نقد الأفكار المتطرفة
د . على الحسينى
ليس في الناس من يجهل خطر الجماعات المتطرفة، وليس فيهم من يجهل أن مناهجها هي عبارة عن أفكار متطرفة معادية لغالب ما نشأ عليه عموم الناس من الإسلام الميسر الوسطي المبني على الرحمة والرأفة واللين، والبعيد كل البعد عن التنازع والاختلاف والتشدد.
وأغلب الأفكار المتطرفة ليس كما يتصور البعض أن ضررها على المجتمع المصري فحسب، وذنبها ليس قاصراً على المجتمع المصري خاصة بل على المجتمعات الإسلامية عامة، ولا أكون كاذباً حين أقول على (الإنسانية كلها)، وهذه الجماعات لا تعيش إلا على الأوهام، ولا تحيا إلا ببيع الوهم لأتباعها، ويعتمد أتباعها على الحماس والمشاعر، ولا يمكن بحال من الأحوال الاستعانة بعقولهم لنقد ما يحملونه من أفكار، أو محاولة أتباعها عقد مقارنة بسيطة بين أفكارهم وأفكار مَن يعارضهم وينتقدهم، فلا يمتلكون ملكة النقد والتمييز.
إن إشاعة التفتح على الآراء الأخرى والمقارنة بين الأقوال وعدم الانتصار لرأي الجماعة يجتث أصول الهوى أو التعصب الشخصي لرؤساء هذه الجماعات، ويساعد الأفراد المنتمين لهذه الجماعات والجادين في التخلص منها على تكوين أصالة الفكر والنقد وتكوين الشخصية المميزة التي تفرق بين الفكر الوسطي والفكر المتطرف، ويساعدهم في آخر المطاف على دخولهم في مصاف العمل الوطني لا العمل وفق أجندات متطرفة.
إنّ إحياء النقد للأفكار المتطرفة يساعد على رجوع كثير من الشباب المغرر بهم، ويتيح النظر والموازنة الموضوعية الدقيقة بين الآراء والأقوال المخالفة وبين الأقوال الصحيحة، ولا ينقضي عجبي من حال هؤلاء أنهم يبتعدون عن مراجعة أفكارهم ولا يقبلون نقدها وإظهار عوارها وتفنيد شبهاتهم مع أن في القرآن الكريم كثيراً من النقد، بل تعتمد أصول النقد على القرآن الكريم، ففيه انتقادٌ لكثير من السلوكيات والأفكار السيئة التي تخالف الفطر السليمة، كما أن في حوار الأنبياء مع أقوامهم مادة غنية للإرشاد إلى منهج النقد، وقد حفلت أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله بالكثير من المواقف التي تقرر منهج النقد، حيث قام في مرات كثيرة بالتوجيه والتصحيح لبعض السلوكيات التي تخالف أو لا تناسب تعاليم الدين الحنيف.
إن الأشخاص المنتمين لهذه الجماعات يغلب عليهم الانفراد بالرأي، ولا يحبون النقد وبيان الحق، ويبتعدون أشد البعد عن نقد أفكارهم، ولا يجدون في الفكر والنقد رحابة صدر لهم، وهو ما يخالف أصول النقد والانفتاح على الآراء الأخرى، ولذا ينادي الوطنيون دائماً على ضرورة التفكير وإعمال العقل والرجوع لمصاف العمل الوطني بدلاً من التقوقع داخل جماعات تحمل أفكاراً معادية للمجتمعات والإنسانية.