إدانات واسعة لاعتداء الاحتلال على رهبان دير السلطان بالقدس
- أحمد واضح
أثار اعتداء شرطة الاحتلال الصهيوني، صباح أمس الأربعاء، على رهبان دير السلطان، التابع للكنيسة الأرثوذكسية المصرية بالقدس الشرقية، واعتقال أحد القساوسة قبل الإفراج عنه بعدها بساعات؛ ردود أفعال وإدانات واسعة في الشارع المصري سياسيًا ودينيًا، وانتفضت المؤسسات الدينية والسياسية لشجب الاعتداء الساف، حيث استنكرت وزارة الخارجية المصرية، اعتداء جنود الاحتلال الصهيوني، على عدد من آباء وشمامسة كنيسة "دير السلطان" التابعة للكنيسة الأرثوذكسية المصرية بالقدس المحتلة، واحتجاز أحدهم خلال وقفة احتجاجية عند باب الدير بمحاذاة كنيسة القيامة بالقدس القديمة.
الواقعة جاءت على خلفية، تنظيم الكنيسة القبطية وقفة احتجاجية أمام باب "دير السلطان"، وبجوار كنيسة القيامة القديمة؛ احتجاجًا على ترميم الدير من جانب جنود الاحتلال الصهيوني، دون موافقة الكنيسة المصرية المالكة للدير منذ أكثر من 100 عام؛ ليقوم جنود الاحتلال بمحاصرة المحتجين والاعتداء عليهم بالضرب والسحل وإزاحتهم بالقوة عن ساحة الاحتجاج.
الأزهر يدين
ندد الأزهر الشريف، بأشد العبارات باعتداء الاحتلال الصهيوني على الرهبان المصريين في دير السلطان بالقدس المحتلة.
وأكد الأزهر الشريف، تضامنه الكامل مع الكنيسة القبطية في مواجهة اعتداءات الاحتلال الصهيوني وإجراءاته الباطلة، ودعمه لحقها التاريخي في استعادة دير السلطان، الذي بناه السلطان العادل الناصر صلاح الدين الأيوبي، وأهداه للكنيسة القبطية.
وشدد الأزهر في بيان له، على أن تلك الاعتداءات تشكل دليلًا جديدًا على أن الاحتلال لا يفرق في جرائمه ما بين كنيسة أو مسجد، وأنه لا يراعي حرمة كاهن أو شيخ، ما يوجب على المجتمع الدولي التدخل لوقف تلك الجرائم ودعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، حتى تعود تلك المدينة المقدسة كما كانت دوما، في ظل الحكم العربي، مدينة مشرعة الأبواب أمام أتباع كل الديانات.
الكنيسة المصرية
وفي السياق، أعلنت الكنيسة المصرية، على لسان القس بولس حليم، أنّها بصدد التصعيد على كافة المستويات بشأن قضية دير السلطان القبطي بالقدس، مشيرةً إلى أن الدير تابع للكنيسة المصرية الأرثوذوكسية، وفقًا لأوراق تثبت الملكية له.
وأشادت الكنيسة، بدور الخارجية المصرية؛ للتدخل لمنع الاعتداءات الصهيونية والحفاظ على دير السلطان الأثري.
وأعرب القس أندرية زكي، رئيس الطائفة الانجيلية بمصر، عن إدانتها للأحداث المؤسفة التي وقعت للرهبان الأقباط أمام دير السلطان بالقدس، مشيرًا إلى بالغ قلقه إزاء طبيعة التعامل مع الأزمة من استخدام جنود الاحتلال الصهيوني للعنف ضد رموز دينية، بشكل غير لائق.
إدانات فلسطينية
وزارة الخارجية الفلسطينية، أدانت بأشد العبارات اعتداء جنود الاحتلال على رهبان دير السلطان، التابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالقدس الشرقية، كما أدانت التدخل السافر لسلطات الاحتلال في الكنيسة وقيامها بإجراءات تمييزية تتناقض والقانون الدولي، وتُعتبر انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي.
وأضافت الخارجية، في بيان لها، أن هذا العدوان الغاشم يأتي في إطار محاولات الاحتلال فرض سيطرته بالكامل على القدس الشرقية المحتلة ومقدساتها المسيحية والإسلامية، ومحاولاته تغيير الواقع التاريخي والقانوني القائم بالقوة.
وطالبت الوزارة، مجلس الأمن الدولي بالتدخل السريع والعاجل لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، كما طالبت "اليونسكو" والمنظمات الأممية بتحمل مسؤولياتها في حماية دور العبادة، وإدانة هذه الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على المقدسات ورجال الدين.
الهيئة الإسلامية المسيحية
الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، أدانت الاعتداء على الرهبان المصريين، مستنكرة تدخل سلطات الاحتلال بأعمال الترميم الذي لا يقع تحت اختصاصها في مدينة القدس المحتلة على اعتبار أن الجزء الشرقي للمدينة المقدسة منطقة تخضع لقواعد القانون الدولي الإنساني.
وناشدت الهيئة، العالم التدخل فورًا لدى سلطات الاحتلال؛ لإيقاف هذه الاعتداءات وعدم دخول الدير بحجة الترميم، حيث يعد هذا انتهاكًا لصلاحيات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المالكة للدير.
لمحة تاريخية
ويقع دير السلطان الخاص بالأقباط الأرثوذكس، -بحسب مراجع تاريخية-، داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة النصارى بجوار كنيسة القديسة هيلانة وكنيسة الملاك والممر الموصل من كنيسة هيلانة إلى سور كنيسة القيامة، وتبلغ مساحته نحو 2000 متر مربع.
وكان السلطان صلاح الدين الأيوبي، أعاده للأقباط بعد استيلاء الصليبيين عليه، ولعله عرف من وقتها باسم "دير السلطان"، فيما استولت سلطات الاحتلال الصهيوني على الدير وسلمته إلى الرهبان الأحباش إثيوبيا بعد طرد الرهبان المصريين منها بعد حرب يونيو 1967 ورفضت تنفيذ حكم المحكمة الصادرة عن سلطات الاحتلال ذاتها، برد الدير إلى الكنيسة المصرية وعليه قرر البابا الراحل كيرلس السادس حظر سفر الأقباط إلى القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد الاستيلاء على الدير.
وأقامت الكنيسة المصرية أكثر من 100 دعوى قضائية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، وكسبتها جميعا ضد الحكومة الإسرائيلية وأثبتت حقها في الدير، لكن لم يتم تنفيذ هذه الاحكام حتى الآن.