الجمعة 22 نوفمبر 2024 07:16 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

"هوجة" الهجوم على الأزهر الشريف!

محمد يوسف

 

جاءت كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي ألقاها خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، لتعبر عن المكانة العظمى لمؤسسة الأزهر الشريف الذي يعتبر منارة العلم ومنبر الوسطية والذي لا يزال مركز إشعاع للعالم أجمع .. وكأن الرئيس أراد أن يكتمل الدور التاريخي للأزهر الشريف في خدمة الإنسانية قاطبة.

 

لكن وبكل أسف فهناك من يسيء فهم خطاب الرئيس ويحرفه عن مواضعه ويوظفه ليتماشى مع أهوائه الشخصية المنحرفة التي لا ترى النور إلا ظلاماً ولا العلم إلا جهلاً .. لذا فوجئنا بانفجار بالوعات الإعلام المنفلت تتسابق في كيل الاتهامات للأزهر الشريف ولرئيسه العالم الجليل د. احمد الطيب، والذي لا يضيع الرئيس السيسي أي مناسبة إلا ويعبر عن تقديره لشخصه ومكانته، لكن ولأن بيننا من يقتاتون على تشويه الحقائق نفاجأ بمن يروج لأكاذيب وأضاليل ما أنزل الله بها من سلطان.

 

فأبداً .. لم تكن كلمات الرئيس جواز سفر لمرور كل من هب ودب أو لأي جاهل ليمارس تنطعه على المؤسسة العريقة التي يدين لها العالم العربي والإسلامي ويعرف قيمتها وفضلها، فالرئيس السيسي كان يقصد كلماته المحددة التي قالها والتي يرى أن بها ستكتمل جميع فصول الرسالة العظمى للأزهر .. وهنا يتذكر ما قاله الرئيس في مناسبة سابقة: "يا ليت تنقلون عني ما أقول" وكأن الرئيس يدرك تمام الإدراك طبيعة بعض النفوس المريضة التي تعشق المزايدة والمتاجرة.

 

فقد انبرت بعض الأقلام والأبواق الإعلامية لمهاجمة الأزهر الشريف في مؤامرة مفضوحة لهدم أعلى منبر للوسطية الإسلامية واتهامه بما ليس فيه بأنه معمل تفريخ لدعاة الفكر المتشدد وذلك في محاولة لنشر الأكاذيب والأضاليل ووصمه بما ليس فيه .

 

وعرفت هذه الدوائر المشبوهة طريقها عبر الهجوم الشخصي على الإمام الأكبر د. احمد الطيب شيخ الأزهر الشريف واتهامه بأنه عقبة أمام تجديد الخطاب الديني، ذلك المصطلح الفضفاض الذي يردده الكثيرون مثل الببغاوات دون أن يعرفوا أصله أو فصله، ونسي هؤلاء أو تناسوا جميع المواقف الوطنية التي طالما أبداها د. الطيب دعماً للوحدة الوطنية ودفاعاً عن كل ذرة تراب في مصر.

 

فالحرب على الأزهر ليست حربا على المؤسسة وحدها ولا على شيخها الجليل بمفرده، بل هي حرب على الإسلام، فالبعض لا يستطيع أن يهاجم القرآن الكريم والسنة النبوية صراحة فيلجأ إلى الهجوم على التراث بغرض استهداف القرآن والسنة.

 

ومع تسليمنا الكامل بأن الدين ليس حكرًا ولا ملكًا لأحد أو لمؤسسة بعينها سواء الأزهر أو غيرها، وإن باب الاجتهاد مفتوح، شريطة امتلاك أدواته، وأن يكون من يتصدى له متمسكا بالمنهج الإسلامي الوسطى، وأن يكون الانطلاق من نقطة ثابتة مفادها أن مناهج الأزهر هي التي حمت الأمة، طوال القرون الماضية، ومن يعيش فيها من مسلمين وغيرهم، وأن الحرب على الأزهر ومناهجه ومحاولة ربطها بالفكر المتطرف هي حرب ظاهرها الأزهر وباطنها الإسلام.

 

فالأزهر كان وسيظل صمام الأمان ضد أي مؤامرة خارجية للنيل من وحدة هذا الوطن وهو منارة العلم التي أنجبت للإنسانية علماء لا يخفى فضلهم على مجتمعاتهم.

 

ومن يوجه سهامه ضد الأزهر الشريف اليوم بزعم أنه معمل لتفريخ الإرهابيين فإنه لا يقرأ التاريخ فعلماء الأزهر كانت لهم الريادة في إرجاع الكثير من المتشددين عن الفكر التخريبي الإرهابي؛ لأنهم استخدموا معهم الفكر الإسلامي الوسطي المستنير بعيداً عن التطرف والتشدد والإرهاب الذي يمارسه طيور الظلام الذين لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بفكر ومنهج الأزهر الشريف.

 

ورغم كيد الكائدين ورغم حقد الحاقدين سيظل الأزهر كالجبل الراسخ أمام كل الهجمات التي يتعرض لها، فالأزهر الشريف محفوظ بأمر الله الذي تعهد بحفظ القرآن الكريم ليوم الدين، كما ورد في قوله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، فالقرآن الكريم يدرس عبر علماء الأزهر الشريف وأساتذته، وسيستمر في نشر دعوته الوسطية لو كره الكارهون، فدائمًا الحق هو المنتصر ومهما بالغ هؤلاء المضللون في تشويه صورة الأزهر لن يستطيعوا، فقد ظل الأزهر أكثر من ألف عام يواجه مثل هذه المعارك ودائمًا كان الانتصار لمؤسسة الأزهر .

 

وليعلم الجميع أن الهجمة التي يتعرض لها الأزهر الآن ليست في صالح مصر أو المصريين، بل أنها على العكس تخلق حالة من الانشقاق في المجتمع المصري بأسره، وتنطوي على مخاطر لعل أبرز نتائجها اضعاف مؤسسات الدولة، كما أنها تصب في مصلحة أعداء الوطن، فأهم ضمانة لقوة الدولة تماسك وصلابة مؤسساتها وعلى رأسها مؤسسة الأزهر الشريف، لما لها من تاريخ طويل في الحفاظ على استقرار مصر، والحفاظ على هويتها، والدفاع عن ثوابت المصريين.

 

وفي النهاية لابد من التذكير بأن القيادة السياسية متمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي لا تحتاج مثل هؤلاء المزايدين أو المتاجرين أو القافزين على المواقف .. فنحن الآن أمام رئيس يملك تماماً ناصية ما يقول او يريد وهو في غنى تماماً عن تلك الأبواق الجاهلة .. حفظ الله مصر قيادة وشعباً وأزهراً من كل مكروه وسوء.

احمد الطيب عبد الفتاح السيسي مصر الازهر الشريف المولد النبوي الشريف منارة العلم الانسانية