الجمعة 22 نوفمبر 2024 11:18 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

تقارير وقضايا

التنمية المستدامة والإصلاح الاقتصادي... التنفيذ على أرض الواقع يرسم ملامح مستقبل مصر 

الرئيس السيسى
الرئيس السيسى

تُعد استراتيجية التنمية المستدامة خريطة الطريق التي ترسم ملامح مستقبل مصر كما يتطلع إليه المواطنون، حيث تم إعدادها بمشاركةٍ مجتمعيةٍ واسعةٍ لتُراعى مستهدفات الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة وتدمج معها رؤية كل من القطاع الخاص والمجتمع المدني.

 

وتأخذ الاستراتيجية في الاعتبار كافة الأولويات والاستحقاقات التى نص عليها دستور مصر 2014، وأيضاً الدروس المستفادة من كل الاستراتيجيات والرؤى والدراسات المتميزة السابقة على المستويين المحلى والدولي.

كما تتوافق الاستراتيجية مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة التى أعلنتها الأمم المتحدة فى سبتمبر 2015، وكذلك مع أجندة أفريقيا 2063.

 

التنمية المستدامة ومستقبل أفضل للأجيال القادمة

وترتكز الاستراتيجية على مفهوم التنمية المستدامة بهدف تحسين جودة حياة المواطنين فى الوقت الحاضر بما لا يُخل بحقوق ومستقبل الأجيال القادمة فى حياة أفضل، لذا تتضمن الاستراتيجية الأبعاد الأساسية للتنمية المستدامة وهى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتحت مظلة هذه الأبعاد الثلاثة تتضمن الاستراتيجية عشرة محاور؛ حيث يشتمل البُعد الاقتصادى على محاور التنمية الاقتصادية، والطاقة، والابتكار والبحث العلمي، والشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية ويُغطى البُعد الاجتماعى محاور العدالة الاجتماعية، والتعليم والتدريب، والصحة، والثقافة.

 

ويتضمن البُعد البيئى محاور البيئة والتنمية العمرانية. وبالإضافة لذلك تُعد محاور «السياسة الخارجية والأمن القومي، والسياسة الداخلية» هى الإطار الجامع للاستراتيجية والمحددات لكل المحاور الأخري.

كما يشمل كل محور من هذه المحاور رؤية وأهدافا استراتيجية محددة، ومؤشرات قياس أداء توضح الوضع الحالى والمستهدف بحلول عام 2020 وعام 2030، والتحديات الأساسية، والبرامج والمشروعات المستهدف تنفيذها لتحقيق الأهداف الاستراتيجية ومواجهة هذه التحديات

 

قصة نجاح وراءها دعم سياسى كبير

ومن أجل دمج مفهوم التنمية المستدامة فى منظومة التخطيط المصرية، تبنت القيادة السياسية رؤية مصر 2030 لتكون الإطار المنظم بكل الخطط التنموية خلال المرحلة القادمة؛ حيث تفضل السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسى بإطلاق استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030 فى فبراير 2016، وفى إطارها تم إعداد برنامج الحكومة متوسط المدى حتى يونيو 2018 والذى تفضل السيد المهندس/ شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء بعرضه على مجلس النواب فى 27 مارس 2016.

 

ومن أجل البدء الفعلى فى تنفيذها؛ تم إعداد خطتين للتنمية المستدامة للعام المالى 16/2017 والعام المالى 17/2018، وخطة التنمية المستدامة متوسطة المدى حتى عام 19/2020.

كما يأتى برنامج الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى الذى تنفذه الحكومة حاليًا معبرًا عن المبادئ والسياسات والبرامج التى تضمنتها الاستراتيجية خاصةً فيما يتعلق بإعادة ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصري، وتحفيز النمو الاقتصادى الذى يقوده القطاع الخاص من خلال تحسين بيئة الأعمال، وتنفيذ سياسة نقدية تستهدف تخفيض معدلات التضخم، وزيادة الاحتياطات الدولية من العملات الأجنبية، وتخفيض العجز فى الموازنة العامة للدولة، وتحييد أثر إجراءات الإصلاح الاقتصادى على محدودى الدخل.

