الشعوبية
آمال البنداري
الشعوبية حركة ولدت مع بداية رسالة الإسلام (ضمت الفرس والروم والتركمان والعجم ) وكان هدفها تدمير الإسلام من الداخل وأفرادها هم على الارجح من قتلوا عمر ابن الخطاب والإمام على كرم الله وجهه وانتعشت جدا هذه الحركة فى العصر الاموى. حيث اتجهت الدولة الأموية إلى تعريب الدواوين والمصالح الحكومية بعد أن كانت تعتمد على الفرس والروم وغير العرب من كثير من الاعراق وكان هؤلاء يسعون جاهدين إلى تحقير العرب واظهارهم بالجهلة والهمج عديمى الحضارة ويخلعون عنهم ايا من الصفات النبيلة.. ففطنت الدولة الأموية إلى ذلك وقررت الاستغناء عنهم فى كافة وظائف الدولة وإحلال العرب بدلا منهم ولكن ظلت الحركة الشعوبية منتعشة حتى فى الدولة العباسية واعتقد انها مازالت تنشط كالجرثومة حتى يومنا هذا فما تفعله إيران الفارسية والسلطة التركية يعتبر نوع حديث من الشعوبية ضد العرب ويمتد اذيالهم داخل مصر لنرى شعوبية من نوع جديد ضد الوطنية المصرية . ظهرت أنواع جديدة من الشعوبية تحقر من الانتماء الوطنى وتدعى ان الأوطان ما هى الا حفنة من التراب العفن وتحت هذا القناع المضلل يجندون الشباب للعمليات الإرهابية التى تقتل اغلى شبابنا وانقاهم ..المقدم محمد الحوفى واحمد المنسى وغيرهم الكثيرين من خيرة ما انببت مصر نباتا طيبا مباركا يقتلون على يد من يمولون الارهاب وينفخون فى الحطب لاشعال نار الفتن فى مصر.
الشعوبية أيضا ظهرت بوضوح داخل القرى المصرية فى تداعيات وباء الكورونا لقد صدمنى وصدم الكثير من أفراد المجمتع ردود أفعال اهالينا فى القرى المصرية وتصرفاتهم اتجاه المواقف المختلفة لازمة كورونا..لقد شعرنا بأن طيور الظلام مازالت تحلق فى سماء القرى المصرية وان خفافيش الليل مازالت تعبث فى عقول شبابها ..ولم يتبقى من اخلاق القريةالمصرية المتأصلة فى وجداننا من شهامة ورجولة وتعاون فى السراء والضراء شىء ووجدنا همجية تعبوية من متاجرى الدين لاحراج الدولة المصرية واظهار الشارع القروى بموقف الغاضب من قرارتها المعترض عليها ..رأينا ذلك بداية فى محافظة الاسكندرية حين طلبت الدولة من الأهالى الجلوس فى المنزل فما كان من الجماعات السلفية المتأصلة داخل المحافظة الا ان طلبت من الناس النزول والتظاهر فى الشوارع للدعاء والابتهال ضد الفيروس واظهرتنا أمام دول العالم بهذا التخلف المنقطع النظير و فى قرية الهياتم محافظة الغربية الذين وجد بينهم العديد من حالات الكورونا فقامت الدولة باغلاق قريتهم لعدم انتشار الفيروس وامدتهم بالمواد الغذائية وكراتين الطعام فما كان منهم إلا التجمهر والتظاهر مرددين (مش عايزين كراتين).
بالله عليكم قولوا لنا ماذا تريدون..هل تريدون كورونا مثلا ؟ ام ماذا تريدون ثم جات الكارثة الكبرى والصدمة المدوية من قرية شبرا البهو بالدقهلية والذين تجمهروا لرفض دفن الطبيبة المتوفية بفيروس كورونا داخل قريتهم... لقد وجدت نفسي استشعر الحرج مما يحدث من ابناء بلدى مصر .
لم نكن أبدا بهذا المستوى المتدنى من تحمل المسؤلية ولم أكن أتصور أن الراحل جلال امين حين رصد فى كتابه (ماذا حدث للمصريين ) هذه التغييرات المرعبة التى حدثت فى التركيبة النفسية والاجتماعية والسلوكية للمجتمع المصرى وما تنذر به من عواقب وخيمة اظننا الان قد وصلنا إلى قاعها على نحو متسارع جدا وغير مسبوق..لقد أوضحت أزمة كورونا ان طيور الظلام مازالت تعيش داخل القرى والمدن المصرية وهى دائما جاهزة للانقضاض فتدعوا للتجمهر والاعتراض لاحراج الدولة..ولهذا يجب على الاخيرة الضرب بيد من حديد للرد على هذه الهمجية الممنهجة و التى تستهدف استقرار الدولة المصرية ولكن وعلى الجانب الاخر لابد من الالتفات والنظر لهذه الكارثة من زاوية أخرى الا وهى البعد الثقافى والتعليمى..فلابد من الاهتمام بإنشاء مشروع ثقافى لأطفال وشباب القرى المصرية حتى لا نجد اجيال وراء أجيال من هذه الشخصيات المسخ..فلم تعد القرية المنتجة المثمرة موجودة بيننا الان بل اصبحت القرى مسخ من المدن الفقيرة وخرسانات محشوة بالطوب الاحمر وشخصيات تتدعى التدين وتلتزم به شكليا وفى الواقع لا يعرفون عن الدين سوى التظاهر به فلا هى قرية منتجة ولا هى مدينة متحضرة لقد استطعنا القضاء على معظم عشوائيات البناء... ولكن الأهم الان ان نقضى على عشوائيات العقول لانها هى من تفرخ لنا الارهاب.