الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 01:35 صـ 23 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

ثقافة

توقيع الأعمال الكاملة للشاعر عبد الله باشراحيل بمركز الإبداع الفني بالأوبرا

الشاعر عبد الله باشراحيل
الشاعر عبد الله باشراحيل

لأول مرة في مصر تنشر الأعمال الكاملة للشاعر السعودي الكبير د. عبد الله باشراحيل، وذلك في حفل كبير في مركز الإبداع الفني في الأوبرا مساء الثلاثاء 12 نوفمبر الجاري، بحضور جمع كبير من أدباء ومثقفي مصر، ويشهد حفل التوقيع انطلاق جائزة الشاعر د. باشراحيل لتكون إضافة كبيرة للحياة الثقافية العربية، ومنصة لإثراء الحياة الأدبية، خاصة أن أمانة الجائزة ستقوم بطباعة الكتب الفائزة، علاوة على استكمال منتدى الشاعر الذي يواصل دعم المواهب الأدبية، وطباعة وتسويق كتبهم مجانا.
وأعمال الشاعر د. عبد الله باشراحيل عبارة عن سبعة مجلدات، تضم خمسة وثلاثين كتابا، وتتنوع ما بين الشعر العمودي الفصيح، والشعر الشعبي، والنثر الذي يضم مقالات الشاعر التي نشرت في الصحف.
ويشهد حفل التوقيع الإعلان الرسمي عن إنطلاق جائزة الشيخ محمد صالح باشراحيل رحمه الله، وهو والد الشاعر، وذلك عن دار نشر (منازل) التي تولت نشر الأعمال الكاملة للشاعر باشراحيل.
وكان الراحل الشيخ محمد صالح باشراحيل صاحب منتدى ثقافي في مكة المكرمة، وكان يستضيف كبار علماء الدين، ورجال الأدب والثقافة والفكر، وقد استكمل ابنه مسيرته الثقافية، فواصل عقد المنتدى، وقام بطباعة أبرز الأعمال التي تبناها، كما أطلق المنتدى جائزة باشراحيل التي كرمت في دورتها الأولى علي أحمد سعيد (أدونيس)، وكان يساهم بالإشراف عليها من الشخصيات المصرية: عمرو موسى، ود. صلاح فضل، ود. حسين كامل بهاء الدين.
والشاعر د. عبد الله باشراحيل حاصل على ليسانس كلية الحقوق من جامعة القاهرة، ويعتبر نفسه مصريا حيث إن أخواله من مدينة الزقازيق، كما يفتخر بجذوره الممتدة إلى شاعر قبيلة كندة (امرؤ القيس)، فهو عربي قح، مصري الهوى، ابن مكة المكرمة، وعاشق كل ما هو عربي، فقد سبق وكرمه الرئيس السوداني عمر البشير، وكتب الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة مقدمة ديوانه (وحشة الروح)، وهو شاعر كلاسيكي، ومجدد مخضرم، يعتز بتراثه مضمونا وشكلا، كما أنه شاعر لا يصادر على أية تجارب حداثية، وفي باب المديح يقرض الشعر ليس للتكسب بل لإظهار سجايا الممدوح، وعلى سبيل المثال له قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم من مائة وخمسين بيتا بعنوان (مئوية الحب)، كما أن له ديوان بعنوان (أقمار مكة)، وديوان كامل في مدح الصحابة كلهم، فضلا عن قصائده في مدح ورثاء والده، وله ديوان (سيد الصحراء) في مدح الملك المؤسس للشقيقة السعودية، فضلا عن قصائده في رثاء أصدقائه مثل محمود درويش، وسميح القاسم وغيرهما.
ويقول في قصيدته (قرابين الوداع):
(تذكرت الزمان وكيف كنا – شموعا يستضيء بها النزيل)
(يساهرنا الصبا والروح نشوى – وليل الحالمين بنا يطول)
(شربنا من دنان الصدق حتى – ليحسبها الرقيب هي الشمول)
(وكم خضنا الصعاب ولم نبال – لجمع شتات أقوام تحول)
حتى يقول:
(حبيبي كيف كنا، كيف صرنا؟ - يرود حياتنا قال وقيل)
(وما زلت المحارب دون قومي – أفدي ما استطعت ولا أقول)
(حملت هموم أحبابي وحيدا – وحمل أحبتي دوما ثقيل)
(ولست معاديا أهلي وقومي – ولا يعدو على الأهل الأصيل)
ويختم قصيدته بقوله:
(سيذكرني الأكارم بعد موتي – بأني الصادق الشهم النبيل)
(وأحمد خالقي كم ذا حباني – بفضل ما يناظره مثيل)
(وأعلم أن لي عمرا قصيرا – وتدركني المنايا والرحيل)
(سأرحل راضيا عني لأني – صدقت ، وبالوفاء أنا الجميل)

