه فمن أراد أن یقف علی أعتاب البر فلیتحری الصدق ویتحلی به، ویتخلی عن الکذب فقد قال صل الله علیه وسلم :" إن الصدق یهدی إلی البر وإن البر یهدی إلی الجنة، وإن الرجل لیصدق حتی یُکتب عند الله صدیقاً، وإن الکذب یهدی إلی الفجور وإن الفجور یهدی إلی النار، وإن الرجل لیکذب حتی یُکتب عند الله کذاباً."

شيخ الطريقة الشبراوية ثرثرة السر الإشاعات صنوان للخيانة