على غرار«التجربة التونسية»..مشروع قانون يجيز للمرأة تطليق نفسها يثير الجدل
- إسلام رضا
العليمي في مشروع القانون: منع الزواج من الثانية إلا بموافقة الأولي
كريمة:«الطلاق حق أصيل للزوج.. وللمرأة حق الخلع»
وكيل الأوقاف السابق: يجوز للمرأة تطليق نفسها في حالة واحدة فقط
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آمنة نصير : أوافق على مشروع القانون.. ولابد من مواكبة العصر!!
المأذونين الشرعيين:«لا نحتاج لقوانين جديدة تفكك المجتمع»
ومركز فتوى الأزهر:« الشرع والقانون كفلا حقوق المرأة»
حالة من الجدل أثارها النائب عبد المنعم العليمي، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، بعدما أعلن عن تقديمه مشروع قانون حول تنظيم عمل المأذونين وتأمين الأسرة، في دور الانعقاد المقبل والذي يبدأ في أكتوبر المقبل، حيث انتقد عدد من العلماء والحقوقيون مشروع القانون واصفينه بأنه يأتي على غرار الدعوات التونسية بعدم الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في أحكام الزواج والطلاق والمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث ونحوها.
مشروع القانون تناول اعتماد بطاقة الرقم القومي وشهادة الميلاد لسد ثغرات بالتحايل على القانون للتهرب من حقوق الزوجة، حيث يتعين على الزوج الالتزام بالشروط التي يوافق عليها قبل الزواج لتجنب الحبس والغرامة، حيث يُشترط على الزوج قبل الزواج بألا يقترن بزوجة أخرى إلا في حالة موافقة الزوجة موافقةً مكتوبةً توثق لدي المأذون ومحكمة الأسرة، فيما يتضمن مشروع القانون يحق للمرأة تطليق نفسها شريطة ألا تحصل على حقوقها، حيث يأتي هذا القانون كبديل للخلع لأجل التخفيف على محاكم الأسرة وحفظ حق الزوجة، كما أنه يمنع الطلاق الشفوي إلا بالتوثيق لدى المأذون لمنع انتشار ظاهرة الطلاق بالمجتمع المصري.
وبالرغم من إعلان العليمي، استشارة الجهات المعنية بالشريعة الإسلامية، والمجلس القومي للمرأة ومجلس القضاء الأعلى لأنه مختص في الشئون القضائية، حول مشروع القانون، إلا أن عددًا من علماء الدين أبدوا استياءهم من مشروع القانون واصفينه بالمخالف للشريعة الإسلامية.
مخالف شرعًا
الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، قال،:" إن حق الزوجة فى تطليق نفسها مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصد الشرع الحنيف، ومشروع القانون هذا مخالفًا للشريعة والدستور الذي نص فى مادته الثانية على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع".
وأضاف كريمة، في تصريح خاص لـ"الميدان"،:" إن الطلاق حق أصيل للزوج فقط، بقول الله تعالى في سورة الطلاق: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ) وبالتالى أمر الطلاق من الأمور المسلم بها ولا يجوز العبث بها؛ كما يحق للقاضى التطليق فى حالات معينة، كغيبة الزوج لفترة طويلة أو الإعسار فى النفقة أو الإيذاء البدنى أو النفسي".
وتابع أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر،:" إن الشريعة الإسلامية رسمت طريق المرأة للحصول على الطلاق، والخلع، وهو الفداء بالمال أو رفع الأمر للقاضى، كما أن حق الزوج من الزواج بأخرى لا يتطلب الحصول على إذن كتابي من الزوجة، وذلك لأن التعدد من الأمور الجائزة فى الشرع، فكيف يحظر المباح شرعا؟!.
الشيخ فؤاد عبد العظيم، وكيل وزارة الأوقاف السابق، رفض مشروع القانون معتبرًا إياه غير جائز شرعًا حيث إنه لا يستند إلى نص قرآني أو حديث نبوي شريف، قائلًا:" الأصل في الطلاق أنه بيد الزوج بدليل قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) بينما يجوز للمرأة تطليق نفسها في حالة واحدة فقط وهي أن يثبت لها هذا الحق بالعصمة في يدها وذلك يكون بتنازل الزوج عن حقه في الطلاق بطيب خاطر منه".
وأضاف عبد العظيم، في تصريح خاص لـ"الميدان"،:" اشتراط موافقة الزوجة على الزواج الثاني لزوجها، غير جائز شرعًا، لقوله تعالى (فَانكِحُوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع)، بيد أن الأمر لا يطلق بشكل عشوائي للزوج حيث إن الزواج الثاني قد يكون حرامًا بالأساس إذا كان الزوج ليس لديه القدرة المالية على الإنفاق وهو ما قال به الإمام الشافعي لحماية والمجتمع من مخاطر الطلاق وتفكك الأسرة.
وحذر عبد العظيم، المرأة من طلب الطلاق بدون سبب، مستشهدًا بقول النبي صلى الله على وسلم:"أيما امرأة سألت زوجها الطلاق بغير سبب فحرام عليها رائحة الجنة".
فتوى الأزهر
مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، أكد في فتوى له أن الإسلام يبيح للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة، ولكن إباحته مشروطة بالعدل بين الزوجات، وبالقدرة المالية والجسدية، وألا تكون الثانية على حساب الأولى في النفقة والسكنى وغير ذلك من حقوق الزوجة على زوجها، مستدلًا بقول الله تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً".
