وفيق نصير يجيب: هل يمكن تحقيق التقدم المناخي وسط الظروف الجيوسياسية المعقده؟
أميرة محمدأكد الدكتور وفيق نصير، عضو البرلمان العالمي للبيئة، أن مؤتمر المناخ COP29 والمقرر عقده في باكو عاصمة أذربيجان يمثل فرصة حاسمة للعمل المناخي في ظل التحديات العالمية المتزايدة.
وأشار نصير، إلى أن هذا المؤتمر سيكون منصة رئيسية لتعزيز التعاون الدولي وتنسيق الجهود لمواجهة التغيرات المناخية التي تهدد مستقبل كوكب الأرض.
وأكد عضو البرلمان العالمي للبيئة، على ضرورة التزام الدول الكبرى بتعهداتها وتقليص الانبعاثات بشكل أسرع، إضافة إلى توفير الدعم المالي والتقني للدول النامية التي تواجه صعوبات أكبر في التكيف مع آثار التغير المناخي.
وأوضح أن مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي COP 29، الذي سيُعقد في باكو بأذربيجان في نوفمبر 2024، يأتي في وقت بالغ الأهمية في ظل التحديات العالمية التي يشهدها العالم اليوم، واستمرار الصراع في أوكرانيا والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة قد أضافت أعباءً إضافية على الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ، حيث أن هذه الأزمات قد تؤدي إلى تدهور الأمن الغذائي والطاقة، مما يفاقم من تأثيرات التغير المناخي.
وأكمل، إلا أن هذه الأزمات تبرز أيضًا الحاجة الماسة إلى التعاون الدولي لمواجهة التهديد الوجودي الذي يمثله تغير المناخ.
ومن المتوقع أن يشدد مؤتمر COP29 على ضرورة توحيد الجهود بين الدول المتقدمة والنامية، وتقديم حلول فعّالة للحد من الانبعاثات، وتعزيز التمويل المناخي، وتعجيل التحول إلى الطاقة المتجددة.
ومواجهة التحديات المشتركة، رغم الصراعات الجيوسياسية، سيكون أمرًا أساسيًا لضمان مستقبل أكثر استدامة.
وأضاف نعم، يجب أن يكون مؤتمر COP29 نقطة تحول في تسريع الانتقال العادل من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة، ويُعتبر هذا الانتقال أمرًا أساسيًا للتصدي لأزمة المناخ وتحقيق أهداف اتفاق باريس، ومن الضروري أن يتبنى المؤتمر أهدافًا طموحة للمضاعفة من إنتاج الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وهذا يتطلب تحفيز الابتكار التكنولوجي، إضافة إلى الاستثمارات الضخمة في الطاقة النظيفة والبنية التحتية.
وتابع، نصير، أيضًا، يجب على الدول، خصوصًا تلك التي تستهلك أكبر قدر من الطاقة الأحفورية، تقديم خطط تفصيلية لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير قبل عام 2030، هذه الخطط ينبغي أن تكون واضحة وقابلة للقياس لضمان التزام الدول بتقليص الانبعاثات بما يتماشى مع هدف الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية، وهو الهدف الأكثر طموحًا للحد من آثار تغير المناخ.
وعلاوة على ذلك، ينبغي أن يتم التركيز على تعزيز العدالة المناخية، بحيث لا تترك الدول النامية التي تعاني من آثار تغير المناخ الأكبر دون دعم مالي وتقني لتحولها إلى الطاقة المتجددة والتكيف مع التغيرات المناخية.
وشدد عضو البرلمان العالمي للبيئة على أنه من الضروري أن يكون مؤتمر COP29 فرصة لتكريس الالتزامات السابقة وتقديم إطار جديد وملموس للتمويل المناخي، خاصة للدول النامية التي تواجه تحديات كبيرة في التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، ويجب أن يكون التمويل المناخي متاحًا وبشروط ميسرة لتلبية احتياجات تلك الدول في مجالات مثل تعزيز القدرة على التكيف، تمويل مشاريع الطاقة المتجددة، وبناء البنية التحتية المقاومة لتغير المناخ.
وزيادة التمويل لصندوق الخسائر والأضرار، الذي تم إنشاؤه في مؤتمر COP27 في مصر، يعد من أولويات مؤتمر COP29، وإنجازات أخرى تمت بالإمارات في كوب 28، هذا الصندوق يمثل خطوة مهمة في معالجة الأضرار المناخية التي لا يمكن تجنبها أو تعويضها من خلال التخفيف أو التكيف، ويجب أن يتم تعزيز آلية تمويله لضمان تمويل تعويضي مناسب للدول الأكثر تأثرًا.
ومع ذلك، تبقى بعض التحديات الكبرى في ظل الظروف الجيوسياسية والاقتصادية العالمية الحالية، وخاصة في ضوء نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة وتأثيراتها على سياسة المناخ الدولية، الانتخابات الأمريكية قد تؤثر بشكل كبير على التوجهات السياسية والمالية للدولة الكبرى في تمويل المبادرات المناخية العالمية.
