محمد عبدالعظيم يكتب :السفير عاصم حنفي نموذج سنفتقده في بكين


في عالم الدبلوماسية، حيث البروتوكولات الرسمية والعلاقات المعقدة، يبرز أحياناً دبلوماسيون يجمعون بين الحنكة المهنية والإنسانية النادرة. السفير عاصم حنفي، سفير مصر الذي شارف على انتهاء فترة عمله في بكين، هو واحداً من القلائل الذين تركوا بصمة لا تُنسى، ليس فقط في سجلات العلاقات الدولية، ولكن أيضاً في قلوب من عرفوه.
ولعل السطور التى اكتبها هي تجربة واقعية عايشتها كمواطن قبل كوني خبيراعلامي في التلفزيون الصيني ، وهذه كانت حقيقة فعندما تعرفت به للوهلة الأولي لم اذكر له عملي ،فوجدت منه التعامل الذي نبحث عنه جميعا في دبلوماسي قلما تجود به الأزمنة ،فطيلة فترة عمله في الصين، لم يكن السفير حنفي مجرد ممثل رسمي لبلاده، بل كان سفيراً للإنسانية والكرم. بشوش الوجه، متواضع في تعامله، ذكي في قراراته، استطاع أن يكسر الحواجز بين الدبلوماسية الرسمية والعلاقات الشخصية العميقة. كان يحرص على دعوة أفراد الجالية المصرية والأصدقاء الصينيين للمشاركة في فعاليات السفارة، مما جعله شخصية محبوبة ومحترمة من الجميع.
على المستوى الرسمي، كان السفير حنفي أحد أهم الأعمدة التي ارتكزت عليها العلاقات المصرية الصينية في السنوات الماضية. لعب دوراً محورياً في توقيع الاتفاقيات الاقتصادية التي عززت التعاون بين البلدين، وكانت رؤيته الثاقبة عاملاً رئيسياً في تحقيق التوافق بين الجانبين. إنجازاته الدبلوماسية كانت واضحة للعيان، لكن ما يميزه حقاً هو إنسانيته التي جعلت منه أكثر من مجرد دبلوماسي.
اليوم، ونحن نقترب من وداع السفير حنفي الذي سيتركنا ليعود للوطن ليس حاملا معه فقط سجلا حافلا للعمل ولكن حامل معه قلوب احبته ، ندرك أننا سنفقد أكثر من مجرد دبلوماسي محترف. نحن سنفقد شخصاً كان يجسد قيماً نادرة في عالم يغلب عليه الطابع الرسمي أحياناً. نتمنى له كل التوفيق في مسيرته القادمة، ونشكره على كل ما قدمه لمصر والجاليه المصريه في الصين.
في رأيي، السفير عاصم حنفي هو نموذج للدبلوماسي الذي سنفتقده في عالم اليوم. دبلوماسي يجمع بين الكفاءة المهنية والإنسانية، ويترك إرثاً من الإنجازات والذكريات الطيبة. لعل سيرته تكون درساً لمن يخلفونه في المناصب الدبلوماسية: أن الدبلوماسية ليست فقط سياسة واتفاقيات، بل هي أيضاً علاقات إنسانية تبنى بالتواضع والكرم.