الجمعة 22 نوفمبر 2024 08:53 صـ 20 جمادى أول 1446هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

آراء وكتاب

الزواج والطلاق منطلقات فلسفية وسياقات اجتماعية

د. فاطمة حسين

‫الزواج رباط ديني واجتماعي مقدس، يكلل في إطار شرعي العلاقات الشخصية بين الجنسين، له قواعده وأحكامه، التي قدسته في مختلف الاديان، ومنها حتى احكام انهائه التي تبلورت في مفهوم واحد وان تعددت مسمياته الان انها تعبر في النهاية عن حكم الطلاق والذي تجاوز حدود الحكم ليتحول الى ظاهرة اجتماعية لها سياقاتها وابعادها السلبية في مجتعنا المصري.‬

‫فقد أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري تقريراً حديثاً كشف من خلاله عن إرتفاع نسب الطلاق في مصر بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة.‬
‫وأشار التقرير إلى تراجع معدلات الزواج بين المصريين مطلع عام،في مقابل ارتفاع معدلات الزواج ، الامر الذي يشير الى اننا بصدد خلل في البناء الاجتماعى القائم على التوازن الذي يكفل البقاء والاستقرار الاجتماعى. ‬

‫غير ان وجود هذا الخلل يقترن بالعديد من المظاهر ذات الصلة بارتفاع معدلات الرفض الاجتماعي والنفور والصراع الاجتماعي وغيرها من المظاهر التي تقود في نهاية المطاف الى ما اصبحنا نشهده من مشاكل وصراعات تؤدي الى ردود افعال متطرفة منها قتل الزوجة لزوجها ولابنائها والعكس، ومنها ايضا هروب رب الاسرة، وتشرد الابناء، وزيادة عدد اطفال الشوارع وغير ذلك. ‬

اقرأ أيضاً

‫وفي هذا السياق أكد خبراء علم نفس والاجتماع أن هناك مجموعة من العوامل تكمن وراء ظاهرة الطلاق؛ أبرزها سوء الاختيار بين الطرفين وغياب التكافؤ، إضافة إلى تدخل الأهل في حياة ابنائهم، وكذلك الحالة الاقتصادية، وعدم وجود برامج تأهيل للمقبلين على الزواج للتعريف بتحدياته وكيفية التغلب على المشكلات.‬

‫ويضاف الى ما سبق ‬الاستخدام الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي، وإفشاء الأسرار المنزلية مع الأصدقاء وزملاء العمل، والخيانات الزوجية بصورها المختلفة، وأخيرا عدم الاتفاق بين الزوجين وعدم قدرتهم على تحمل المسؤولية. و وجود العديد من الفروق الاقتصادية والتعليمية بين الزوجين. ومعاملة الزوج لزوجته بطريقة قاسية وشديدة مما يجعلها تُفضل الطلاق على الاستمرار معه او العكس. فضلا عن قيود الزواج والتي تترك شروخا متصدعة في العلاقة بين الزوجين بعد الزواج. والتغييرات التي تطرأ على بعض الشخصيات بعد الزواج.

أيضا فقدان الصبر والتحمل فالعديد من الأزواج تنخفض لديهم القدرة على الصبر والتحمل تحديدًا اتجاه بعضهما البعض، فقد تمر السنوات وتزداد المشاكل المتراكمة وقد يزداد الأمر سوءًا أيضًا عندما ينجبون الأطفال ويزداد العبء عليهم، وقد يبدأون بالبحث عن سبل الطلاق.
وكذلك عدم اتفاق العائلات فقد لا يتفق أهالي الزوجين مع بعضهم البعض، وقد يؤدي هذا في معظم الحالات إلى حدوث توترات عديدة قد تؤدي إلى طلاق الأبناء، وفي الحالات التي يقوم بها والد ووالدة الزوج أو الزوجة بالتدخل بشكل مبالغ فيه في علاقة الأبناء قد تحدث نزاعات يكون سببها الرئيس هذا التدخل، وهذه الحالات شائعة خاصة عند بعض الأزواج ممن يعتمدون ماديًا على اسرهم. وأيضا الغيرة والحسد، وسبب الغيرة بين الزوجين يكمن في انعدام الثقة بين الطرفين، لاسيما أن الحياة الزوجية الناجحة تستند بشكل أساسي على الشعور بالأمن والثقة، وإن اختفت هذه المشاعر فقد تصبح الحياة الزوجية عقيمة وقد ينتهي المطاف بطلب الطلاق، كما أن انعدام الثقة بين الزوجين هو مرتبط في الأساس بمرحلة الطفولة، والحالة النفسية، وكذلك خلفية العائلة التي أنجبت هذا الزوج أو الزوجة.

فضلا عن الفوارق الاجتماعية والثقافية، فبعد فترة من الزواج، ينتبه الزوجان أو أحدهما أن شريك الحياة مختلف عنه في عدة أمور، ولا يجمعه به إلا سقف واحد يكاد ينهار على رأسيهما بسبب حدة الخلافات التي تنشأ بينهما.
فالمستوى الثقافي والاجتماعي وحتى طريقة التفكير، والتعامل مع ضغوط الحياة، وحتى فارق السن بينهما، كل هذه العوامل تتدخل لتحديد شكل العلاقة التي تجمع بين الزوجين اللذين وصلا إلى مرحلة من “الاكتفاء” أو الملل الذي يؤدي إلى “ضمور” المشاعر بينهما وبالتالي حصول ما يعرف بالطلاق العاطفي. وكذلك عدم الاهتمام فقد يؤدي توقف أحد الزوجين عن مدّ الآخر بالاهتمام اللازم ، وعدم التعبير عن مدى احتياجه اليه والرغبة في العيش معه، إلى حدوث الطلاق النفسي.

ناهيك عن الملل الزوجي فبعد مرور سنوات طويلة على الزواج، يبدأ الملل يتسرب إلى الحياة الزوجية وينزع عنها البهجة والاشتياق والحب، خاصة عندما لا يحاول الزوجان تجديد حياتهما، وطبيعي جدا أن يتوقف القلب عن ضخ مشاعر الود والوصال. واخيرا المرض والتقدم في العمر
اذ يؤدي المرض أو التقدم في العمر إلى تغيّر ملامح الوجه، وضعف البدن، واضطراب الحالة النفسية، وهو يدفع بالطرف الذي اختار شريكه على أساس الجمال والشباب إلى التأثر على النحو الذي يجعله ينسحب من حياته وكأنه لا يريد أن يعرفه.

ولتفادي الطلاق يجب الحفاظ على التواصل بين الزوجين فهو من أساسيات العلاقة السليمة، إذ إن التحدث في كل ما يخص شؤون الحياة الخاصة والعامة يعزز العلاقة فيما بين الزوجين فضلا عن التسامح الاتسام بالمرونة وتواجد الاحترام المتبادل و عدم المبالغة في رد الفعل.

الزواج والطلاق منطلقات فلسفية وسياقات اجتماعية الزواج رباط ديني واجتماعي مقدس إطار شرعي العلاقات الشخصية بين الجنسين الدكتورة فاطمة حسن نائب رئيس جامعة بنى سويف المجلس القومي للمرأة