الغلابة في رمضان
محمد يوسف
كل عام وأنتم بخير أعزائي القراء .. أيام معدودات وتحل علينا نفحات شهر رمضان المعظم .. ذلك الشهر الذي ننتظره من العام للعام لنستعيد قيم الزهد والرحمة التي أوصت بها جميع الأديان السماوية طوال أيام العام .. لكن وبما أننا ننخرط في عجلة الحياة الجهنمية بكل ضغوطها وزينتها التي تنسينا مثل هذه القيم الفضيلة . وفي غمرة الحديث عن شهر الصوم لا بد من الحديث عن أوضاع "الغلابة" في رمضان .. هذه الشريحة الآخذة في الزيادة بسبب صعوبة الظروف الاقتصادية وجنون ارتفاع الأسعار الذي بات يلتهم دخل أي أسرة لتنقلهم من تصنيف الطبقة المتوسطة إلى خانة الفقراء والمحتاجين . ومع التسليم الكامل بأن هذا الحديث ربما لا يحمل أي جديد لكل من له عين ترى وأذن تسمع أو حتى أنف تشم .. لكن لابد من الالتفات إلى حقيقة في غاية الأهمية تضفي خصوصية فريدة لرمضان هذا العام .. فمع انفجار الأسعار الذي كان من أهم توابع تعويم المأسوف على شبابه الجنيه أمام العملات الأجنبية شهدت الأسواق ارتفاعاً جنونياً . فجولة واحدة في الأسواق تكفي لإصابة أي شخص بالاكتئاب .. حيث أصبح السعر الرسمي لكيلو اللحوم 150 جنيه والدواجن 40 جنيه والأسماك 25 لأقل الأنواع .. أما أسعار الخضر والزيت والسكر والأرز فجميعنا على علم بما أصابها هي الأخرى من شطط . ومع كامل التقدير لدور الدولة التي تحاول توفير السلع الأساسية للمواطنين بأسعار أقل من نظيرتها في الأسواق .. إلا أنها رغم كل هذه الجهود تعجز عن الوفاء باحتياجات أغلب المواطنين . كما أن المقررات التموينية التي تصرف بالمجان لمستحقي الدعم تحتاج إلى إعادة النظر خصوصاً في ظل شكوى أغلب المنتفعين من أنها لا تكفي حتى لأسبوع واحد فقط من الشهر . وتبذل الجمعيات الخيرية جهوداً لا يستطيع إنكارها أحد للوصول إلى المواطنين بالقرى والأحياء الأكثر فقراً .. لكن ومع كل التقدير لها أيضاً فإن طوابير المحتاجين لا زالت أكبر كثيراً وفوق طاقة الاستيعاب لأي جمعية خيرية توزع كرتونة هنا أو وجبات لإطعام الفقراء هناك . لا نقول أن المطلوب هو أن يتحول جميع المصريين إلى أثرياء .. فنحن نعلم جيداً أنه لا توجد دولة بدون فقراء .. لكن في يقيني أن دولة بحجم مصر ومن ورائها قيادة سياسية متمثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي لا يفوته في كل حديث له التعبير عن إحساسه وآلامه لمعاناة الغلابة .. هذه الدولة يجب أن تبذل أقصى ما في وسعها لتحسين أوضاع الشرائح الأكثر معاناة . ولا أتصور أبداً أن تقدم الحكومة برئاسة المهندس شريف إسماعيل حلولاً أو حتى مقترحات لتحسين أوضاع الشعب ويرفضها مجلس النواب أو الرئيس .. وهذا يضعنا أمام حقيقة مؤكدة أن الكرة الآن في ملعب الوزراء الذين يجب ألا تغمض لهم عين وهناك جائع لا يجد الطعام أو مريض لا يجد العلاج .. أو عاطل لا يجد عمل . عند هذا الحد نستطيع القول أن لدينا حكومة واعية ترى وتسمع وتحس بطموحات الشعب بدلاً من الانطباع الحالي السائد أن الوزراء في واد والشعب في واد آخر أو أننا على الأرجح "نؤذن في مالطا" .