وأوضح مركز الفتوى، أن الإسلام لم يجعل علم الزوجة الأولى شرطًا من شروط صحة الزواج بالثانية، فإذا ما تم الزواج بالثانية يكون صحيحًا، وتترتب عليه جميع الآثار الشرعية للزواج، بينما يتعين على الزوج أن يكون واضحًا وألا يخفي زواجه بل يعلنه أمام الجميع؛ لأنه لا يفعل منكرًا، ولأن إخفاءه لزواجه قد يضر بالزوجة الثانية، وقد توجد عداوة بين أولاده؛ ولأنه يهدم الثقة المتبادلة بين الزوجين، فكتمان الزواج له مشاكل وسلبيات كثيرة.
رأي جديد
وفي رأي مخالف لجمهور العلماء، قالت الدكتور آمنة نصير عضو مجلس النواب، وأستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إن تطليق الزوجة نفسها لا يتناقض مع الشريعة، حيث إن الشرع ألزم الزوج أن يعلم زوجته بالزوجة الثانية فإذا طاقت ذلك فهى حرة، وإذا رفضت فعليه أن يسرحها بمعروف ولا ينكل بها أو يعلقها لقول الله تعالى "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان".
وأضافت آمنة، في تصريح خاص لـ"الميدان"،:" إذا رفضت الزوجة أن يتزوج زوجها من الثانية وطلبت الطلاق فعلى الزوج أن يمتثل لذلك الطلب وإلا فيصبح آثمًا لإرغام زوجته على الاستمرار في الزواج دون رضاها، ولذلك فإن مطالب تطليق المرأة نفسها مطالب عادلة"، مشيرةً إلى أن هناك تعاطف من قبل رجال الدين مع قضايا الرجل على حساب قضايا المرأة في الإسلام.
وطالبت أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، بوضع المرأة أي شروط ترضاها مثل تطليق نفسها في وثيقة الزواج وبذلك يصبح هذا الأمر أحد حقوقها، لافتًة إلى أن تطليق المرأة نفسها أمر مرفوض من ناحية العرف الاجتماعي وليس الشريعة الإسلامية.
المأذونين يرفضون
إبراهيم سليم المتحدث باسم صندوق المأذونين الشرعيين، أكد أن القانون الحالي يحفظ الحقوق المتبادلة بين الزوجين، قائلًا:" نحن لسنا في حاجة لقانون جديد حيث إن القانون الحالي يطابق الشريعة الإسلامية ويعطي المرأة الحق في رفع أمرها للقاضي في حالة الضرر لطلب الطلاق".
وأضاف سليم، في مداخلة تليفزيونية، :"الشرع والقانون أجازا وضع العصمة في يد الزوجة ليحق لها أن تطلق نفسها متى شاءت وكلما شاءت بشرط اتفاق الطرفين على ذلك وتنازل الزوج عن حقه في هذا الأمر، كما أن التوسع في تمرير قوانين تتساهل في الطلاق يعد كارثة بحق المجتمع ويزيد من حالات الطلاق ".
القانون
الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أكد أن منح المرأة حق تطليق نفسها يضر بالمجتمع رغم أن الشرع والقانون أباحا للمرأة أن تطلق نفسها إن كان لديها هذا الحق بالوكالة أو التفويض.
وأضاف مهران، في تصريح خاص لـ"الميدان"،:" أتعجب من مشروعات القوانين هذه التي لا تراعي خراب المجتمع وتدمير الأسر المصرية بمنح المرأة حق تطليق نفسها وهي التي بطبيعتها تعتمد التفكير بالقلب والمشاعر وقد تستخدم هذا الحق إن منح لها بصورة سريعة ما يزيد حالات الطلاق بالمجتمع بينما الرجل أكثر رصانة منها في هذا الأمر".
ولفت مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إلى أنه لا يوجد رجل في مصر يقبل بوضع شرط في عقد الزواج بأن تكون زوجته لها الحق في تطليق نفسها، باستثناء نسبة ضئيلة جدًا قد توافق على هذا الشرط.
مركز الفتاوى العالمي التابع للأزهر الشريف، قال إنه من الناحية القانونية نصت المادة 11 مكرر (مضافة إلى القانون 25 لسنة 1929) الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية: على أن الزوج أن يُقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجًا فعليه أن يُبين في الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن، وعلى الموثِّق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب محل مقرون بعلم الوصول".
وأوضح مركز الأزهر، أن القانون يعطي الحق للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر، ففي نفس المادة السابقة: "ويجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالها ولو لم تكن قد اشترط عليه في العقد ألا يتزوج عليها، فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة، ويسقط حق الزوجة في طلب التطليق لهذا السبب بمضي سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى إلا إذا كانت قد رضيت بذلك صراحة أو ضمنًا، ويتجدد حقها في طلب التطليق كلما تزوج عليها بأخرى، وإذا كانت الزوجة الجديدة لم تعلم أنه متزوج بسواها ثم ظهر أنه متزوج فلها أن تطلب الطلاق كذلك"، لافتًا إلى أن ما ذهب إليه القانون يتوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى حفظ الحقوق وضمانها، والبعد عن الضرر والإضرار.