كتب في إهداء ديوانه (قرابين الوداع) ثلاثة أبيات إلى رسول الله جاء فيها:
(إلى رسول الهدى أهدي الذي انكتبا – مدائحا فيه تحوي الشعر قد عذبا)
(للشمس أمي ، وللبدر العلي أبي – من أورثاني التقى والفضل والنسبا)
(لكعبة الله نور الأرض قاطبة – لأرض مكة ، أرضي أنشر الأدبا)
ويقول في مقدمة ديوانه عن مفهومه للشعر:
(إن الشعر قضية، والشاعر إذا لم يكن صاحب قضية في شعره فليس بشاعر، وكل ما يقوله مجرد لصق الكلمات بعضها إلى بعض مفتقدة إلى رجاحة القول، وقوة المعنى والمبنى، ولم يكن الشعر قط قائلا بالإسفاف وضحالة المعنى، وتكلف الأداء الشعري الذي تمجه الذائقة العقلية، ويعرض عنه حذاق الشعر، وأهل البيان، فما هذا المسخ الذي جاء به دعاة التغريب وأرداوا إلحاق نسبة المولود سفاحا إلى الشعر العربي ؟!).
وعن رأي النقاد في شعره يقول الناقد الراحل د. صلاح فضل:
(يقدم المشروع الإبداعي لعبد الله باشراحيل الذي استمر منذ ربع قرن بالوتيرة ذاتها نموذجا فائقا لانتصار شعر الحياة المحافظ في قوالبه والمتمرد في دلالته، فهو مفعم بالغنائية ومثقل بالتعبير الشجي عن وجدان الإنسان المعاصر وضميره).
ويقول الناقد د. عبد الله المسدي:
(هو رجل في أبهى سنوات عمره، عريق الجذور في عروبته البعيدة، حجازي العشرة والمؤالفة، سعودي الأمانة والوفاء حد الامتلاء، وفي شعره اقتناص شديد للواقع مع التناص الذاتي).
ويقول د. محمد مصطفى هدارة عن شعره:
(المضامين الثرية التي ينداح بها شعره في دوائر متصلة بواقع الإنسان المعاصر بوجه والإنسان العربي المعاصر بوجه خاص، تمتع العقل والوجدان معا).
وقال د. ناصر الدين ألسد في مقدمة ديوانه (البرق الحجازي):
(باشراحيل شاعر يعطي شعره بسخاء من ذوب عاطفته ومن ذات فكره وخياله، فيبادله شعره عطاء بعطاء، وسخاء بسخاء، تقرأ القصائد فتحس بما تمتليء به نفس الشاعر من صفاء، وترفع عن الصغائر، وصفح عن الحاقدين والحاسدين).
وقال فيه علي أحمد باكثير وعبد الله عمر بلخير:
( الشاعر باشراحيل مرآة نفسه، ومنارة عصره، وشعره حافل بالجمال والخيال، ومجمع الوزن والموسيقى).
وقال أدونيس في رسالة إليه:
(إنني رأيت فيك ما يؤكد شاعريتك المتوثبة، وشواغلك الغبداعية، إضافة إلى تحقيق قفزات تعبيرية وجمالية).
ولد الشاعر د. عبد الله باشراحيل في مكة المكرمة في 8 أبريل سنة 1951م، وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، ويترأس أكثر من مجموعة ومؤسسة، وعضو بأكثر من جمعية ثقافية، وصدر له سبعة وعشرين ديوانا شعريا بداية من ديوان (معذبتي) سنة 1978م وحتى ديوان (اللأليء) سنة 2017م ثم (قرابين الوداع) سنة 2023م، وله ستة كتب نثرية، علاوة على كتب نقدية مثل (أصداء الصمت) و(خريف الفكر) و(شذرات)، وترجم شعره إلى لغات كثيرة مثل الانجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والإيطالية، وكتبت عنه مؤلفات نقدية عديدة، وأكثر من رسالة جامعية، وجرى تكريمه في أكثر من بلد عربي، علاوة على مشاركته في أكثر من مهرجان شعري في عواصم عربية وأوربية وأمريكية.