مصر بيت العرب.. قاعدة وطنية مستقرة في نفس ويقين كل مواطن مصري وعربي، فعلى مدار السنوات الماضية كانت أرض الكنانة هي الملاذ الآمن وبيت الأمة لكل الأشقاء العرب الذين يواجهون أزمات أمنية أو سياسية في بلادهم لتكون هي الوطن البديل لهم.
وقد تابعت خلال الأيام الماضية تلك الضجة المثارة على مواقع التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة على إثر استغاثة سيدة من محافظة الإسكندرية بالرئيس عبدالفتاح السيسي تتضرر فيها من سوري يملك مطعما في محافظة الإسكندرية، بسبب وجود المطبخ خارج المطعم، واستخدامه "بوتاجاز 10 شعلة"، ما تسبب في ارتفاع درجات الحرارة بمحيط المنزل، وانتشر هاشتاج "حق المصرية يا ريس" كالنار في الهشيم بموقع التدوينات القصيرة "تويتر"، تضامنا مع السيدة المصرية.
ونشرت سيدة تُدعى "شيرين"، مقطع فيديو لوالدتها تستغيث فيه بالرئيس السيسي، قائلةً: "السوريين فتحنا لهم بلدنا، يرضيك يعملوا فينا كده؟!، أنا انتخبتك مرة واتنين وأنا بمشي على كرسي متحرك، متسيبش السوريين يطلعونا من بيتنا".
وعلى إثر ذلك صدر قرار بغلق المطعم وسط طوفان من الجدل حول مصير باقي الأخوة السوريين في مصر وذلك في ظل تصاعد بعض الدعوات العنصرية لطرد السوريين من مصر أو التضييق على تواجدهم وتحركاتهم في مصر ، وتناست هذه الأصوات أن قدر مصر أن تحتضن كل أبناء الأمة العربية وفي القلب منها الأشقاء السوريين.
فمصر لا تعرف ولن تعرف العنصرية أو التأثيم الجماعي تماما، كما أنها لايمكن أن تقبل بسيطرة قوى ظلامية على مقدراتها أو التحكم في إرادتها لكل أبناء الأمة العربية عريقة المجد ولكل شقيق سوري يتطلع لفجر الحرية والتقدم في بلاده أدخلوا مصر إن شاء الله آمنين أدخلوها في ارتعاشات الفرحة بالحرية أدخلوها آمنين فمثلما كنت ستبقى يا وطن وما أروعك من وطن.
فطوال السنوات الماضية.. يحظى الأشقاء السوريون في مصر بتقدير من جانب المواطنين المحليين، كونهم تحولوا من فارين من آلة الحرب إلى أصحاب مشاريع ناجحة، ولم ينتظروا منح الأمم المتحدة، ولم يلقوا بأنفسهم في «قوارب الموت» إلى السواحل الأوروبية، واختاروا أن يؤسسوا مشروعات سرعان ما اتسع نطاقها.
ويبلغ عدد السوريين الذين قصدوا مصر نحو 300 ألف شخص، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في حين تقول القاهرة إن عددهم أكثر من ذلك ، وقدر تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مؤخرا، أن الحد الأدنى من مساهمة السوريين في الاقتصاد المصري، وصل إلى 800 مليون دولار على شكل استثمارات.
ورجح التقرير أن يكون الرقم أعلى من ذلك، موضحا أن الأعمال السورية في مصر تتراوح بين المصانع الكبيرة والشركات الصغيرة، في مجال الأقمشة والتكنولوجيا والمواد الغذائية، بما فيها المطاعم ، وبطبيعة الحال توفر المنشآت السورية، كثيرا من فرص العمل للمصريين أنفسهم، إضافة إلى السوريين، كما ساهمت في رفع نسبة الصادرات وخفض الواردات .
لذلك نستطيع الجزم أن الضجة المثارة حالياً ضد وجود السوريين فى مصر .. ضجة مفتعلة، ولا تعكس حقيقة شعور المصريين ، لا على المستوى الشعبى ولا الرسمى ،تجاه السوريين على مر الزمن، فعلى مدار التاريخ ظلت مصر وسوريا فى رباط مقدس، لهذا كان طبيعيا أن يتدفق السوريون إلى مصر مع مطلع 2011 هربا من رصاص الإرهاب الذى مزق جسد الدولة السورية.
وككل شقيق محب، استقبل المصريون أشقاءهم السوريين حتى وصلت بعض التقديرات لأعداد السوريين في مصر بأكثر من 500 ألف سوري.. جميعهم يعيشون كراماً آمنين فوق أرض الكنانة ، وإذا كان هناك من ينفخ في نار الشقاق بين المصريين والسوريين، فهذه النار لن يتحرق بها إلا من أشعلها ، وسيبقى المصريون و السوريون شعبًا واحدًا، وسيظل السوريون منورين مصر.
كلمة أخيرة
التطرف ليس حمل سلاح فقط، فالعنصرية تطرف، وحملات الكراهية وحشد الفكر والرأي ضد مجموعة من البشر تطرف، وإلقاء الاتهامات جزافياً تطرف.. وجميع أشكال التطرف لا تليق أبدًا بمصرنا الغالية التي كانت وما زالت وستبقى حصن العروبة الآمن وحضن الأشقاء الدافئ.