 

رؤية وطن تُعبر عن تطلعات المواطنين

وتتضمن الاستراتيجية ما يزيد عن 200 برنامج ومشروع تستهدف أن تكون مصر بحلول عام 2030 ذات اقتصاد تنافسى ومتوازن ومتنوع يعتمد على الابتكار والمعرفة، قائمةً على العدالة والاندماج الاجتماعى والمشاركة، ذات نظام بيئى متزن ومتنوع، تستثمر عبقرية المكان والإنسان لتحقق التنمية المستدامة وترتقى بجودة حياة المصريين

 

النمو الاحتوائي والمستدام كضمانة لتحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة

وتستهدف استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، بناء مسيرةٍ تنمويةٍ طموحةٍ لوطنٍ متقدمٍ ومزدهرٍ، من خلال تعظيم الاستفادة من المقومات والمزايا التنافسية للاقتصاد المصري، وتحقيق النمو الاقتصادى المتوازن جغرافياً وقطاعياً وبيئياً من خلال تحقيق النمو الاحتوائى الذى لا ينتظر الفقراء جنى ثماره بعد حدوثه، وإنما النمو الذى يتزامن معه تحقيق أهداف العدالة الاجتماعية والنمو المتوازن بين الطبقات والمناطق المختلفة، وتمتد آثاره الإيجابية لكل أطياف المجتمع وفى جميع أنحاء الجمهورية.

 

نعم بدأنا التنفيذ

وبالفعل بدأنا فى تنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، فقد دخلت العديد من المشروعات القومية التى تضمنها محور التنمية الاقتصادية حيز التنفيذ مثل مشروعات تنمية محور قناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، وتنمية أربعة ملايين فدان، وتنمية الساحل الشمالى الغربي، والمثلث الذهبى للثروة المعدنية، وبناء مليون وحدة سكنية، وإنشاء مدينة الأثاث بدمياط، ومحور 30 يونيو ومدينة الجلالة الجديدة، وتوسعة شبكة مترو الأنفاق، وغيرها من المشروعات.

وعلى المستوى القطاعى تم طرح 12 مجمع صناعى للصناعات الصغيرة والمتوسطة فى «بورسعيد، والمحلة الكبري، وبدر، والسادات، والإسكندرية، والأقصر، وأسيوط، وقنا، وسوهاج، والمنيا، وبنى سويف، والفيوم».

كما تم طرح حوالى 16.4 مليون متر مربع من الأراضى المخصصة للأنشطة الصناعية خلال الفترة (عام 2016 حتى يونيو 2017) ومن المستهدف الوصول إلى 28.5 مليون متر مربع بنهاية عام 2017.

 

وفى إطار السعى لتنفيذ الهدف الاستراتيجى لمحور الطاقة بالاستراتيجية، نجح قطاع الكهرباء خلال عام 2016 وحتى يونيو 2017 فى إضافة حوالى 5650 ميجاوات من خلال تشغيل محطات توليد السويس البخارية بقدرة 650 ميجاوات، و12 وحدة بقدرة 4800 ميجاوات ضمن محطات مشروعات شركة سيمنس (بنى سويف، وغرب البرلس، والعاصمة الإدارية) ومحطة رياح بجبل الزيت قدرة 200 ميجاوات.

 

كما تمت إضافة حوالى 60 اتفاقية بترولية جديدة للبحث والاستكشاف باستثمارات أجنبية مباشرة تقدر بنحو 30 مليار دولار، ومن المستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى بنهاية عام 2018.

 

ومن أجل تحقيق أهداف محور العدالة الاجتماعية فى تحقيق الحماية للفئات الأولى بالرعاية؛ قامت الحكومة خلال الفترة الماضية برصد أكثر من 83 مليار جنيه لتنفيذ برامج الحماية الاجتماعية الإضافية والتى تشمل زيادة المعاشات والضمان الاجتماعي، وزيادة مخصصات دعم السلع التموينية، وزيادة حد الإعفاء الضريبي.

