المؤسسات الاقتصادية الدولية تحفز مصر على دعم الاستقرار الاجتماعي والسياسي
- إسلام رضابعد قيام الحكومة المصرية بسلسلة من الإصلاحات الاقتصادية توقع كثير من المحللين تحسن رؤية العالم للاقتصاد المصري، ولكن في أغسطس الماضي خالفت مؤسسة "موديز" العالمية هذه التوقعات، وقامت بتثبيت التصنيف القائم كما هو عند B3 مع نظرة مستقبلية مُستقرة.
وعللت المؤسسة الدولية تقييمها بأنه رغم الإصلاحات الأخيرة، إلا أن سياسات الإصلاح قد تواجه رياحًا معاكسة خلال الفترة المقبلة في ظل الإقبال على انتخابات رئاسية جديدة منتصف العام المقبل، وأن هناك تخوفات من أن ارتفاع نسب البطالة وعدم المساواة قد تدفع الحكومة لزيادة القوى العاملة في القطاع العام أو زيادة حجم الإعانات.
ووضعت "موديز" وقتها عددًا من المؤشرات التي ستقرر على أساسها إمكانية تحسين التصنيف الائتماني لمصر في المستقبل؛ واعتبرت أن سرعة ضبط أوضاع الموازنة، والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، هما المحركان الأساسيان لتحسن التصنيف.
وبالأمس توقعت مؤسسة فوكس إيكونوميكس الأسبانية، استقرار التصنيف الائتماني لمصر خلال العام المالي الحالي أيضاً رغم التحسن الملحوظ الذى أحرزته مصر منذ تطبيقها برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتنسيق مع صندوق النقد الدولى.
وقال أوليفر رينولد، الباحث المسئول عن منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، إن وكالات التصنيف الائتماني غالباً ما تتريث قبل قرار رفع التصنيف الائتماني، خاصة أنه في حالة مصر ارتفعت معدلات الدين كنسبة للناتج المحلي الإجمالي بصورة كبيرة خلال العام الحالي، إضافة إلى عدم اليقين الناتج من اقتراب الانتخابات الرئاسية.
وتوقعت «فوكس إيكونوميكس» ارتفاع قيمة الدين الخارجي إلى 78.6 مليار دولار بنهاية العام المالي 2018، و83.7 مليار دولار بنهاية 2021.
وأضاف رينولد لجريدة «البورصة» عبر البريد اﻹلكتروني، إن إصلاح الموازنة يتوقف على قدرة الحكومة على مقاومة الضغوط الاجتماعية الكبيرة بعد أن عانقت معدلات التضخم السماء، وعدم التوسع في الإنفاق مجدداً.
وقال تقرير «فوكس إيكونوميكس»، إن التضخم مرتفع بصورة كبيرة نتيجة خفض دعم الوقود والكهرباء مؤخرا وارتفاع ضريبة القيمة المضافة، وهو ما انعكس على معدلات الاستهلاك الخاص التي انخفضت بصورة ملحوظة.
وتوقعت المؤسسة، أن تسجل معدلات التضخم في المتوسط 25.5% خلال العام الحالي و16.8% خلال العام القادم، لكنهم يرون أن خفض التضخم إلى خانة الآحاد سيأخذ وقتاً أطول.
حتى صندوق النقد الدولي الذي يشارك مصر في وضع خطط الإصلاح والتقشف المالي، حذر من تفاقم عدم المساواة في الدخول موصيا بإتباع سياسات مالية لعلاج تلك المشكلة تشمل التوسع في ضرائب الدخل التصاعدية والإنفاق على التعليم والصحة بجانب توزيع دعم نقدي على المواطنين من دون الاعتماد على قياس مستوى دخولهم.
وقال الصندوق في تقرير الرصد المالي لعام 2017 الذي أطلقه هذا الشهر بالتزامن مع اجتماعات الخريف للبنك وصندوق النقد الدوليين، إن «صناع السياسات أمامهم فرصة سانحة للتحرك بإصلاحات تعالج عدم المساواة» في ظل التعافي الحالي للاقتصاد العالمي.
واعتبر الصندوق أن التحول لضرائب الدخل التصاعدية إحدى الآليات المتاحة لتخفيف عدم المساواة «ما دامت تصاعدية غير مفرطة» على حد تعبير الصندوق.
الإصلاح الثاني الذي طرحه الصندوق في تقريره يتعلق بالتوسع في النفقات ذات الطابع التنموي على التعليم والصحة محذرا من تفاوت قدرة الأفراد المنتمين للطبقات المختلفة في الحصول على تلك الخدمات في العديد من البلدان.
أما الإصلاح الثالث الذي طرحه الصندوق هو ضمان الدولة توفير دعم نقدي للمواطنين بغض النظر عن مستوى دخولهم فيما يُعرف باسم "الدخل الأساسي المعمم".
ويطرح الصندوق في تقريره سيناريو افتراضيا لعدد من البلدان، في حال تحولها لنظام الدخل الأساسي المعمم، وكانت مصر البلد العربي الوحيد ضمن هذا النموذج، وخلصت افتراضات الصندوق إلى أن دخل أساسي معمم بنسبة 25 في المائة من المستوى الوسيط لنصيب الفرد من الدخل سيكون له انعكاسات إيجابية على تفاوت الدخول في مصر.
وبحسب تقديرات صندوق النقد سيساهم تطبيق الدخل الأساسي المعمم في مصر في تخفيض معدلات الفقر بأكثر من 10 في المائة وستبلغ تكلفته نحو 3.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وبلغت آخر تقديرات لمعدلات الفقر في مصر من قِبل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عند مستوى 26 في المائة من السكان، ويُقدر خبراء أن تكون ارتفعت بقوة بعد أن هوت قيمة العملة المحلية بقوة في النصف الثاني من العام الماضي.
مصر دعما نقديا للفئات الأشد حاجة تحت اسم تكافل وكرامة، إلا أن الصندوق يرى أن دعم شامل للمواطنين سيؤدي لنتائج أفضل.
وهكذا تتفق المؤسسات الدولية على ضرورة مراعاة الأبعاد الاجتماعية والسياسية خلال الفترة القادمة لضمان تحسن الاقتصاد المصري.