تحرير سرت.. مكسب استراتيجي للجيش الليبي في معركة طرابلس
- رمضان إبراهيمسارعت الميليشيات المتحالفة مع قوات حكومة الوفاق الوطني الليبي الثلاثاء للتغطية على هزيمتها في سرت التي سيطر عليها الجيش الوطني الليبي مساء الاثنين بالكامل، بأن زعمت أنها انسحبت من المدينة الساحلية "حقنا للدماء".
وتبرير الهزيمة بهذه الطريقة يشير إلى حالة من الإرباك في التعاطي مع العملية الخاطفة للجيش الليبي التي أنهت سريعا سيطرة ميليشيات الوفاق على إحدى أهم المدن الليبية والتي تمثل عمقا استراتيجيا لمشروع التوسع الاخواني المدعوم من تركيا ولخطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسيطرة على سواحل ونفط ليبيا.
ويعتبر هذا المكسب الميداني مهما ضمن جهود قوات الجيش الليبي لقطع الطريق على الاندفاع التركي للهيمنة على السواحل الليبية والمنافذ الحيوية للبحر الأبيض المتوسط، حيث معظم موانئ تصدير النفط والبوابة الرئيسية لأوروبا.
وتقع سرت إلى الغرب مباشرة من الهلال النفطي الليبي وهو قطاع من الساحل تقع فيه عدة موانئ لتصدير النفط تسيطر قوات الجيش الوطني الليبي عليها كما تتمتع بموقع استراتيجي على طرق إمداد بين شرق وغرب وجنوب ليبيا.
وكانت القوات المسلحة الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر قد أعلنت تحرير سرت بالكامل من الجماعات المتطرفة التي كانت تسيطر عليها، موضحة أن عملية التحرير كانت دقيقة وخاطفة وجاءت في توقيتها لمنع تلك الجماعات من مهاجمة الحقول النفطية.
ويشكل تحرير سرت من قبضة ميليشيات الوفاق ضربة قاصمة لجماعة الإخوان التي اندفعت بكل ثقلها في المدينة الساحلية لتوسيع مناطق نفوذها من مصراتة إلى المدينة الساحلية الإستراتيجية.
وتقع سرت في منتصف ساحل ليبيا على البحر المتوسط وكانت تسيطر عليها الميليشيات المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني منذ قيامها بطرد تنظيم الدولة الإسلامية من المدينة بمساعدة ضربات جوية أميركية في أواخر 2016.
وأعلن الجيش الليبي أسر عدد من المتطرفين، فيما فر الباقون إلى غرب البلاد، بينما تمت العملية دون سقوط ضحايا من المدنيين وهو الأمر الذي دفع مرارا لتأجيل الهجوم على سرت وغيرها من مدن غرب ليبيا.
ومن شأن السيطرة على سرت أن تمنح القوات المسلحة الليبية بقيادة حفتر مكسبا ميدانيا مهما على طريق تحرير العاصمة طرابلس.
وقالت الميليشيات التي تطلق على نفسها اسم 'قوة حماية وتأمين سرت' المتحالفة مع حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج في بيان "اتخذت قواتنا بعد تدارس الموقف قرارا بالانسحاب إلى خارج سرت ثم انتظار الأوامر".
وأضافت أنها انسحبت "مع الأخذ في الحسبان حفظ دماء المدنيين وحفظ شبابنا في القوة" في سرت وأن القوات المهاجمة تلقت دعما من "خلايا نائمة" في المدينة التي يبلغ عدد سكانها نحو 120 ألف نسمة.
ويسلط هذا الإقرار الضوء على حقيقة سبق أن أعلنها الجيش الوطني الليبي وهي أن المدن الواقعة تحت حراب ميليشيات حكومة السراج، تدعم العملية العسكرية الرامية لتحرير غرب ليبيا من الإرهاب.
إلا أن الخوف من التصفيات الجسدية ومن عمليات انتقامية دفعت معظم سكان تلك المدن إلى أن تلتزم الصمت ولم تتحرك إلا حينما تقدم الجيش الوطني الليبي.
والعديد من أفراد قوة حماية سرت من مدينة مصراتة في شمال غرب البلاد والتي قادت الحملة على تنظيم الدولة الإسلامية وتعد مصدرا رئيسيا للقوة العسكرية لحكومة الوفاق الوطني.
وكانت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي قد أوضحت الاثنين أن العملية العسكرية تهدف إلى تحرير البلاد من الإرهاب وأنها لا تستهدف أبناء مصراتة ولا غيرها من المدن.
كما سبق للمشير خليفة حفتر حين أعلن عن انطلاق عملية الحسم باتجاه قلب طرابلس أن أكدّ العفو وضمان سلامة من يلقون أسلحتهم من غرّر بهم من شباب ليبيا.
ويأتي تقدم الجيش الوطني الليبي في الوقت الذي تستعد فيه تركيا لإرسال مستشارين عسكريين وخبراء لدعم حكومة الوفاق الوطني في إطار مساع تركية لمنع سقوط جماعة الاخوان المسلمين والمتحالفين معها من الميليشيات المتطرفة.
وزعمت قوة حماية سرت في بيانها أن قواتها لاتزال تحتفظ بكامل مقدراتها، مضيفة "انسحابنا من سرت ليس النهاية".
وقال مصدر عسكري من الجيش الوطني الليبي اليوم الثلاثاء إن قواته اشتبكت مع قوات مصراتة في منطقة أبوقرين بين مدينتي سرت ومصراتة.
وفي محاولة لتشويه صورة الجيش الوطني الليبي قال تلك الميليشيات التي فرت من سرت إن قوات حفتر تقوم بعمليات سلب ونهب وحرق للمباني السكنية وهو ما نفته قيادة الجيش الوطني الليبي.
وأضاف المتحدث باسم الجيش الليبي "هذه ليست من أعمالنا ولا أفعال الجيش الليبي بالعكس تم استقبالنا بالزغاريد ودخلنا فاتحين".
وكانت قنوات محلية وأخرى أجنبية قد بثت لقطات تظهر احتفالات أهالي سرت بدخول قوات الجيش الوطني الليبي إلى المدينة وتحريرها بالكامل من سيطرة الميليشيات المتطرفة.
وتواصل قوات الجيش الوطني الليبي عمليتها العسكرية بثبات متوخية الدقة في تنفيذ هجماتها تجنبا لسقوط مدنيين وهو ما أكدته مرارا وما دفعها أيضا لتأجيل تحركها العسكري في أكثر من منطقة بعد أن احتمى مسلحو الميليشيات الداعمة لحكومة السراج بالمباني السكنية واتخاذ المدنيين دروعا بشرية.