 

وفى إطار الحرص على تنفيذ أهداف محور التعليم، خاصةً ما يتعلق بتحسين جودة النظام التعليمى وإتاحة التعليم للجميع دون تمييز؛ تم خلال العامين الماضيين تدريب وتأهيل فى حدود 170 ألف كادر إداري، ومعلم، وأخصائى تكنولوجي، ومراجعة وتعديل 70 كتابا دراسيا، وإعداد مناهج مدارس المتفوقين، وتنفيذ 8265 فصلا دراسيا وإنشاء 101 مدرسة تعليم مجتمعي.

 

وتنفيذًا لأهداف محور الصحة خاصةً ما يتعلق بتحقيق التغطية الصحية الشاملة؛ تم إصدار قانون التأمين الصحى الجديد فى مايو 2017، والذى بمقتضاه سيتم تطبيق نظام التأمين الصحى الشامل على 4 مراحل خلال 12 عام بدايةً من عام 2018 حتى عام 2029 بمعدل عامين لكل مرحلة ليغطى القانون حوالى 92٪ من المصريين بنهاية التطبيق.

 

ويظهر الدور الاجتماعى للدولة بشكلٍ واضحٍ من خلال الإنجازات المتحققة فى المشروع القومى للإسكان الاجتماعى كأحد برامج محور التنمية العمرانية، والذى بدء من مارس 2014 ويعتبر أضخم مشروع إسكان فى تاريخ مصر، بل ويمكن اعتباره حالياً الأكبر على مستوى العالم. وتم حتى الآن الانتهاء من تنفيذ 240 ألف وحدة سكنية، ومن المستهدف الانتهاء من تنفيذ 300 ألف وحدة سكنية أخرى بنهاية العام المالى 17/2018.

 

الأهم من التخطيط هو متابعة التنفيذ بمؤشرات قياس أداء محددة

ومن منطلق أهمية جهود المتابعة والتقييم، بحيث تكون ضمانةً أكيدةً لتنفيذ كل البرامج والمشروعات التى تضمنتها الاستراتيجية فى التوقيتات الزمنية المحددة لها، وفى إطار تنفيذ البرامج التى تضمنها محور الشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية خاصةً ما يتعلق بتطوير منظومة المتابعة والانتقال من موازنة البنود إلى موازنة البرامج والأداء؛ تمت ميكنة عملية إعداد ومتابعة تنفيذ الخطة، والبدء فى إعداد برامج تدريبية وأدلة استرشادية لكل الجهات الحكومية لتمكينها من إعداد ومتابعة خطتها بشكل مهنى ومتطور وفى ظل مناخ يضمن المساءلة والشفافية، وتدريبها على كيفية إعداد مؤشرات قياس الأداء التى تقيس العائد الاقتصادى والاجتماعى والبيئى الناتج عن تنفيذ البرامج والمشروعات التى تتضمنها خطتها.

 

ضرورة مشاركة المجتمع المدني في المتابعة والقطاع الخاص في التنفيذ

كل هذه الجهود المبذولة، سواءً فى مرحلة إعداد أو تنفيذ أو متابعة تنفيذ الاستراتيجية، تدعمها القيادة السياسية بشكلٍ واضح، فقد حرص السيد رئيس الجمهورية فى مؤتمر الشباب المنعقد فى الإسكندرية فى يوليو 2017 على مشاركة جميع المواطنين وخصوصاً الشباب فى عملية المتابعة فى إطار الحرص على الشفافية وضمان المساءلة، كما أنه فى ذات الوقت يحمل رسالة للمواطنين وللعالم أجمع بأن مصر بدأت بالفعل مرحلةً جديدةً تُعلى فيها مصلحة الوطن والمواطنين فوق كل الاعتبارات.

 

وفى ضوء ما تتضمنه الاستراتيجية من طموحات عديدة؛ فإن الأمر يتطلب المزيد من الشراكة والتعاون بين كل أطراف وأطياف المجتمع، للمضى قدمًا فى تنفيذ المشروعات والبرامج الطموحة التى تتضمنها

 

عرضت الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولى، خطة مصر لاتخاذ إجراءات عاجلة للتصدى لتغير المناخ وآثاره، حيث أوضحت أن الدراسات التى أجرتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

 

أشارت إلى أنه سيتم فقد شاطئ "جليم والشاطبى" بالإسكندرية إذا ارتفع مستوى البحر نصف متر فقط، وفى مثل هذه الحالة ستتجاوز قيمة خسائر الأراضى والمبانى والسياحة 32.5 مليار دولار، كما "تقدر خسائر الأعمال بـ127 مليون سنويًا نظرًا لأن معظم الفنادق والمعسكرات السياحية تقع على بعد 200-300 متر من حافة الشاطئ، وتفيد التقارير بأن كل ارتفاع فى مستوى البحر بمقدار متر يقابله 8 ملايين فرد فى مصر.

