تشرفت بحضور مراسم الاحتفال بتخريج الدفعة الأولى من كلية الطب بالقوات المسلحة دفعة المشير محمد عبدالغني الجمسى بمركز المنارة للمؤتمرات والمعارض الدولية بالقاهرة الجديدة وذلك في حضور الرئيس عبدالفتاح السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وبقدر سعادتي الغامرة بحضور "يوم رائع في تاريخ مصر" .. فقد أبهرني المستوى الاحترافي المدهش للخريجين الذين قدموا محاكاة واقعية للخبرات والمهارات التي اكتسبوها عبر الدراسة في الكلية التي تمثل نقلة حضارية في مجال الارتقاء بمهنة الطب في القوات المسلحة ، لخدمة جميع أبناء مصر من العسكريين والمدنيين .
الرائع في هذا الإنجاز أيضاً أنه يدرك جيداً ما يحتاجه مجتمعنا ويلبي احتياجات دولة عريقة بحجم مصر في مواكبة روح العصر عبر نقل أحدث ما وصلت إليه تقنيات وأساليب العلم لخدمة المصريين ، فهو بمثابة نموذج صغير لما يجب أن يكون عليه التعليم في مصر والذي تتم الاستفادة منه على أرض الواقع ، بعيداً عن مجرد حشو المناهج التي ينساها تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات بمجرد انتهاء الامتحانات.
حيث يعتبر هذا الصرح التعليمي انجازاً جديداً يضاف لسجل جهود القوات المسلحة الباسلة التي لا تأو جهداً في سبيل تقديم الدعم الفكرى المستمر لإدارة الكلية لإعداد جيل من الكوادر الطبية قادر على أن يكون قاطرة الطب الحديث في مصر خصوصاً في ظل بروتوكولات الزمالة والتوأمة التي عقدتها كلية الطب العسكري مع كبريات الجامعات في العالم، وهو الحلم الذي كان يراود جميع قيادات وأطباءالخدمات الطبية بالقوات المسلحة.
وتحول الحلم إلى حقيقة.. حيث كان الهدف من إنشاء الكلية هو إمداد القوات المسلحة باحتياجاتها من الضباط الأطباء الأكفاء بأعداد كافية تضمن جودة عالية للرعاية الصحية التي تقدمها القوات المسلحة للعسكريين والمدنيين كما كان من صلب أهدافها تخريج ضباط أطباء متميزين وقادرين على المساهمة الفعالة في مجال البحث العلمى وبناء وخلق كوادر أكاديمية فى مجالات وأساليب التعليم الطبى الحديث لتساهم القوات المسلحة بقوة في تطوير التعليم الطبى في مصر.
وخلال مدة الدراسة يتم عمل برامج للتعايش مع طلاب الكليات الطبية العالمية المناظرة للطلاب المتميزين فى شتى المجالات العلمية والإنضباطية ، ويبدأ الطالب فى الإشتراك فى المؤتمرات العلمية والفعاليات البحثية منذ دخوله للكلية، ويتم أثناء الدراسة حضور دورات حديثة فى مجالات القيادة ومهارات الإتصال وإدارة الوقت والتفكير العلمى والمنطقى، كما يراعى تهيئة الطالب نفسياً ومعنوياً وإنضباطياً للإلتزام بأداب وأخلاقيات مهنة الطب، ويؤدى الطالب التدريب الإكلينيكى وفترة الإمتياز لمدة إثنا عشر شهراً بالمستشفيات العسكرية التعليمية والمعتمدة من كلية الأطباء والجراحين الملكية البريطانية والمجلس الأعلى للجامعات المصرية.
لكل هذه الأسباب، وغيرها الكثير، تعتبر كلية الطب بالقوات المسلحة صرحاً للتعليم الطبي عالي الجودة، من أجل تخريج كوادر من الأطباء الماهرين، المحترفين للاذطلاع بتقديم خدمات طبية متميزة ، تمكنهم من المساهمة في مجال البحث العلمي، والوصول إلي الريادة الطبية في المنطقة استناداً علي القدرات المتنامية والانضباط العسكري الذي يعتبر ركيزة أساسية لنجاح الخدمة الصحية اللائقة بالمرضى ، وهي نموذج يجب أن يحتذى ويتم تعميم التجربة على جميع مراحل التعليم في مصر.
ومن العلامات المضيئة أيضاً في هذه الكلية أنها رغم الجودة الفائقة في تقديم الرسالة العلمية ، فإنها تراعي الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لتكون في مقدور أغلب ابناء الشعب، حيث لا تتعدى مصروفات كلية الطب بالقوات المسلحة 15 ألف جنيها، وهذا يعتبر رقم بسيط جداً مقارنة بالجامعات الخاصة، بل أنه ربما يقل كثيراً عن قيمة ما تنفقه الأسرة المصرية على مافيا الدروس الخصوصية ، في الوقت الذي يحصل فيه طالب "الطب العسكري" على تعليم وتدريب غاية في الرقي والتقدم بما يضمن تخريج أطباء المستقبل المسلحين بأحدث ما توصلت إليه علوم الطب في العالم .
وفي النهاية لا يسعني إلا توجيه تحية تقدير وإعزاز لكل من ساهم في خروج هذا الجهد الراقي إلى النور ، وأطالب بتعميم هذه التجربة المدهشة ، بدلاً من استيراد تجارب مرة يابانية ، وأخرى فلبينية ، تحول أبنائنا في مراحلهم التعليمية الأولى لفئران تجارب .