الجمعة 22 نوفمبر 2024 06:13 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

سحر عزام

الدكتور مشالي ..بطل حكايتى !

سحر عزام

قبل أن أكتب هذه السطور، كنت أتحدث عن بطل الحكاية، وبطل الحكاية هو رجل آثر أن يكون في الظل مداوياً جروح الفقراء، ومخففاً آلامهم، وسبباً في شفاء أسقامهم، قادته الأقدار في بداية عمله الطبي أن يكون تكليفه في قرية من قرى مصر الريفية، وهو بالمستشفى سمع غلاماً في مقتبل العمر أصيب بمرض السكر، وطلب من أمه أن تشتري له حقنة الأنسولين، فقالت له أتعرف معنى أن أشترى لك حقنة الأنسولين، معناها أن أخوة لك ينامون بدون طعام، فقرر الرجل منذ هذه اللحظة أن يهب نفسه للفقراء.

وبدون أي "شو إعلامى"، كان حقاً من الأتقياء الأخفياء، وبالرغم من عمله طوال 50 عاماً، وسعر الكشف عنده لا يتجاوز 5 جنيهات إلا أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يكافئه، لينعاه في آخر حياته التي قضاها مع "الغلابة"، كبار القوم، وعظام الرجال، فقد ذرفت عيني دمعاً وأنا أقرأ نعي فضيلة الإمام الأكبر له على صفحته الرسمية، حيث قال عنه الإمام الطيب، الرجل الصالح، «رحم الله طبيب الغلابة الدكتور محمد مشالي، وأسكنه فسيح جناته، ضرب المثل في الإنسانية، وعلم يقينًا أن الدنيا دار فناء، فآثر مساندة الفقراء والمحتاجين والمرضى، حتى في آخر أيام حياته، فاللهم أخلف عليه في دار الحق، وأنزله منزلة النبيين والصديقين والشهداء.. إنا لله وإنا إليه راجعون».

لقد ضرب الدكتور مشالي أروع الأمثلة في القيام بمهام عمله، فلم يستغل علمه، ليتاجر بآلام البسطاء، ولكنه كان معاوناً لهم، مساعداً لهم، فاستحق أن يكون ولياً، ولا عجب في ذلك، فالحديث النبوي الشريف يقول" إن لله عباداً اختصهم بقضاء حوائج الناس، حببهم إلى الخير وحبب الخير إليهم، إنهم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة"، لقد قنع ورضي هذا الرجل بأن يكون في قلب البسطاء، فقال:" لقد اعطتني الدينا اكثر مما اتمني واكثر مما استحق "، أي عينة رجال هذه؟ بكل تأكيد عينة ضاعت بين الصراع على الدنيا وجمع الأموال، حتى ولو على حساب آلام الناس.

لقد شاهدت له مقطعاً عُرض عليه فيه عيادة كبيرة في أكثر الأماكن حيوية في طنطا، وطقم طبي، واعطائه مليوني جنيه، وأمام ذلك كله سماعة كشف طبي، فاختار السماعة، وعندها ذهل المذيع وقال له اتختار السماعة ب80 جنيهاً وتترك مليوني جنيه، قال ولو مثل ذلك 10 مرات، لقد اخترت أن أكون وسط البسطاء، ولا عجب في ذلك، فالقرآن الكريم قال الله سبحانه وتعالى فيه " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله" صدق الله العظيم. فهل يخلف الله علينا برجل مثل الدكتور مشالي؟ رحم الله الدكتور مشالي وأسكنه فسيح جناته.

الدكتور محمد مشالى طبيب الغلابة شيخ الازهر وفاة الدكتور مشالى مقالات