الجمعة 22 نوفمبر 2024 03:53 مـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

أسهل من الشرف مافيش

محمد يوسف

"أحلى من الشرف مافيش" مقولة يحفظها المصريون عن ظهر قلب ، أطلقها الفنان الراحل توفيق الدقن وهو يمثل أحد أدوار الشر التي عرف بها ، لكن بكل أسف هذه المقولة انقلبت الآن لتصبح "أسهل من طعن الشرف مافيش" في إشارة لحالة الاستمتاع بالفضائحية والخوض في الأعراض على النحو الذي شهدناه على مدار الأيام القليلة الماضية .

فكما النار في الهشيم انتشرت خلال الأيام الماضية فضيحة بطلها زوج شهر بزوجته الطبيبة البيطرية متهماً إياها بتصوير 40 فيديو جنسي ، معلناً أنه اكتشف تفاصيل الواقعة الإباحية بالصدفة وهو يعبث بـ"فلاشة" زوجته ، وتسابقت بعض المواقع الإخبارية والصحف المطبوعة في نشر تفاصيل الفيديوهات والصور المضبوطة للزوجة وعنونت هذه القضية بفضيحة "عنتيلة المحلة" ، في إشارة إلى التسجيلات الجنسية السابقة لما عرف بعنتيل المحلة الذي مارس الرذيلة مع عشرات النساء .

الكارثة الأخلاقية في هذه الواقعة أنه على الطرف الآخر ترددت أنباء شبه مؤكدة أن الواقعة غير صحيحة بالمرة وأن الزوج افتعل هذه الأزمة للانتقام من زوجته والتشهير بها لوجود خلافات عائلية بينهما ، وهنا أصبحنا أمام رواية مغايرة تماما لما تداولته وسائل الإعلام مما يحتمل معه أننا قد ارتكبنا جريمة مكتملة الأركان بحق انسانة لا ذنب لها سوى أنها وقعت فريسة لزوج "ديوث" ووسائل إلام لا تتحرى الدقة ولا هم لها سوى جذب القراء وممارسة هواية "ركوب الترند" الملعونة .

لكن في واقع الأمر فإن القضية لها أبعاد أخطر كثيراً من حدود هذه الواقعة التي بين أيدينا .. فرغم أن أسهل توصيف للأزمة بإلقاء اللوم على وسائل الإعلام سواء مواقع إخبارية أو سوشيال ميديا ، لكن لا يمكن بأية حال من الأحوال إنكار حقيقة دامغة في غاية الأهمية هي أن الموضوع أصبح سلوكاً نفاجأ به كل يوم ، فحين يتجرد زوج نل من كل معاني الشرف والفضيلة ويتعامل بمنتهى الخسة مع زوجته على هذا النحو الإجرامي ويطعن في شرفها ويمتهن كرامتها فنحن بلا أدنى شك أمام ظاهرة خطيرة .

ولعله عني عن البيان باقي الجرائم العائلية التي ترتكب خلف الأبواب المغلقة ويكون بكل أسف أبطالها أب أو ابن أو أخ يستبيح شرف المحرمات .. فنحن أيضاً أمام زلزال اجتماعي خطير ، وهذا ما يدعونا لعدم تحميل الذنب كله على وسائل الإعلام ودورها في نشر مثل هذه المصائب أو اغفال دورها في النفخ في النار ، وإن كان لا يعفيها من الاشتراك في الوحل ، لكن الأهم في نظرنا البحث عن علاج لهذا الشرخ الأخلاقي الذي يهز أرجاء المجتمع .

قد يقول قائل أن مثل هذه الجرائم وأكثر منها موجودة ومعروفة منذ بدء الخليقة ، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر أنها طفت على السطح ربما أكثر من أي وقت مضى حتى أصبحنا نستورد المقولة الخالدة مع بعض التعديل : نعيب على الإعلام والعيب فينا .. وليس للإعلام عيب سوانا .

الخلاصة إذاً .. أننا نحتاج على وجه السرعة لتضافر كل هيئات ومؤسسات المجتمع لإيجاد توصيف سليم لهذه الحالة من السيولة الأخلاقية التي تنذر بخطر داهم ، ومن ثم البحث عن حلول واقعية وغير تقليدية لمثل هذه الظواهر السلبية حتى لا نفاجأ بالانحدار إلى هوة سحيقة لا يعلم مداها إلا الله .

أسهل من الشرف مافيش اخبار مصر