 

وأشار التقرير الذي عرضته أمام المنتدى السياسى رفيع المستوى حول التنمية المستدامة فى إطار المجلس الاقتصادى والاجتماعى، التابع للأمم المتحدة، بمدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، وإلى نص التقرير:

 

في سبتمبر 2015 طرحت أجندة 2030 للتنمية المستدامة خلال قمة الامم المتحدة التاريخية التي تتضمن أهداف التنمية المستدامة SDGs، والتي تتسم بكونها طموحة للغاية وذات رؤية تحويلية، وذلك بالإضافة إلى اعتماد أجندة أديس ابابا في يوليو 2015 لتمويل الأنشطة التنموية، واتفاق باريس بشأن التغير المناخي في ديسمبر من ذات العام، مما يجعل عام 2015 عام المفاوضات التي مهدت الطريق لاعادة تشكيل صيغة التنمية المستدامة للسنوات الـ15 المقبلة.

 

وتعمل مصر بفاعلية على الاستعداد واجراء المفاوضات لمواكبة هذه الصيغة الجديدة وستظل تأخذ على عاتقها تنفيذ هذه الاتفاقات التاريخية بفاعلية من خلال التعاون الذي يحقق الفائدة المشتركة، بهدف القضاءعلى جميع أشكال الفقر وعدم المساواة والتطرق لمشكلة التغير المناخي مع ضمان عدم تجاهل أي طرف معني.

 

واعتمدت مصر منهجا يتسم بمستوى عال من الطموح والالتزام والابتكار للالتزام بهذه الأجندة التحويلية،  وفي سياق أجندة 2030 طرحت مصر في 2015 استراتيجيتها للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2030"، وتعد هذه الرؤية الطموحة غير مسبوقة من حيث نطاقها وأهميتها على المستوى القومي، فهي تغطي أبعاد التنمية المستدامة الثلاثة، وهي البعد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وتحدد المبادئ الأساسية التي سترشد مصر في تحقيق أهدافها التنموية، والهدف الأشمل لهذه الاستراتيجية هو بناء اقتصاد  تنافسي ومتوازن ومتنوع، يعتمد على الابتكار والمعرفة، مبني على العدل والتكامل الاجتماعي والمشاركة في نظام بيئي تشاركي متوازن ومتنوع، وذلك من خلال استثمار المكان الفريد ورأس المال البشري في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين في عملية تدفعها الدولة بمشاركة تامة مع جميع الشركاء المعنيين.

 

وبالرغم من ذلك، إلا أن هذا التحول الجديد في الصيغة على مستوى العلاقات الدولية التي تغير مصادر ومستوى معرفة وممارسات التنمية يتجلى عنها عدد من التحديات على المستوى القومي والاقليمي والمستويات الدولية والتي قد تبطئ من عملية تحقيق هذه الاهداف التنموية.

 

والتغلب على هذه التحديات تحتاج إلى تكاتف الجهود بروح من المسئولية المشتركة عن الاطار التحويلي الدولي للتنمية على المستوى العالمي، مع أخذ في الاعتبار عدم التكافؤ من حيث القدرات والموارد بمختلف الدول. 

 

فلن يتحقق ذلك إلا من خلال مشاركة المعرفة والخبرات حول الابتكار والتمويل وبناء القدرات ونقل المعرفة والتكنولوجيا، والأهم من ذلك التعاون الانمائي الدولي في مجال التمويل من أجل تحقيق التنمية، وذلك لضمان إتاحة السبل اللازمة للتنفيذ، بما يعكس الالتزام الدولي القوي بنهج "عدم تجاهل أي طرف".

التنمية المستدامة الوزارة الوزيرة هاله السعيد الاجهزة الطرق