كما أن التوترات الجيوسياسية والاقتصادية قد تؤدي إلى تشتيت الجهود العالمية، مما يزيد من صعوبة الوفاء بالتعهدات والتوصل إلى اتفاقات متوازنة وفعالة.
ومع ذلك، من المهم أن يبني مؤتمر COP29 على الإنجازات التي تحققت في مؤتمرات سابقة، مثل COP27 في مصر وCOP28 في الإمارات، بحيث يتم البناء على النتائج والمبادرات التي تم التوصل إليها وتعزيز التعاون بين الدول لمواجهة التحديات المناخية بشكل جماعي.
وتعزيز المرونة والتكيف مع آثار تغير المناخ يجب أن يكون من أولويات مؤتمر COP29، خاصة في ظل تزايد الآثار السلبية لتغير المناخ على المجتمعات الأكثر ضعفًا، يجب وضع خطط قوية لبناء مجتمعات قادرة على الصمود أمام هذه التغيرات، مع التركيز على دعم الفئات الأكثر عرضة للتأثيرات السلبية مثل الفقراء، النساء، والمجتمعات الصغيرة، والبلدان النامية التي تفتقر إلى الموارد اللازمة للتكيف، إضافة إلى وضع خطط قوية تشمل استراتيجيات التكيف طُرقًا فعّالة وطويلة الأجل في عدة مجالات لبناء مجتمعات قادرة على الصمود أمام تغير المناخ، مع التركيز بشكل خاص على الفئات الأكثر ضعفاً.
أوضح نصير أن مؤتمر COP29 يأتي في وقت حساس للغاية، حيث من المتوقع أن تقدم الدول خططها المناخية المحدثة (المساهمات المحددة وطنياً) بحلول فبراير 2025، وهذه الخطط ستكون حاسمة في تحديد مدى التزام الدول بتحقيق أهداف اتفاق باريس، خاصةً فيما يتعلق بتقليص الانبعاثات والحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض.
ويُعتبر COP29 فرصة حاسمة لوضع توقعات واضحة لهذه الخطط، مع التأكيد على ضرورة أن تكون هذه الخطط أكثر طموحًا وأكثر اتساقًا مع الهدف العالمي للحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية.
في هذا السياق، يجب أن يشجع المؤتمر الدول على اتخاذ خطوات ملموسة نحو تعهدات طموحة ومستدامة، من خلال تحديد مسارات واقعية وقابلة للتنفيذ لخفض الانبعاثات بشكل كبير، إضافة إلى تعزيز دعم التمويل المناخي وتيسير انتقال الطاقة إلى مصادر متجددة.
وتعد هذه الفترة بالغة الأهمية لإعادة تحديد الأهداف المناخية العالمية، وبالتالي فإن COP29 يجب أن يكون نقطة انطلاق للتنسيق الدولي، والتأكيد على ضرورة تعزيز الالتزامات العالمية والضغط على الدول الكبرى لتسريع التحولات التي تحتاجها المجتمعات لمواجهة تغير المناخ.
وأشار، صحيح أن اختيار أذربيجان، وهي دولة منتجة للنفط، لاستضافة مؤتمر COP29 قد أثار بعض المخاوف بشأن وجود تضارب محتمل في المصالح، باعتبارها دولة تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط والغاز، قد تكون هناك تساؤلات حول مدى قدرة أذربيجان على دفع أجندة قوية وشفافة تتعلق بالتقليص السريع لانبعاثات الكربون وتعزيز الطاقة المتجددة.
لذلك، من المهم أن يمارس المجتمع الدولي ضغطًا لضمان نزاهة العملية ومواصلة التركيز على الأهداف المناخية الطموحة للمؤتمر، يجب أن يضمن أن المؤتمر لا يتحول إلى منصة لتسهيل مصالح الدول المنتجة للنفط على حساب الالتزامات المناخية العالمية.
وفي ختام حديثه، أشار، عضو البرلمان العالمي للبيئة، إلى أن التحديات الجيوسياسية الراهنة، رغم تعقيدها، لا ينبغي أن تشتت الانتباه عن التهديد الأكبر الذي يواجه البشرية، وهو تغير المناخ.
وأكد أن مؤتمر COP29 يشكل فرصة حاسمة لقادة العالم للتركيز على هذا التحدي الجوهري، متجاوزين خلافاتهم السياسية والعمل معًا لتحقيق الأهداف المناخية العالمية.
ودعا نصير إلى ضرورة التصدي للحروب والنزاعات المسلحة، التي قد تتوسع بأسلحة دمار شامل، وهو ما قد يفاقم من تداعيات تغير المناخ، مؤكدا أن التعاون الدولي هو السبيل الوحيد لتحقيق التقدم المنشود، مشددًا على أن العمل المناخي الطموح ليس مجرد خيار، بل ضرورة ملحة لضمان استدامة كوكب الأرض وحماية حقوق الإنسان للأجيال الحالية والقادمة.
وأضاف أن قادة العالم يجب أن يستغلوا هذا المؤتمر كفرصة لبناء توافق عالمي يمكن من اتخاذ خطوات فعالة للتخفيف من آثار التغير المناخي، والتأكد من أن التقدم في هذا المجال سيكون مستدامًا ومنصفًا لجميع الدول والشعوب.